صحيفة معاريف: "أرض الصومال" تعرض على واشنطن صفقة سياسية قد تشمل توطين فلسطينيين من غزة

صورة من أحد المدن في أرض الصومال.jpg

في خطوة تحمل أبعادًا جيوسياسية إقليمية ودولية، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية، نقلًا عن مصادر متعددة، أن جمهورية أرض الصومال – الإقليم الانفصالي الذي يطالب بالاستقلال عن الصومال منذ عام 1991 – عرضت على الولايات المتحدة إقامة قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف الرسمي بها كدولة مستقلة. اللافت في الأمر، بحسب التقرير، هو أن هذا العرض تضمن استعدادًا مبدئيًا لقبول فلسطينيين من قطاع غزة ضمن مخطط توطين غير مُعلن، تنسق بشأنه الولايات المتحدة وإسرائيل مع عدة دول أفريقية، بينها أرض الصومال والسودان.

صفقة ذات أبعاد متعددة.. وقاعدة قرب باب المندب

وفقًا للرئيس الصوماليلاندي عبد الرحمن محمد عبد الله، فإن بلاده ترى أن الوقت مناسب لتقديم هذا العرض إلى الإدارة الأميركية، وخاصة للرئيس السابق دونالد ترامب الذي يتمتع، بحسب وصفه، بـ"منطق تجاري" قد يدفعه لقبول الاعتراف مقابل النفوذ العسكري. الصفقة تشمل ميناء "باربرا" الاستراتيجي الواقع على البحر الأحمر، إضافة إلى مطار دولي يحتوي على أحد أطول المدارج في إفريقيا – وكلها بنية تحتية حيوية يمكن أن تخدم مصالح واشنطن في ممر ملاحي تتزايد فيه الهجمات الحوثية من اليمن.

التحرك يأتي في ظل تفكير الإدارة الأميركية بإغلاق سفارتها في مقديشو بسبب التدهور الأمني، وتزايد تهديدات الجماعات المسلحة مثل "حركة الشباب" و"داعش".

البعد الفلسطيني: غزة تدخل على خط التفاوض

بحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشال تايمز ونقلته "معاريف"، فإن واشنطن نسّقت مع حكومة أرض الصومال بخصوص احتمال استقبال فلسطينيين من قطاع غزة، كجزء من خطة توطين أوسع تبنّاها فريق ترامب خلال فترة حكمه. وأكدت مصادر أن مسؤولين إسرائيليين، يقودهم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بحثوا الفكرة مع حكومتي السودان وأرض الصومال، بينما أجرى دبلوماسيون أميركيون اتصالات مباشرة مع قيادة هرجيسا.

ورغم أن المحادثات لم تصل إلى مراحل متقدمة، إلا أن مصادر إسرائيلية لم تنفِ وجود تواصل نشط مع عدة دول في أفريقيا بهذا الشأن. وتثير هذه التحركات مخاوف فلسطينية من محاولات تصفية القضية عبر هندسة ديموغرافية تستهدف قطاع غزة، وفرض خيارات قسرية على سكانه عبر ضغط اقتصادي وعسكري.

رهانات جيوسياسية: بين الصين وتايوان... وفلسطين

رغم أن غالبية الدول الأفريقية تميل نحو الصين، اختارت أرض الصومال الاصطفاف مع تايوان والولايات المتحدة، في محاولة لإبراز نفسها كحليف استراتيجي غربي في منطقة القرن الأفريقي. هذا التوجه يعزّز من فرص قبول عرضها من قبل واشنطن، خصوصًا وسط التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر وانخراط الصين عسكريًا في جيبوتي.

ومع ازدياد الضغوط على سكان غزة، تظهر أرض الصومال كأحد المواقع التي يمكن استخدامها لفرض وقائع جديدة، تحت ذريعة تحسين الظروف الأمنية أو تقديم حلول "إنسانية". إلا أن فلسطينيين يعتبرون هذه السيناريوهات جزءًا من محاولات ترانسفير سياسي لا تقل خطورة عن الحرب المباشرة.

ماضٍ دموي.. وحاضر طموح

أرض الصومال، التي كانت محمية بريطانية، اندمجت مع الصومال الإيطالية عام 1960 لتشكيل جمهورية موحدة. لكن هذا الاتحاد سرعان ما انهار بعد عقود من التهميش. في الثمانينيات، شنّ الديكتاتور الصومالي سياد بري حملة عسكرية دموية ضد الإقليم، قُتل فيها الآلاف، ما دفع سكان الإقليم لإعلان الانفصال بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991.

ومنذ ذلك الحين، بنت أرض الصومال مؤسساتها المستقلة، وأجرت انتخابات ديمقراطية، وتتمتع بنظام عملة وجواز سفر خاصين، لكنها ما زالت محرومة من الاعتراف الدولي، وهو ما تعتبره قيادتها "ظلماً تاريخياً" يجب تصحيحه.

تحذيرات إقليمية: مصر وتركيا تراقبان

يرى مراقبون أن الاعتراف الأميركي بأرض الصومال قد يشعل ردود فعل من دول مؤثرة مثل مصر وتركيا، التي تخشى من أن يشكل ذلك سابقة لحركات انفصالية مشابهة في أفريقيا. كما يُحتمل أن تستغل التنظيمات المسلحة مثل حركة الشباب هذه التطورات لتوسيع نفوذها، تحت غطاء "الدفاع عن وحدة الصومال".

في المقابل، يراهن عبد الله على أن واشنطن ستفضّل الربح الاستراتيجي على التحفظات الإقليمية، خصوصًا في ظل دعم متزايد داخل الأوساط الجمهورية ومراكز الفكر اليمينية للعرض الصوماليلاندي.

فلسطين.. الحاضر الغائب في كل المفاوضات

في خضم هذه الترتيبات، يبقى الملف الفلسطيني حاضرًا كعنصر "قابل للتدوير" في الصفقات الجيوسياسية. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن أي خطة تقضي بترحيلهم من غزة إلى أي مكان في العالم، سواء كان ذلك في القرن الأفريقي أو غيره، تمثل انتهاكًا صارخًا لحق العودة وتصفية سياسية لقضيتهم.

وفي ظل تصاعد هذه الخطط خلف الكواليس، تبدو الحاجة ماسة إلى موقف فلسطيني رسمي وشعبي واضح يرفض هذه الإملاءات ويُحبط مشاريع التهجير الجديدة التي تُطرَح تحت عناوين "التعاون" أو "التنمية".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة