الحرم الإبراهيمي في مرمى التهويد الإسرائيلي وسط قيود مشددة على المصلين

الحرم الإبراهيميّ.jpg

يتعرض الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل لواحدة من أخطر مراحل التهويد الممنهج، حيث تكثف سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءاتها الاستيطانية والانتهاكات المتواصلة، خاصة خلال شهر رمضان، في محاولة لفرض واقع جديد يعزز السيطرة الإسرائيلية على هذا المعلم الإسلامي المقدس.

في ظل هذا التصعيد، عقد وزير الأوقاف والشؤون الدينية، محمد مصطفى نجم، اجتماعًا موسعًا لمناقشة التطورات الأخيرة، بحضور عدد من المسؤولين، من بينهم مدير عام أوقاف الخليل، الشيخ جمال أبو عرام، ومدير الحرم الإبراهيمي، الشيخ معتز أبو سنينة. وشدد المجتمعون على خطورة الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف الحرم، مؤكدين أن الاحتلال يسعى إلى تغيير معالم المسجد وفرض سيطرته الكاملة عليه عبر مخططات تهويدية متسارعة، أبرزها مقترح إقامة سقف جديد للحرم، وهي خطوة تُهدد طمس هويته الإسلامية والتاريخية.

إجراءات إسرائيلية غير مسبوقة وتحكم في الدخول

تتجسد مظاهر السيطرة الإسرائيلية المتزايدة في القيود المشددة المفروضة على دخول المصلين المسلمين، حيث تُغلق الحواجز المؤدية إلى الحرم، ويتم منع من هم دون 25 عامًا من الوصول إليه، بينما يُسمح للمستوطنين باقتحامه بحرية وإقامة طقوسهم التلمودية داخله. ورفض الاحتلال تسليم الحرم للأوقاف كما جرت العادة خلال أيام الجمعة من شهر رمضان، في خطوة وصفها المسؤولون الفلسطينيون بأنها "سابقة خطيرة تهدف إلى فرض أمر واقع جديد".

وأكد الشيخ جمال أبو عرام أن الاحتلال حاول تسليم أجزاء فقط من الحرم، إلا أن الأوقاف رفضت ذلك بشدة، مشيرًا إلى أن القبول بهذا الطرح يعني الاعتراف الضمني بشرعية الوجود الإسرائيلي داخل المسجد.

الحرم يتحول إلى "ثكنة عسكرية" والمستوطنون يستبيحونه

تشير التقارير الميدانية إلى أن الاحتلال حول الحرم الإبراهيمي إلى منطقة عسكرية مغلقة، حيث انتشرت البوابات الإلكترونية والأسلاك الشائكة والحواجز التي تُعرقل وصول المصلين. وبدلًا من أن يكون المسجد مكانًا للصلاة والعبادة، أصبح ساحة اقتحامات يومية للمستوطنين الذين يُسمح لهم بالدخول بحرية وأداء طقوسهم التلمودية، في مشهد يعكس السعي لتهويد المسجد بالكامل.

استهداف الأسواق وإضعاف الوجود الفلسطيني

لم تقتصر إجراءات الاحتلال على المسجد فقط، بل امتدت إلى أسواق البلدة القديمة، التي كانت تشهد نشاطًا كبيرًا خلال شهر رمضان، لكنها تحولت إلى شبه منطقة مهجورة بسبب الحواجز العسكرية الإسرائيلية التي تُضيّق على التجار والمواطنين. وتسببت هذه الإجراءات في إضعاف الحضور الفلسطيني في البلدة القديمة، وهو ما يصب في مصلحة مشاريع التهويد والاستيطان.

مشاريع تهويدية تستغل الوضع السياسي والأمني

يحاول الاحتلال استغلال الأوضاع الإقليمية، خاصة العدوان المستمر على غزة، لتنفيذ مشاريع تهويدية كبرى داخل الحرم الإبراهيمي، تشمل تركيب مصعد كهربائي جديد داخل المسجد، وإقامة سقف يغطي ساحاته، بهدف طمس معالمه الإسلامية وإضفاء طابع يهودي عليه. ويرى المختصون أن هذه الإجراءات ما هي إلا امتداد لمجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، التي كانت نقطة تحول في فرض السيطرة الإسرائيلية التدريجية عليه.

تحذيرات ودعوات للتحرك العاجل

حذر الشيخ مصطفى شاور، أحد علماء الخليل، من خطورة ما يحدث داخل الحرم الإبراهيمي، مؤكدًا أن الاحتلال يسعى إلى تكرار سيناريو المسجد الأقصى، وتحويل الحرم إلى كنيس يهودي بالكامل. ودعا الجهات الرسمية والشعبية إلى التحرك العاجل لمواجهة هذه المخططات، مشددًا على أن الصمت الدولي والإقليمي تجاه هذه الجرائم يُشجع الاحتلال على المضي قدمًا في تهويد المقدسات.

مطالب فلسطينية عاجلة لحماية الحرم الإبراهيمي

أمام هذه الانتهاكات المتواصلة، طالبت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بضرورة تحرك المجتمع الدولي لحماية الحرم الإبراهيمي من التهويد الإسرائيلي، داعيةً منظمة اليونسكو إلى تفعيل قراراتها السابقة باعتبار الحرم الإبراهيمي موقعًا تراثيًا إسلاميًا خالصًا. كما شددت على ضرورة ممارسة ضغوط دولية لإلزام الاحتلال بوقف الاعتداءات ورفع القيود المفروضة على المصلين الفلسطينيين.

واقع خطير يستدعي مواجهة حاسمة

المشهد داخل الحرم الإبراهيمي يعكس واقعًا خطيرًا من محاولات التهويد وفرض السيطرة الإسرائيلية بالقوة، في وقت تواجه فيه السلطة الفلسطينية والمنظمات الحقوقية تحديًا حقيقيًا لوقف هذه الانتهاكات. ومع استمرار الاحتلال في تنفيذ مخططاته، يصبح الحرم الإبراهيمي مهددًا أكثر من أي وقت مضى بفقدان هويته الإسلامية، وهو ما يتطلب موقفًا فلسطينيًا ودوليًا موحدًا للحفاظ على قدسيته وإحباط المحاولات الإسرائيلية لفرض واقع جديد.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الخليل