شهد قطاع غزة خلال الساعات الماضية تصعيداً غير مسبوق في وتيرة الغارات الإسرائيلية، وسط قصف جوي وبري وبحري طال مختلف مناطق القطاع، وأسفر عن استشهاد أكثر من 250 مدنياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، خلال 36 ساعة فقط، وفق مصادر طبية.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، إن العشرات ما زالوا تحت أنقاض المنازل المدمرة، وسط عجز الطواقم عن الوصول إليهم بفعل القصف المستمر وتعطيل عمل فرق الإنقاذ.
وقال مراسلنا، إنّ مناطق واسعة في شمال القطاع تعرّضت لسلسلة غارات عنيفة، شملت: جباليا، تل الزعتر، وبيت لاهيا، والكرامة، والسكة، والتوام، حي التفاح، كما وثقت الطواقم الطبية استهداف مبانٍ سكنية في شارع غزة القديم، وخيمة للنازحين قرب نادي بيت لاهيا.
وفي ذروة القصف، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في مخيم طبريا بمنطقة المواصي بخان يونس، أسفرت عن شهداء ومصابين، في وقت كانت فيه بيت لاهيا تحت نيران القصف المدفعي والقنابل الدخانية، ما تسبب بحالات اختناق جماعي في محيط شارع عباس الكيلاني.
ولم تسلم المرافق الطبية من الاستهداف؛ إذ تعرضت عيادة "القرارة" التابعة للهلال الأحمر لأضرار جسيمة أخرجتها من الخدمة، فيما أُعلن عن توقف مستشفى "غزة الأوروبي" بشكل كامل بعد استهداف محيطه بغارة مباشرة.
وقال المدير العام لمجمع الشفاء الطبي د.محمد أبو سلميى إن القدرة الاستيعابية للمستشفيات في غزة باتت معدومة، مع استمرار تدفق عشرات الجرحى كل ساعة.
فيما أشار مدير قسم الأطفال والولادة في مستشفى ناصر إلى أن أكثر من 15 ألف مصاب بحاجة لعلاج فوري خارج القطاع.
ومع دخول العدوان يومه الـ 585، ارتفعت الحصيلة الإجمالية للشهداء في غزة إلى 53,119 شهيداً، بينهم 2,985 منذ 18 مارس الماضي فقط، بالإضافة إلى 120,214 مصاباً، بحسب وزارة الصحة في غزة.
ومنذ فجر اليوم الجمعة، أكد مراسل 'قدس نت' أن قوات الاحتلال ارتكبت مجازر جديدة بحق عائلات فلسطينية في بيت لاهيا ومخيم جباليا، طالت عائلات: الغندور، التتري، الزيناتي، السيد، الحسني، طه، صالحة، خليل، أبو ركبة، أبو علبة، والكيلاني، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 103 مواطنين، وإصابة أكثر من 200 آخرين، إلى جانب عدد من المفقودين.
وذكرت مصادر طبية أن أكثر من 109 شهداء و216 إصابة وصلت إلى مستشفيات القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية فقط، وسط صعوبات كبيرة في الوصول إلى الضحايا العالقين تحت الأنقاض، بفعل استهداف فرق الإسعاف والطوارئ.
وقال مدير مستشفى العودة في تل الزعتر: "عشنا ليلة دامية، واستقبلنا أكثر من 75 جريحاً، وتجاوز عدد الشهداء 100 شهيد خلال ساعات الليل فقط".
وأحرق طيران الاستطلاع الإسرائيلي خياماً للنازحين في منطقة السكة بمخيم جباليا، في وقت تشهد فيه مناطق شمال القطاع – خاصة جباليا، تل الزعتر وقليبو، الشيخ زايد، وبيت لاهيا – موجة نزوح جماعي جديدة بفعل القصف والتوغلات البرية المتواصلة.
وأفاد مراسلنا بأنّ جيش الاحتلال يواصل اتباع سياسة الأحزمة النارية وقصف المنازل على رؤوس سكانها، ما يؤدي إلى سقوط شهداء وفقدان آخرين، مشيراً إلى أن مدفعيته تواصل استهداف المباني السكنية وخيام النازحين.
كما قصفت الطائرات الحربية منزلاً لعائلة اليازوري في بلدة القرارة، وآخر قرب مصنع البطاريات شمال خان يونس، بالإضافة إلى منزل في شارع أبو عريف وسط دير البلح، تزامناً مع قصف مدفعي استهدف شرق المدينة.
وتتواصل الغارات الإسرائيلية بكثافة، وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية والمُسيّرة، ما ينذر بمزيد من الضحايا والمآسي في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الصحية والإنسانية في قطاع غزة المحاصر.
في الإطار ذاته، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إنّ التصعيد العسكري الواسع في قطاع غزة يأتي في إطار الاستعداد لتنفيذ عملية "عربات جدعون"، بما يشمل التمهيد لتوغل بري محتمل.
ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" عن هؤلاء المسؤولين أنّ القصف المكثف يتم وفق خطط أقرّها الجيش وصادقت عليها القيادة السياسية، ويهدف إلى تدمير بنى تحتية لحماس وتسهيل تقدم القوات على الأرض.
ورجّح الموقع أن تكون هذه الهجمات أيضاً تمهيداً لاحتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار.