شهدت الحكومة الفلسطينية التاسعة عشرة، برئاسة الدكتور محمد مصطفى، تحديات كبيرة في تنفيذ خطط الإصلاح المعلنة، وفقًا لما كشف عنه التقرير الرصدي للربع الثالث من عام 2024 الصادر عن ائتلاف "أمان" للنزاهة والمساءلة. يسلط التقرير الضوء على مجالات متعددة تشمل الإغاثة وإعادة الإعمار، الاستدامة المالية، والإصلاح المؤسسي، بالإضافة إلى تعزيز سيادة القانون والديمقراطية.
الإغاثة وإعادة الإعمار: استجابة غير كافية رغم الحاجة الملحة
مع استمرار التدهور الإنساني في قطاع غزة، أصدرت الحكومة مجموعة من القرارات المتعلقة بالإغاثة وإعادة الإعمار، تضمنت تخصيص موازنات تقديرية لدعم البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية. ومع ذلك، يشير التقرير إلى أن هذه الجهود لم تكن كافية بالنظر إلى حجم الدمار والاحتياجات المتزايدة للسكان.
أبرز القرارات الحكومية:
تخصيص ميزانيات طارئة لدعم القطاع الصحي والمياه في غزة. تشكيل لجنة وطنية لإدارة المساعدات الإنسانية. اعتماد استراتيجيات لتعزيز الاستجابة الإنسانية وتنسيق الجهود الدولية.
لكن التقرير أشار إلى أن غياب خطط تنفيذية واضحة وآليات رقابة فعالة يعيق تحقيق تقدم ملموس في ملف إعادة الإعمار.
المالية العامة والاستدامة المالية: إصلاحات محدودة وأزمة مزمنة
في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، ركزت الحكومة على استراتيجيات لتعزيز الاستدامة المالية وتقليل العجز في الموازنة العامة. إلا أن التقرير يبرز أن الجهود المبذولة لا تزال غير كافية لمعالجة التحديات الجوهرية التي تشمل انخفاض الإيرادات المحلية والاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية.
أبرز التطورات في القطاع المالي:
تشكيل لجنة لدراسة آليات تخفيف الديون على الحكومة. اعتماد خطة إعادة هيكلة القروض الحكومية. تخصيص ميزانية طارئة لدعم مشاريع البنية التحتية والطاقة.
على الرغم من هذه الجهود، يوضح التقرير أن غياب إصلاحات هيكلية حقيقية، مثل تعزيز الشفافية المالية وتحسين آليات تحصيل الضرائب، يشكل عائقًا أمام تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.
الإصلاح المؤسسي وسيادة القانون: خطوات بطيئة نحو التغيير
تناول التقرير أيضًا ملف الإصلاح المؤسسي، والذي شمل جهودًا لإعادة هيكلة المؤسسات الحكومية وتعزيز الحوكمة الرشيدة. ورغم إصدار الحكومة عددًا من القرارات في هذا الشأن، مثل محاربة الفساد وتوحيد الهياكل الإدارية، إلا أن تنفيذ هذه الإصلاحات على أرض الواقع لا يزال بطيئًا.
أبرز ملامح الإصلاح المؤسسي:
تشكيل لجان مختصة بمكافحة الفساد الإداري. تعزيز التعاون بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني. إدخال تحسينات على آليات التوظيف الحكومي لضمان الشفافية.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى ضعف تنفيذ قرارات تعزيز سيادة القانون، حيث لم تصدر الحكومة سوى ستة قرارات تتعلق بتطوير القطاع القضائي وتعزيز الحريات العامة.
الديمقراطية وحقوق الإنسان: تحديات في ظل غياب المجلس التشريعي
يؤكد التقرير أن غياب المجلس التشريعي منذ عام 2007 أدى إلى فراغ تشريعي أثر بشكل مباشر على عملية المساءلة والمراقبة، مما يجعل من الصعب قياس مدى التزام الحكومة بتعهداتها في مجال حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.
أبرز التحديات في هذا المحور: ضعف قنوات التواصل بين الحكومة والمجتمع المدني. غياب التشريعات الداعمة لحقوق الإنسان والحريات العامة. عدم وجود خطوات ملموسة نحو إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
خلاصة التقرير: الحاجة إلى نهج أكثر فعالية
خلص التقرير إلى أن الحكومة الفلسطينية التاسعة عشرة أظهرت بعض التحركات الإيجابية في مسار الإصلاح، لكنها لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف المعلنة. ويتطلب تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية اتخاذ خطوات أكثر جرأة في مجالات الشفافية المالية، وتعزيز سيادة القانون، والإصلاح المؤسسي.
توصيات التقرير: تسريع تنفيذ خطط إعادة الإعمار في قطاع غزة. تحسين إدارة المالية العامة وتعزيز الشفافية والمساءلة. تعزيز استقلالية القضاء وتفعيل القوانين الداعمة لحقوق الإنسان. تطوير آليات إشراك المجتمع المدني في عملية الإصلاح.
مع استمرار التحديات التي تواجهها الحكومة، تبقى المساءلة والمتابعة المستمرة من قبل مؤسسات المجتمع المدني عاملاً أساسيًا لضمان تحقيق الإصلاحات المطلوبة وضمان مستقبل أكثر استقرارًا لفلسطين.