مجازر ممنهجة حول مراكز "مساعدات إنسانية" أمريكية–إسرائيلية: تسلسل زمني يفضح دور "مؤسسة غزة" في تعميق المجاعة والمأساة

مواطنين يحملون مساعدات في غزة

كشفت سلسلة دامية من الحوادث حول مراكز توزيع المساعدات التابعة لما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، عن تصاعد غير مسبوق في عمليات القتل واستهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وتشير الوقائع إلى سياسة ممنهجة من الاحتلال لربط المساعدات بالإخضاع الأمني، وتحويلها إلى أداة عسكرية لإذلال الفلسطينيين، بدلًا من الاستجابة لحاجاتهم الإنسانية.

ارتفعت حصيلة الشهداء جراء استهداف المدنيين الفلسطينيين قرب مراكز توزيع المساعدات التابعة لما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى 163 شهيدًا و1,495 إصابة، منذ انطلاق عمليات التوزيع. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، صباح اليوم الثلاثاء، أن 36 شهيدًا و208 إصابات سُجلت خلال الساعات الماضية فقط، غالبيتهم من المدنيين المُجوَّعين الذين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية في ظروف إنسانية كارثية.

وتؤكد الوقائع الميدانية أن هذه المراكز تحوّلت إلى كمائن موت تنصبها قوات الاحتلال تحت غطاء "العمل الإنساني"، حيث يتم استهداف التجمعات المدنية المحيطة بها بالنيران الحية من الطائرات المسيّرة والدبابات، وأحيانًا من جماعات مسلحة مرتبطة بإسرائيل، وفق ما أكده شهود عيان وتقارير حقوقية.

وبحسب تقارير محلية ودولية، فإن ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) تعمل تحت إشراف عسكري مباشر من جيش الاحتلال، وتفتقر إلى الحد الأدنى من معايير الحياد والاستقلالية، وتستخدم المساعدات كأداة للابتزاز السياسي والأمني، من خلال فرض إجراءات تفتيش مشددة واستبعاد فئات واسعة من المحتاجين بحجج أمنية.

مؤسسة تثير الشكوك منذ انطلاقتها

تعود بداية الأزمة إلى 11 فبراير 2025، حين أعلنت واشنطن عن تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" ككيان دولي مقره جنيف، يتولى توزيع مساعدات لسكان القطاع عبر تنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي، في سابقة خطيرة تجاوزت المؤسسات الأممية، وعلى رأسها وكالة "الأونروا".

توزيع مشروط ومراقبة أمنية

في 9 مايو، أعلنت المؤسسة عن خطة توزيع المساعدات ضمن مواقع مغلقة تُدار من قبل متعاقدين أمريكيين، وتحرسها دوريات إسرائيلية. ويتعين على الفلسطينيين الخضوع لفحوصات بيومترية، وتحقيقات أمنية لضمان عدم ارتباطهم بـ"حماس"، كشرط للحصول على المساعدات، ما اعتبرته السلطة الفلسطينية في 10 مايو "انتهاكًا للسيادة وعبثًا بالعمل الإنساني".

أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية عن آلية توزيع المساعدات، وقالت إنه يتعين على الفلسطينيين جمع الصناديق التي تحتوي على المواد الغذائية ومستلزمات النظافة الأساسية لأسرهم، من أربعة مواقع توزيع في جنوب ووسط غزة.

ويتولى متعاقدون أمريكيون تأمين المواقع، بينما تقوم القوات الإسرائيلية بتسيير دوريات في محيطها.

10 مايو/ أيار 2025

أعلنت السلطة الفلسطينية رفضها لخطة أمريكية لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، معتبرة أنها "محاولة لتجاوز المؤسسات الأممية وتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والمؤسسات الوطنية المعنية".

وطالبت الحكومة الفلسطينية بمزيد من الضغط الدولي على إسرائيل لفتح المعابر بشكل عاجل، وضمان وصول المساعدات للفلسطينيين وفق المعايير الدولية.

19 مايو/أيار 2025

إسرائيل تعلن تخفيف المنع الذي كانت تفرضه على دخول المساعدات إلى القطاع، حتى تتمكن مؤسسة غزة الإنسانية القيام بعملها.

25 مايو/ آيار 2025

بدأت مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، تدشين ما يعرف باسم "موقع التوزيع الآمن 1"، ليكون هذا الموقع واحداً من أربعة مرافق مماثلة، تقع ثلاثة منها في جنوب قطاع غزة، قرب مدينة رفح.

26 مايو/ آيار 2025

آلاف الفلسطينيين وصلوا مركز توزيع المساعدات التابع للمؤسسة، والذي كان قد بدأ العمل قرب مدينة رفح ولم يجد الناس مساعدات كافية لهم.

28 مايو/آيار 2025

جيك وود، المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية وهو جندي سابق في المارينز وخدم في العراق وأفغانستان، يعلن استقالته من المؤسسة، وقال في بيان إنه ليس من الممكن تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات على سكّان قطاع غزة "مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية".

1 يونيو/ حزيران 2025

بدأت سلسلة من الحوادث في محيط مراكز توزيع المساعدات، عندما استشهد 31 فلسطينياً بنيران القوات الإسرائيلية، بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات في منطقة تل السلطان جنوب غرب غزة.

2 يونيو/ حزيران 2025

استشهاد ثلاثة فلسطينيين آخرين بنيران إسرائيلية، بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات في منطقة تل السلطان جنوب غرب غزة.، وفقاً لما ذكرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

3 يونيو/ حزيران 2025

استشهد 27 شخصاً آخرين بنيران إسرائيلية، بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات في منطقة تل السلطان جنوب غرب غزة، وفقاً لمسؤولين في القطاع الصحي.

في محاولة للتهرب من جرائمها نفت "إسرائيل" صحة ما وصفته بـ"تقارير كاذبة" تزعم أن جنودها أطلقوا النار على مدنيين في موقعي توزيع المساعدات أو في محيطهما.

4 يونيو/ حزيران 2025

أعلنت المؤسسة إغلاق جميع مراكزها إثر إطلاق نار قرب أحدها تسبب في سقوط قتلى، وقالت إنها تضغط على القوات الإسرائيلية لتحسين سلامة المدنيين خارج نطاق عملياتها.

5 يونيو/ حزيران 2025

أعادت المؤسسة فتح موقعين فقط لتوزيع المساعدات جنوبي غزة، من المواقع الأربعة التابعة لها.

6 يونيو/ حزيران 2025

أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية مرة أخرى إغلاق مواقع توزيع المساعدات التابعة لها في القطاع حتى إشعار آخر، وحثّت السكان على الابتعاد عن مراكز التوزيع "حفاظاً على سلامتهم" بعد سلسلة من حوادث إطلاق النار الدامية.

وأضافت المؤسسة أنه سيتم الإعلان عن موعد إعادة فتح مراكز توزيع المساعدات في وقت لاحق.

9 يونيو/ حزيران 2025

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة استشهاد عشرة أشخاص وإصابة أكثر من 30 يوم الاثنين بنيران إسرائيلية، وذلك خلال محاولتهم الوصول إلى مركزين لتوزيع المساعدات، في حين أشار الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق "أعيرة تحذيرية" باتجاه مشتبه بهم.

دور مشبوه لمجموعات مسلحة موالية للاحتلال

في تطور خطير، أفاد شهود عيان في 9 يونيو أن مسلحين فلسطينيين مدعومين من إسرائيل – يُعتقد أنهم من مجموعة تُعرف باسم "أبو شباب" – أطلقوا النار على المدنيين قرب مراكز التوزيع، ما يشير إلى تواطؤ داخلي مرتبط بأجندة الاحتلال.

الهدف: نزع الهيمنة من الأونروا وتوظيف الجوع سياسيًا

ترفض الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية عدة التعاون مع المؤسسة الجديدة، التي يعتبرها البعض أداة لتقويض دور "الأونروا"، وفرض مسارات بديلة للعمل الإنساني المشروط سياسيًا وأمنيًا. وصرّح متحدث أممي أن "المساعدات لا تُجزأ، ولا تُستخدم كأداة إخضاع"، داعيًا لفتح المعابر والسماح بتدفق الإغاثة من دون شروط.

استقالات من داخل المؤسسة نفسها

في 28 مايو، أعلن جيك وود، المدير التنفيذي للمؤسسة، وهو ضابط سابق في المارينز، استقالته رسميًا. وأكد في بيان: "لا يمكن تقديم المساعدات في غزة دون خرق مبادئ الحياد والإنسانية".

خلاصة: مؤسسة قاتلة باسم الإنسانية

تُظهر الوقائع أن "مؤسسة غزة الإنسانية" لم تساهم في تخفيف الكارثة بل زادت من فصولها المأساوية، عبر تكريس سياسات التمييز، وربط المساعدات بالمعايير الأمنية، وتوفير الغطاء لتصعيد العنف بحق مدنيين عُزّل. وفيما تتواصل جرائم القتل حول مواقعها، يغيب أي تحقيق دولي مستقل أو موقف رادع من المجتمع الدولي.

دعوات للتحقيق والمحاسبة

تطالب جهات فلسطينية رسمية وحقوقية بفتح تحقيق دولي عاجل في جرائم القتل المرتبطة بالمؤسسة، ووقف العمل بها، وتحميل الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولية قانونية عن الانتهاكات الموثقة بحق المدنيين الفلسطينيين.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة