"غزة تنزف: تصعيد إسرائيلي غير مسبوق يخلّف مئات الشهداء ويُخرج مستشفيات عن الخدمة وسط نزوح جماعي ومجاعة خانقة"

شهداء مجازر الليلة في غزة

يشهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا هو الأعنف منذ منتصف مارس/آذار، إذ واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الـ48 ساعة الماضية قصف مناطق متفرقة من جنوب وشمال القطاع، موقعًا مئات الشهداء والجرحى، ومفاقمًا الوضع الإنساني المتدهور أصلًا في ظل الحصار المحكم وانعدام المساعدات.

مجزرة خان يونس وتوسيع الهجمات شمالًا

في خان يونس وحدها، سُجل مقتل ما لا يقل عن 83 فلسطينيًا جراء سلسلة غارات عنيفة استهدفت منازل مأهولة وخيام نازحين، فيما توزّع باقي الشهداء على محافظة شمال غزة (37 شهيدًا)، مدينة غزة (11)، ووسط القطاع (5 شهداء). وبلغ مجموع الشهداء خلال 36 ساعة فقط 250 شهيدًا، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط استمرار انتشال جثث من تحت الأنقاض في مناطق يصعب الوصول إليها.

وقد طالت الهجمات أحياءً مكتظة ونازحين في مخيم جباليا وبلدات بيت لاهيا والفاخورة، فيما أُبيدت عائلات كاملة مثل عائلات شهاب، خلة، البيوك، اللحام، النجار، وأبو طعيمة. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية مبانٍ مدنية، منها مبنى “جولدن مول” شرق خان يونس، وعدة مستشفيات ومراكز طبية.

المستشفيات هدف مباشر

وفي تطور خطير، كثّف الاحتلال قصفه لمحيط المستشفيات، أبرزها مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي، الذي خرج عن الخدمة بشكل كامل نتيجة الأضرار، ما عطّل رعاية مرضى السرطان بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي. كما تم استهداف عيادات الشفاء والعودة وعيادة “التوبة” في جباليا، وسط تقارير عن سقوط شهداء بين المرضى والطواقم الطبية.

منظمة "أطباء بلا حدود" اعتبرت أن القصف المتكرر لمرافق الرعاية الصحية "يهدف لتدمير ما تبقى من النظام الصحي"، مشيرةً إلى أن المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئيًا مكتظة وتفتقر لأبسط الإمكانات.

حصيلة الشهداء ترتفع... ومجازر تتكرر

ارتفعت الحصيلة الإجمالية للشهداء إلى 53,119، إضافة إلى 120,214 إصابة، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، بينها 2,985 شهيدًا و8,173 إصابة منذ 18 مارس 2025 فقط.

وكانت وزارة الصحة قد أعلنت، صباح الجمعة، عن وصول 109 شهداء و216 جريحًا إلى المستشفيات خلال 24 ساعة، فيما تُشير الأرقام الميدانية إلى أن العدد أكبر، مع وجود عالقين تحت الأنقاض وجرحى لا تصلهم فرق الإسعاف.

كارثة إنسانية: نزوح جماعي ومجاعة

تواصلت عمليات النزوح من مدينة غزة وشمال القطاع، خاصة بعد إنذارات الإخلاء التي طالت أحياء الرمال وتل الهوى في المدينة، والسلاطين والعطاطرة وتل الزعتر وجباليا في الشمال. آلاف العائلات فرت من منازلها دون مأوى، وبعضهم أمضى الليل في العراء أو داخل خيام مزدحمة بمخيمات النازحين.

في المقابل، بات القطاع على شفير مجاعة شاملة، حيث أغلقت المعابر منذ أكثر من 90 يومًا، ومنعت إسرائيل دخول المساعدات. وحذرت منظمة الغذاء العالمي من أن "غزة تتضوّر جوعًا، والمساعدات محتجزة على الحدود". الأسواق خالية، والمواد الأساسية إن وُجدت فهي بأسعار خيالية لا يستطيع الناس تحملها.

قلق دولي... ومفاوضات معلقة

ورغم إشارات من الإدارة الأميركية إلى متابعة الوضع الإنساني، لم يحدث أي تقدم ملموس على الأرض. وربطت إسرائيل إدخال المساعدات بإفراج المقاومة عن أحد الجنود الأميركيين – الإسرائيليين، وهو ما لم يُنفذ حتى الآن.

وتتزامن هذه التطورات مع مفاوضات غير مباشرة بين الاحتلال و"حماس" في قطر، دون أي انفراجة حتى اللحظة. يخشى المواطنون من انهيارها، ما قد يدفع باتجاه توسّع إضافي في الهجمات.

ختامًا

قطاع غزة يواجه كارثة مركّبة: عدوان متواصل، دمار شامل، نظام صحي منهار، نزوح جماعي، وجوع يهدد الحياة. ومع انعدام الأفق السياسي واستمرار العجز الدولي، تتجه الأمور نحو مزيد من التصعيد والمآسي الإنسانية.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة