مركز الميزان: حصار غزة وتجويع سكانها جريمة إبادة جماعية تستوجب المحاسبة الدولية

كارثة إنسانية في غزة: الجوع يفتك بالسكان وسط حصار مشدد

الجوع في غزة.jpg

تتصاعد الكارثة الإنسانية في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، وسط استمرار دولة الاحتلال الإسرائيلي في منع دخول المساعدات الطبية والغذائية منذ الثاني من مارس 2025، مما فاقم معاناة السكان وعمّق أزماتهم في ظل سياسة التجويع والعطش الممنهجة.

ففي سياق الحرب المفتوحة على القطاع، تمنع قوات الاحتلال دخول الغذاء والدواء، في استمرار لسياسة تعود إلى أكثر من 17 عاماً قبل أكتوبر 2023، حين كانت إسرائيل تحسب الحد الأدنى لاستهلاك سكان غزة من السعرات الحرارية لضمان بقائهم أحياء فقط. أما اليوم، فتسعى عبر هذه الممارسات إلى إيقاع أكبر قدر من الأذى الجسدي والنفسي بالمدنيين.

استهداف ممنهج لمصادر الغذاء

بالتوازي مع منع الإمدادات، تواصل قوات الاحتلال استهداف مخازن الأغذية، المطابخ، الأراضي الزراعية، وصيادي الأسماك. وقد دُمرت معظم المحاصيل المحدودة التي زرعها السكان خلال فترات وقف إطلاق النار، كما مُنع المزارعون من الوصول إلى حقولهم. وقتل العشرات من العاملين في المنظمات الإغاثية الدولية خلال استهداف متعمد لجهود الإغاثة.

أسعار خيالية وانعدام السلع الأساسية

الحصار الخانق أدى إلى اختفاء معظم المواد الغذائية من الأسواق، وارتفاع أسعار المتوفر منها بشكل جنوني. قفز سعر كيس الدقيق (25 كغم) من 5 دولارات إلى 140 دولاراً، كما ارتفع كيلو الأرز من دولار إلى 10 دولارات، وزيت الطهي من 1.5 دولار إلى 7 دولارات. ونفدت مواد أساسية كاللحوم والبيض، فيما باتت أسعار الخضروات لا تطاق: كيلو الطماطم بـ15 دولاراً، وكيلو البصل بـ8 دولارات. معظم السكان أصبحوا يعتمدون على وجبات محدودة من المطابخ الإغاثية.

صيادو غزة: بين الموت جوعاً أو برصاص الاحتلال

يقول (س.ع)، صياد من دير البلح (45 عاماً): "أحمل شبكتي وأسير داخل الشاطئ، أحياناً نصطاد القليل مما يبقينا أحياء. الزوارق الحربية تطلق النار علينا يومياً. رأيت زملائي يُقتلون، ومع ذلك لا أستطيع التوقف عن الصيد، فالجوع لا يرحم."

نفاد المساعدات الدولية

أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة 25 أبريل 2025، عن نفاد كافة مخزوناته الغذائية المخصصة للأسر في غزة، مؤكداً تسليم آخر ما تبقى منها إلى مطابخ الوجبات الساخنة. أكثر من 116 ألف طن من المساعدات الغذائية عالقة في ممرات الإمداد، دون سماح إسرائيلي بإدخالها.

أزمة صحية متفاقمة: سوء تغذية يهدد الأطفال بالموت

بالتوازي مع أزمة الغذاء، تمنع سلطات الاحتلال دخول الإمدادات الطبية، مما يعرقل علاج حالات سوء التغذية. وزارة الصحة الفلسطينية حذرت من دخول غزة المرحلة الخامسة (الأشد) من مراحل سوء التغذية حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، حيث يعاني 60 ألف طفل من سوء تغذية حاد.

وفي شهادة أخرى من غزة، قال (ر.ن): "ابني ذو العشرة أعوام أصبح شاحب اللون، بالكاد يستطيع الحركة. لا أستطيع توفير الغذاء المناسب له. ما نحصل عليه من المطابخ الخيرية بالكاد يكفي. أنقذت حياتي ابني بقرض اشتريت به بعض الخضروات."

تحذير حقوقي: الوضع ينذر بإبادة جماعية

مركز الميزان لحقوق الإنسان حذر من تفاقم الكارثة، مؤكداً أن الجوع يهدد حياة أكثر من مليوني إنسان في ظل الحصار الإسرائيلي والإغلاق التام للمعابر.

وقال مدير المركز، الأستاذ عصام يونس: "الوضع الإنساني أصبح أكثر كارثية من أن يوصف. جريمة التجويع والعطش تطال كل فئات المجتمع. استمرار الصمت الدولي مشاركة في الجريمة. الزمن بات يحسب بجثث الأطفال ورغيف الخبز."

وطالب المركز المجتمع الدولي، لا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بتحمل مسؤولياتهم القانونية، والتحرك الفوري لوقف الإبادة الجماعية، وفتح المعابر بشكل دائم، داعياً المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق عاجل في استخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين.

الجوع في غزة لم يعد أزمة إنسانية فحسب، بل أصبح أداة حرب تهدد الحياة، وتحول كل لحظة من حياة الفلسطينيين إلى معركة من أجل البقاء.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة