حذّرت الدكتورة ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، من تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية للنساء والفتيات في قطاع غزة. جاء ذلك في رسالة موجّهة إلى نساء وفتيات فلسطين، عبّرت فيها عن «ثقل المعاناة وصرخات الألم الصامتة» التي تعيشها الأمهات والمرضعات والفتيات في ظل ظروف كارثية تعصف بحياتهن اليومية .
وثَّقت الرسالة أن متوسط معدل القتل ارتفع إلى امرأة تقتل كل ساعة منذ اندلاع الحرب، ما يناهز 130 امرأة حتى نهاية مايو الماضي. كما يعاني أكثر من 700 ألف امرأة وفتاة من انعدام الخصوصية وغياب المستلزمات الصحية أثناء الحيض، بينما يكافح نحو 11 ألف امرأة حامل الجوع الحاد تحت وطأة انعدام الأمن الغذائي .
وبينت بكر أن واحدة من كل ثلاث حالات حمل مصنفة عالية الخطورة، في ظل تعطل أو عمل بكفاءة منخفضة لمستشفيات رئيسية مثل «العودة» و«الأمل». وأشارت إلى أن 169 شاحنة محمّلة بإمدادات للصحة الإنجابية، منها حاضنات أطفال خُدّج وأدوية منقذة للحياة، عالقة على الحدود منذ مارس الماضي، أي لأكثر من 110 أيام دون تمكنها من الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية .
وفي ختام رسالتها، دعت المديرة الإقليمية المجتمع الدولي إلى «فتح جميع المعابر لتدفق مساعدات ضخمة ومنتظمة، وإدخال الوقود بشكل عاجل لتشغيل المستشفيات ومضخات المياه»، مؤكدة أن «حق الحياة والصحة والكرامة لا يقبل المساومة». كما أكدت استمرار عمل فرق الصندوق على الأرض مع شركائه من الأونروا وجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية لتقديم الدعم والخدمات المنقذة للحياة رغم الصعوبات الأمنية واللوجستية .
رسالة إلى نساء وفتيات فلسطين: نحن نراكن ونقف معكن
الدكتورة ليلى بكر
المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية
أكتب إليكنّ اليوم بقلبٍ مثقل بثقل معاناتكنّ، مستمعةً إلى صرخاتكنّ الصامتة وجراح الأمهات اللاتي لا يكلّفن ولا يملّون رغم الإرهاق والجوع والحصار. لقد وثّقنا بأسىٍ بالغ كيف تحاولنَ بكل شجاعة أن تحمين أطفالكنّ من الجوع والقنابل والفوضى، وكيف يدفع عجز الأمهات عن توفير لقمةٍ لأطفالهنّ بهنّ إلى حافة اليأس والقهر.
نعلم أن هذه الحرب لم تكتفِ بتمزيق الأرض والمنازل، بل اعتدت يوميًا على أجسادكنّ وأرواحكنّ ومستقبلكنّ. فقد قُتلت امرأة أو فتاة بمعدلٍ امرأةٍ واحدة كل ساعة منذ اندلاع الحرب، ويسجل قطاع غزة أكثر من 130 ولادة يوميًا وسط أنقاض مستشفياتٍ بالكاد تعمل.
وما يزيد الطين بلّة أن أكثر من 700,000 امرأة وفتاة فقدنَ الخصوصية واللوازم الصحية خلال أيام الحيض، بينما تكافح نحو 11,000 امرأة حامل الجوع الشديد وانعدام الأمن الغذائي. وكل واحدة من كل ثلاث حالات حمل مصنّفةٍ عالية الخطورة، ونشهد ارتفاعًا مروعًا في حالات العنف ضد النساء يصلُ إلى أكثر من 40 ناجيةٍ لم تجد لجوءَا سوى إنهاء حياتهنَّ هربًا من الألم.
لقد دُمرت أو تعرّضت للشلل مستشفياتٌ رئيسية مثل «الأمل» و«العودة» التي كانت ملاذًا للأمهات والأطفال. وما زالت 169 شاحنةً محمّلةً بإمدادات الصحة الإنجابية – من حاضنات الخدج إلى الأدوية المنقذة للحياة ومستلزمات النظافة – عالقةً على المعابر منذ أكثر من 110 أيام. وفي الوقت ذاته، يهدد حصار الوقود بإيقاف تشغيل مولدات المستشفيات ومضخات المياه والحاضنات، بينما تنهش سوء التغذية أجسادكنّ وأجساد أطفالكنّ الرضّع.
رغم هذه الظروف القاسية، يغذي غضبنا عزيمتنا. ما زال صندوق الأمم المتحدة للسكان يعمل على الأرض مع شركائنا في الأونروا وجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية وفي كلّ بقعةٍ ممكنة، لتوفير ما نستطيع من خدمات الصحة الإنجابية والرعاية الطارئة.
ندعو المجتمع الدولي فورًا إلى:
-
فتح جميع المعابر لإدخال مساعداتٍ ضخمةٍ ومنتظمةٍ دون تأخير.
-
إدخال كمياتٍ كافيةٍ من الوقود لتشغيل المستشفيات ومضخات المياه.
-
حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وفق القانون الدولي.
لن نتوقف عن المطالبة بوقفٍ فوريٍ للعنف، ولن نتراجع عن دعواتنا لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية. حقكنّ في الحياة والصحة والكرامة غير قابل للتفاوض، وسنستمرّ في دعمكنّ مهما بلغت التحديات.
في كل لحظة، نحن معكنّ. صمودكنّ منارةٌ تضيء هذه الأوقات المظلمة، ونضالكنّ من أجل البقاء والحياة الكريمة هو جوهر مهمتنا.
ليلى بكر
المديرة الإقليمية
صندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية