خطة زامير الصامتة: الاحتلال التدريجي لغزة بدون إعلان حرب شاملة

ايال زامير في رفح.jpg

وسط صمت لافت من رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، تتكشف ملامح خطة ميدانية جديدة في قطاع غزة، تقوم على احتلال تدريجي لمناطق محددة في القطاع، دون إعلان رسمي عن أهداف عسكرية واضحة، في ظل غياب الإجماع الشعبي وتنامي الاحتجاجات الداخلية ضد الحكومة الإسرائيلية.

احتلال بلا مواجهة مباشرة.. ونقل الصراع إلى مرحلة جديدة

بحسب مراقبين إسرائيليين، فإن التحركات العسكرية الأخيرة في غزة لا تهدف بالضرورة إلى هزيمة حماس أو تفكيك بنيتها العسكرية، بل إلى فرض وقائع ميدانية جديدة، عبر السيطرة على أراضٍ وتوسيع مناطق نفوذ الاحتلال داخل القطاع، وربط ذلك بمصير المفاوضات حول ملف الأسرى الإسرائيليين.

ويعكس تصريح وزير الدفاع يسرائيل كاتس هذا التوجه بوضوح، إذ قال مؤخرًا: "أصدرت تعليمات للجيش بالسيطرة على أراضٍ إضافية في غزة مع إخلاء السكان، وكلما استمرت حماس في رفض إطلاق سراح الرهائن، ستخسر المزيد من الأراضي."

زامير يلتزم الصمت.. وتلميحات عن حرب طويلة

رغم تصاعد المؤشرات على تصعيد عسكري منظم ومتصاعد، يواصل رئيس الأركان الجديد إيال زامير سياسة الصمت، تاركًا التحليل للتسريبات والتلميحات، في وقت تشهد فيه إسرائيل تراجعًا في ثقة الجمهور واحتجاجات داخل الجيش ومجتمع الاحتياط.

ورغم صمته الإعلامي، أطلق زامير في خطاب تنصيبه تصريحات مفصلية، أهمها: "حماس لم تُهزم في الحرب، وعلينا الاستعداد لحرب استنزاف متعددة الجبهات."

تصريح يحمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة، يعترف ضمنيًا بفشل الأهداف المعلنة للحرب، ويؤشر على نية المؤسسة العسكرية التحول نحو استراتيجية النفس الطويل في مواجهة غزة.

"الاحتلال الصامت": استراتيجية زاحفة لإعادة فرض السيطرة

تشير المعطيات الميدانية إلى أن الخطة التي يُنفذها جيش الاحتلال، والتي تندرج ضمن ما يوصف بـ"خطة زامير"، لا تشمل هجمات كبرى أو معارك مفتوحة، بل ترتكز على تحركات محدودة ومحسوبة للسيطرة على مناطق خالية من المقاومة، مثل: محيط ممر نتساريم ساحل بيت لاهيا شمال القطاع حي الشابورة في رفح

هذه المناطق خضعت لإخلاء قسري للسكان، ويبدو أن الاحتلال يعمل على منع عودة الأهالي إليها، كجزء من خطة طويلة الأمد لإعادة تشكيل الجغرافيا السكانية والسياسية للقطاع.

غياب التبرير العسكري والتراجع الأخلاقي الدولي

حتى اللحظة، يفتقر الجيش الإسرائيلي إلى تبرير واضح لهذه التحركات، ما يزيد من حجم الانتقادات الداخلية والخارجية، خاصة في ظل تراجع الشرعية الدولية للعملية العسكرية بعد صدور مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو وغالانت، وتعليق توريد الأسلحة الأوروبية، وارتفاع أصوات قانونية تطالب بمحاسبة الجنود الإسرائيليين في الخارج.

رفض حكومي لحل سياسي شامل

تُظهر الخطة الحالية رغبة القيادة السياسية، خاصة نتنياهو وسموتريتش، في منع أي تسوية تؤدي إلى توحيد الحكم الفلسطيني بين غزة والضفة. ويستمر العمل بسياسة "فرق تسد" التي تسعى للإبقاء على حماس في غزة، كوسيلة لتقويض مشروع الدولة الفلسطينية الموحدة.

الجيش في مواجهة "الرفض الرمادي"

في موازاة التصعيد الميداني، يواجه الجيش تحديات داخلية خطيرة، مع اتساع ظاهرة "الرفض الرمادي" في صفوف جنود الاحتياط، الذين يتغيبون عن الخدمة دون إعلان الرفض الصريح، مستندين إلى أعذار نفسية وعائلية. ويعترف قادة الجيش بصعوبة التعامل مع هذه الظاهرة المتنامية، التي تهدد الجاهزية القتالية في حال تطور المواجهة.

هل تتجه إسرائيل إلى نموذج إدارة طويلة لغزة؟

تُظهر تصريحات وتسريبات القادة العسكريين والسياسيين أن إسرائيل تتجه نحو نموذج إدارة عسكرية ممتدة لقطاع غزة، مع محاولة إعادة توطين السيطرة دون كلفة المواجهة الشاملة، وهو سيناريو يثير القلق إقليميًا ودوليًا، ويهدد بانفجار أكبر على المدى الطويل.

المصدر: ترجمة خاصة وكالة قدس نت - القدس المحتلة