تل أبيب | تجتمع الحكومة الإسرائيلية اليوم، الخميس، لمناقشة والتصويت على قرار إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، الذي اتهمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لم يعد يحظى بثقته، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والأمنية.
ورغم استدعائه، قرر بار عدم حضور الاجتماع، لكنه بعث برسالة شديدة اللهجة، أكد فيها أن ادعاءات رئيس الوزراء لا تستند إلى أي أساس قانوني أو مهني، متهمًا الحكومة باتخاذ قرار متسرع يخفي دوافع سياسية، ويهدف إلى عرقلة تحقيقات الشاباك في قضية "قطر جيت"، التي يُشتبه بتورط شخصيات بارزة في حكومة نتنياهو فيها.
بار يرفض الإقالة ويهاجم الحكومة
وفي رسالته، قال بار: "إن اتخاذ قرار بإقالتي دون تقديم أدلة واضحة ومبررات قانونية يعتبر سابقة خطيرة. هذه الخطوة لا تتماشى مع القوانين والإجراءات الرسمية المتعلقة بإنهاء خدمة المسؤولين الكبار، خاصة في جهاز حساس مثل الشاباك."
وأضاف أن الحكومة لم تقدم له أي أمثلة على انعدام الثقة المزعوم، مشيرًا إلى أن التبريرات المعلنة مجرد غطاء لأهداف أخرى، قد يكون من بينها إضعاف الشاباك والتأثير على التحقيقات الجارية في عدة قضايا حساسة.
كما أوضح أن قرار استبعاده عن قيادة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن أضر بجهود الإفراج عن المحتجزين، ولم يكن له أي أثر إيجابي على المفاوضات، ما يدحض مبررات الحكومة بشأن ضعف الثقة به.
قضية "قطر جيت" محور الصراع
يبدو أن التحقيق في قضية "قطر جيت"، التي تحقق فيها أجهزة الأمن الإسرائيلية، يقف وراء قرار إقالة بار، حيث أكد في رسالته أن محاولة عزله في هذا التوقيت قد تؤثر سلبًا على مجريات التحقيق، معتبرًا أن ذلك يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي الإسرائيلي.
وقال بار في هذا السياق: "الإضرار بعملية التحقيق عبر محاولة متسرعة ومفاجئة لإقالتي، مدعومة بأسباب واهية، يعكس تضاربًا في المصالح ودوافع سياسية. هذه الخطوة قد تعرّض نتائج التحقيق للخطر، وتضعف قدرة إسرائيل على التعامل مع التهديدات الأمنية."
احتجاجات واسعة وضغوط سياسية
بالتزامن مع اجتماع الحكومة، خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجًا على قرار الإقالة، وسط اتهامات لنتنياهو بمحاولة السيطرة على الأجهزة الأمنية والقضائية لتعزيز نفوذه السياسي.
وأشارت مصادر إلى أن المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، التي كانت قد عارضت القرار، قد تواجه أيضًا خطر الإقالة، مما يزيد من حدة المواجهة بين الحكومة والجهاز القضائي.
المعارضة الإسرائيلية تندد بالقرار
وردًا على هذه التطورات، قال وزير الخارجية السابق جدعون ساعر: "إسرائيل تمر بمرحلة معقدة، وحكومة نتنياهو تتخذ قرارات تضعفها داخليًا وخارجيًا. إقالة رئيس الشاباك في هذا التوقيت تعكس أولويات سياسية لا علاقة لها بالأمن القومي."
كما انتقدت المعارضة ما وصفته بـنهج نتنياهو الاستبدادي في التعامل مع المؤسسات الأمنية، مشددة على أن إقالة رئيس الشاباك قد تكون مقدمة لتحركات أخرى تستهدف الشخصيات الأمنية والقضائية الرافضة لسياسات الحكومة الحالية.
القرار النهائي في يد القضاء
في ظل تصاعد الجدل، من المتوقع أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في الالتماسات المقدمة ضد إقالة بار، وهو ما قد يعرقل تنفيذ القرار أو يؤخره. وكان القضاء قد رفض التماسات سابقة لوقف العزل، معتبرًا أنها سابقة لأوانها، لكنه قد يتدخل بعد تصويت الحكومة رسميًا.
تحليل وتوقعات
قرار إقالة بار يعكس انقسامًا حادًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حيث يرى البعض أن الخطوة قد تؤدي إلى إضعاف الشاباك وإرباك العمليات الأمنية، فيما يراها آخرون محاولة لضبط التوجهات السياسية داخل الجهاز.
توقيت الإقالة حساس للغاية، خاصة مع استمرار الحرب في غزة والتوترات الإقليمية، مما قد ينعكس سلبًا على الاستقرار الأمني.
ردود الفعل الدولية قد تلعب دورًا في الضغط على الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا في ظل متابعات الولايات المتحدة والدول الغربية للأزمة السياسية المتفاقمة داخل إسرائيل.