في شوارع غزة المزدحمة، لم يعد انتظار الخبز مشهدًا عابرًا، بل صار جزءًا من الحياة اليومية. طوابير طويلة تمتد أمام المخابز القليلة التي لا تزال تعمل، بينما يسير آخرون لمسافات بعيدة بحثًا عن ربطة خبز قد لا يجدونها.
المخابز التي كانت تضج بالحركة في رمضان، أغلقت أبوابها بسبب نقص الغاز والوقود، بعدما شددت سلطات الاحتلال حصارها على القطاع، ما أدى إلى أزمة غذائية خانقة.
يقول سهيل حسونة، وهو أب لخمسة أطفال: "أقف في الطابور لساعات، وعندما أصل إلى نافذة المخبز، قد لا يكون هناك شيء متبقٍ. أحيانًا أضطر لشراء الخبز بأسعار باهظة من السوق السوداء."
أما محمد أبو شمالة، فقد اضطر إلى اللجوء إلى التكايا الخيرية، حيث يتم توزيع وجبات الإفطار الرمضانية، قائلاً: "لم يعد بإمكاننا توفير الخبز يوميًا، لذلك نعتمد على وجبات التكايا لتأمين الغذاء لأطفالنا."
محمود أبو السعيد، الذي كان يمتلك مخبزًا، يعاني اليوم من نفس الأزمة التي يواجهها زبائنه السابقون: "نملك المعدات والدقيق، لكن من دون الغاز، لا يمكننا تشغيل المخبز."
وسط هذه المعاناة، حذرت منظمات دولية من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أكدت الأمم المتحدة أن القطاع يواجه أسوأ أزمة غذائية في تاريخه، مع نقص حاد في المياه والطعام والوقود.
على الصعيد السياسي، انتقد مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء، مايكل فخري، استمرار منع الاحتلال دخول المساعدات، معتبرًا أن التجويع الجماعي يعد جريمة حرب.
وبينما تتعالى الأصوات المطالبة بفك الحصار، لا تزال غزة تقاوم يومًا بعد يوم، وسط أمل بأن تحمل الأيام القادمة حلاً لأزمة بدأت تتجاوز حدود الاحتمال.