في تطور خطير يهدد ما تبقى من المنظومة الصحية شمال قطاع غزة، أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الخميس، إدارة مستشفى العودة – تل الزعتر، على تنفيذ إخلاء قسري لكافة المرضى والطواقم الطبية تحت التهديد المباشر بالقوة، ما أدى إلى توقف المستشفى الوحيد في محافظة شمال غزة.
وأفادت جمعية العودة الصحية والمجتمعية بأن 97 شخصًا كانوا داخل المستشفى لحظة صدور أمر الإخلاء، من بينهم 13 مريضًا ومصابًا، و84 من الطواقم الطبية. وقد سبق عملية الإخلاء تفجيرات نفذتها “روبوتات مفخخة” إسرائيلية في محيط المستشفى، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف على مرافق المبنى، في محاولة لترهيب الأطباء والجرحى وإجبارهم على المغادرة.
وأكد محمد صالحة، مدير مستشفى العودة، في تصريحات صحفية، أن قوات الاحتلال هددت باقتحام المستشفى وقتل كل من بداخله في حال عدم تنفيذ أوامر الإخلاء. وقال: "اضطررنا إلى نقل المرضى في ظروف لا إنسانية وتحت التهديد المباشر بالنار، بينما استهدفت المدفعية الإسرائيلية الطوابق العليا لإجبارنا على المغادرة".
وقالت وزارة الصحة في غزة إن خروج مستشفى العودة عن الخدمة يعني شللًا شبه تام في القطاع الصحي شمال القطاع، بعد أن فقدت المنطقة ثلاث مستشفيات رئيسية منذ بدء الحرب. وأكد منير البرش، مدير عام وزارة الصحة، أن سكان شمال غزة أصبحوا محرومين كليًا من أي خدمات صحية، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول الإمدادات الطبية.
بدورها، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها البالغ حيال هذه التطورات، مؤكدة أن استهداف المرافق الصحية يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، ويضع آلاف المرضى والجرحى أمام خطر الموت دون علاج.
وكان مستشفى العودة – تل الزعتر قد صمد في تقديم الخدمات الصحية على مدار 600 يوم من الحرب والقصف والحصار، مقدمًا الرعاية للمصابين رغم الانهيار الكامل في مقومات العمل الطبي، من نقص في المعدات، وانقطاع الكهرباء، ونفاد الأدوية.
تؤكد هذه الحادثة، وفق مراقبين حقوقيين، أن استهداف المؤسسات الصحية لم يعد استثناءً، بل تحول إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى تحطيم البنية التحتية للقطاع الصحي بالكامل، ودفع المناطق الشمالية إلى مزيد من الانهيار الإنساني والصحي.