الضفة الغربية – كشفت تقارير إسرائيلية، استنادًا إلى بيانات رسمية من جيش الاحتلال، عن ارتفاع حاد في وتيرة العنف الذي يمارسه المستوطنون والجنود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسياسية. ووفقًا للمعطيات، شهد العام الجاري زيادة بنسبة 30% في الجرائم القومية التي تستهدف الفلسطينيين، مع تسجيل 139 اعتداء منذ بداية العام، ما يشير إلى تصاعد غير مسبوق مقارنة بالأعوام السابقة.
تفشي العنف وسط غياب المساءلة
يرى مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن حالات الاعتداء على الفلسطينيين باتت أكثر انتشارًا، مع تزايد تورط الجنود في أعمال العنف ضد المدنيين. وبحسب المصادر، فإن التحقيقات في هذه الحوادث غالبًا ما تُفتح فقط عند وجود توثيق مصوّر، بينما يتم تجاهل معظم الشكاوى المقدمة من الفلسطينيين. وأشارت التقارير إلى أن الشرطة العسكرية الإسرائيلية تتعامل ببطء شديد مع هذه القضايا، ما يسمح لمرتكبي هذه الجرائم بالإفلات من العقاب.
المستوطنون يواصلون الهجمات والجيش يكتفي بالمراقبة
إلى جانب العنف الصادر عن الجنود، تفاقمت اعتداءات المستوطنين في مناطق الضفة الغربية، حيث شهدت الأشهر الأخيرة موجة من الهجمات على القرى الفلسطينية، تضمنت إحراق منازل ومركبات، والاعتداء المباشر على المدنيين. في العديد من الحالات، لم تتخذ قوات الاحتلال أي إجراءات لمنع هذه الاعتداءات، بل يُتهم بعض الجنود بالتواطؤ أو حتى المشاركة في هذه الأعمال.
تحقيقات شكلية وموقف متساهل من القيادة العسكرية
جيش الاحتلال زعم أنه يتعامل مع هذه الحالات بجدية، مشيرًا إلى أنه فتح تحقيقات داخلية واتخذ إجراءات تأديبية بحق بعض الجنود المتورطين. لكن تقارير أخرى تؤكد أن هذه الإجراءات شكلية، ولا تتجاوز نطاق المناورة الإعلامية لاحتواء الانتقادات الدولية.
حالة استنزاف أم تبرير للعنف؟
يرى قادة الجيش أن "الاستنزاف المستمر للقوات" هو أحد أسباب تصاعد هذه الظاهرة، حيث يعمل العديد من الجنود لفترات طويلة دون راحة، ما يؤدي إلى سلوكيات مفرطة وغير منضبطة. لكن منظمات حقوقية فلسطينية ودولية تؤكد أن هذه الاعتداءات ليست مجرد حوادث فردية، بل تعكس سياسة ممنهجة لترويع الفلسطينيين، وخلق بيئة قسرية تهدف إلى تهجيرهم من أراضيهم.
انعكاسات سياسية وأمنية
تزامن تصاعد العنف في الضفة الغربية مع السياسة المتشددة لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تضم وزراء من التيار اليميني المتطرف، مثل إيتمار بن غفير، الذين يدعمون بشكل غير مباشر هذه الهجمات. ومن شأن استمرار هذه الاعتداءات أن يزيد من حدة التوتر، ويفتح الباب أمام موجة جديدة من المواجهات، في وقت تحذر فيه جهات أمنية من احتمالية تصاعد المقاومة الفلسطينية كرد فعل على هذا التصعيد.
الواقع الميداني ومستقبل التوترات
في ظل هذا التصعيد، تظل القضية الأساسية متمثلة في غياب أي مساءلة حقيقية للمستوطنين أو الجنود المتورطين في هذه الجرائم، مما يعكس سياسة إفلات من العقاب، ويسهم في استمرار دوامة العنف في الضفة الغربية. وبينما تحاول إسرائيل الترويج لرواية مفادها أن هذه التصرفات حالات فردية، تؤكد الوقائع على الأرض أن الأمر يتجاوز كونه مجرد انتهاكات معزولة، ليكون جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى فرض واقع جديد في الأراضي الفلسطينية.