"الضغوط القصوى" الإسرائيلية في غزة: هل تُجبر حماس على التنازل؟

دبابة اسرائيلية تستعد لدخول قطاع غزة

تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة "الضغوط القصوى" في قطاع غزة عبر التصعيد العسكري، مع تكثيف القصف والإخلاءات في مناطق متفرقة، في وقت تبحث فيه أطراف إقليمية ودولية فرص التوصل إلى هدنة جديدة، بينما تتمسك حركة حماس بمطلب إنهاء الحرب بشكل كامل كشرط لأي اتفاق.

تأتي هذه التطورات وسط مقترحات وساطة مصرية-أميركية-قطرية تهدف إلى تهدئة الأوضاع قبل حلول عيد الفصح العبري في 20 أبريل الجاري، وسط حديث عن مرونة مشروطة من جانب حماس، مقابل تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في الشمال والجنوب والشرق، تمهيدًا - وفق الإعلام العبري - لـ"تحرك بري واسع".

سياسة الضغط الأقصى: غارات متواصلة وإنذارات إخلاء

أعلن الجيش الإسرائيلي عن مواصلة عملياته ضمن ما وصفه بـ"استراتيجية الضغط الأقصى"، التي تشمل قصفًا جويًا مكثفًا وإخلاء مناطق سكنية، خاصة في شمال القطاع. وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة "إكس"، إن السكان تلقوا "إنذارًا أخيرًا" لمغادرة منازلهم.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن الخطة تشمل زيادة الضغط العسكري على حماس لإجبارها على تقديم تنازلات في ملف الرهائن، تزامنًا مع استمرار المفاوضات "تحت النار"، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

حماس ترفض وقفًا مؤقتًا وتصر على إنهاء الحرب

وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، سهيل الهندي، في تصريح لقناة الجزيرة مباشر، إن الحركة مستعدة لإطلاق سراح الأسرى بشرط وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفتح المعابر بشكل كامل، والبدء بإعادة الإعمار.

ودعا الهندي المجتمع الدولي إلى الوقوف مع الحق الإنساني لأهالي غزة، من خلال رفع الحصار، ووقف سياسة التجويع، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود.

وأوضح أن حماس رفضت الشروط التعجيزية التي طرحتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي تضمنت تسليم سلاح المقاومة وخروج القادة من غزة، مؤكدًا أن هذه المطالب غير قابلة للنقاش.

حماس من جانبها أكدت استعدادها لبحث هدنة شاملة تنهي الحرب، لكنها ترفض أي اتفاق يقتصر على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل الرهائن. ووفق ما نقلته قناة "i24NEWS" العبرية، فإن إسرائيل قدمت عرضًا بالإفراج عن عدد من الرهائن مقابل هدنة مؤقتة من 40 إلى 50 يومًا، لكن الحركة تصر على وقف كامل للحرب وضمانات دولية تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية.
 

الوسطاء يتحركون.. ولكن الضمانات محور الخلاف

بحسب مصادر دبلوماسية، فإن الوسيط المصري قدم مقترحًا جديدًا يشمل إفراج حماس عن خمسة رهائن أحياء، بينهم أميركي-إسرائيلي، مقابل وقف القتال لمدة أسبوع، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة، بالإضافة إلى إفراج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين. وتؤكد حماس أنها ردت على المقترح بـ"إيجابية مشروطة".

لكن المشكلة الأساسية، وفق خبراء، تكمن في غياب ضمانات دولية موثوقة، حيث ترى الحركة أن الضمانات الأميركية غير كافية بسبب انحياز إدارة بايدن لإسرائيل. وهنا تبرز مطالب بإشراك دول مثل تركيا، روسيا، والصين إلى جانب مصر وقطر في أي اتفاق محتمل.

تحليلات: حماس قد تناور سياسيًا.. ونتنياهو يواجه ضغوطًا داخلية

يقول الدكتور أحمد فؤاد أنور، المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، إن إسرائيل تحاول استغلال التصعيد لتحقيق مكاسب تفاوضية، خاصة في ظل الضغوط السياسية على نتنياهو بعد اعتقال اثنين من مساعديه وفشله في تعيين رئيس جديد لجهاز الشاباك.

من جانبه، يرى المحلل الفلسطيني إبراهيم المدهون أن حماس قد تُبدي مرونة لكنها تشترط أن تكون الهدنة مقدمة لإنهاء الحرب، مشيرًا إلى أن الاحتلال يطرح "شروطًا صفرية" تهدد بتفجير الأوضاع أكثر، مثل نزع سلاح المقاومة والتهجير.

أما المحلل السياسي د. أيمن الرقب، فيتوقع استمرار إسرائيل في التفاوض تحت الضغط العسكري، مشيرًا إلى أن أي اختراق حقيقي لن يحدث ما لم تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا فعلية على حكومة نتنياهو.

زيارة مرتقبة لترامب.. هل تكون بوابة لهدنة شاملة؟

تتحدث أوساط إعلامية عن احتمال عقد اتفاق تهدئة قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى المنطقة خلال مايو المقبل، ما قد يشكل فرصة سياسية لبلورة اتفاق طويل الأمد، إذا توافرت الإرادة الدولية والضمانات المطلوبة.

كلمة أخيرة

وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، لا تزال فرص الهدنة معلقة على توازنات معقدة بين التصعيد الميداني، والضغوط السياسية، والوساطات الإقليمية. ومع اقتراب عيد الفصح، يتوقع مراقبون أن نشهد إما اختراقًا دبلوماسيًا مفاجئًا أو تصعيدًا عسكريًا أشد، فيما يبقى مصير الرهائن، والأسرى، وملايين المدنيين في القطاع معلقًا على خيوط تفاوضية هشة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - صحيفة الشرق الأوسط