التطبيع مع لبنان على طاولة إسرائيل.. والمستوطنون في الشمال يعترضون

لبنان التطبيع.png

القدس المحتلة - في ظل تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية، أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن بدء مفاوضات مع لبنان بشأن ترسيم الحدود البرية، في خطوة تصفها بأنها جزء من "خطة واسعة وشاملة" تهدف إلى تحقيق التطبيع مع بيروت. لكن هذه الخطوة أثارت قلقًا واسعًا في المجتمعات الإسرائيلية القريبة من الحدود، التي تخشى أن يكون أي اتفاق على حساب أمنها، خاصة في ظل وجود "حزب الله" كقوة مؤثرة في لبنان.

إسرائيل تسعى للتطبيع مع لبنان

كشف مصدر سياسي إسرائيلي أن سياسة حكومة بنيامين نتنياهو تهدف إلى توسيع دائرة التطبيع في المنطقة، مضيفًا أن التطورات الأخيرة في لبنان تتيح فرصة جديدة لهذا المسار. وقال المصدر: "كما أن للبنان مطالب حدودية، لدينا أيضًا مطالب، وسنناقشها في إطار الجهود الدبلوماسية الحالية".

وكان مكتب رئيس الوزراء قد أعلن عن اجتماع رباعي عُقد في الناقورة، ضم ممثلين عن جيش الاحتلال، والولايات المتحدة، وفرنسا، ولبنان، حيث تم الاتفاق على إطلاق سراح خمسة معتقلين لبنانيين كبادرة "حسن نية" تجاه الحكومة اللبنانية الجديدة، التي يقودها الرئيس جوزيف عون.

قلق إسرائيلي من المخاطر الأمنية

رغم المحادثات السياسية، عبّر رؤساء المستوطنات والمجالس الإسرائيلية القريبة من الحدود اللبنانية عن قلقهم الشديد من هذه الخطوة، محذرين من أنها قد تؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة. ففي رسالة موجهة إلى نتنياهو، حذر رئيس مجلس مستوطنة المطلة، ديفيد أزولاي، من أن "سكان الشمال ليسوا مستعدين لأن يكونوا رهائن لاتفاقيات قد تُعرضهم للخطر"، مشددًا على ضرورة "ضمان الأمن المطلق قبل أي مبادرات دبلوماسية".

وفي السياق نفسه، قال رئيس مستوطنة مارغاليوت، إيتان دافيدي، في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت": "سنُسلّم أمن السكان إلى حزب الله. الجيش اللبناني هو مجرد غطاء للحزب، ومن غير المقبول أن نقوم بهذه الخطوة دون ضمان حماية سكان الشمال".

دوافع إسرائيلية سياسية وعسكرية

بحسب مصادر سياسية إسرائيلية، فإن المحادثات مع لبنان تأتي ضمن رؤية أوسع تسعى إلى تقليل النفوذ الإيراني في المنطقة وتعزيز الاستقرار على الحدود الشمالية. لكن مراقبين يرون أن حكومة الاحتلال تستخدم هذه الخطوة سياسيًا في محاولة لتقديم إنجاز دبلوماسي وسط الأزمات الداخلية والضغوط السياسية المتزايدة التي يواجهها نتنياهو.

ويحاول الاحتلال دعم الرئيس اللبناني جوزيف عون في مواجهة القوى المناوئة له، مثل "حزب الله" وحركة "أمل"، واللتين تعارضان أي انخراط لبيروت في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل. وقال مصدر إسرائيلي: "أطلقنا سراح المعتقلين اللبنانيين لمنح الرئيس عون ورقة سياسية قوية، ليُظهر لشعبه أنه حقق مكاسب دون إطلاق رصاصة واحدة، على عكس حزب الله الذي جرّ لبنان إلى الدمار".

الحدود وخط التفاوض

تشمل المفاوضات عدة ملفات حساسة، أبرزها المناطق الحدودية المتنازع عليها، والتي لا تزال إسرائيل تسيطر على أجزاء منها. وأوضح مسؤول إسرائيلي أن المحادثات قد تؤدي إلى اتفاق سياسي بين الطرفين، لكنه شدد على أن أي تنازل إسرائيلي سيكون وفق "رؤية شاملة للمزايا والعيوب"، مع الاعتراف بأن "حزب الله لا يزال لاعبًا رئيسيًا في لبنان".

تشكيك لبناني في نوايا الاحتلال

في المقابل، أعربت مصادر لبنانية، عبر صحيفة "الأخبار"، عن تشكيكها في نوايا الاحتلال، مؤكدة أن الحكومة اللبنانية لم توافق على أي تنازلات، وأن إطلاق سراح المعتقلين جاء استجابة لضغوط أمريكية وليس بادرة إسرائيلية. ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن الرئيس اللبناني طلب من واشنطن التدخل في ملف الأسرى اللبنانيين، وهو ما تم ربطه باتفاق تمديد وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا.

خاتمة

فيما تسعى إسرائيل إلى تطبيع العلاقات مع لبنان، لا تزال المخاوف الأمنية على الحدود الشمالية تتفاقم، مع رفض سكان المستوطنات أي اتفاق لا يضمن أمنهم بشكل كامل. ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه المحادثات في إحداث اختراق دبلوماسي بين الطرفين، أم أنها مجرد خطوة تكتيكية ضمن لعبة سياسية أوسع في المنطقة؟

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة