احتجاجات شعبية واغلاق للأسواق في غزة ضد الغلاء الفاحش: مطالب بمحاسبة التجار ووقف الاحتكار

أشخاص يتسوقون من الباعة في سوق مفتوح وسط الدمار في النصيرات وسط قطاع غزة، 05 أبريل 2024. تصوير :نعماالحرب على غزةن عمر

في مشهد غير مسبوق منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت عدة مناطق من القطاع، وبخاصة في محافظة غزة والمحافظة الوسطى، احتجاجات شعبية عارمة رفضًا للارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية، وسط اتهامات مباشرة للتجار بالجشع والاستغلال، ودعوات شعبية إلى محاسبة المحتكرين واستعادة الأسعار العادلة في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية.

إغلاق الأسواق ورفض البيع بأسعار مرتفعة في أحياء غزة

انطلقت الاحتجاجات في حيي النصر والشيخ رضوان غرب مدينة غزة، حيث أقدم المحتجون على إغلاق المحال التجارية والبسطات، ومنعوا الباعة من الاستمرار في البيع، وطالبوهم بخفض الأسعار الفاحشة.

وامتدت التظاهرات لاحقًا إلى شارع الجلاء التجاري شرقًا، وسوق الصحابة في حي الدرج، وأحياء الرمال ومخيم الشاطئ، ووصلت كذلك إلى مدينة دير البلح في المحافظة الوسطى، حيث أغلق آلاف المواطنين الأسواق، وفرضوا منعًا مؤقتًا للأنشطة التجارية حتى يتم خفض الأسعار.

انفجار في الأسعار الأساسية: الطحين بـ130 شيكلًا والسكر بـ250 شيكلًا

جاءت هذه الاحتجاجات بعد ارتفاع أسعار الطحين إلى أكثر من 130 شيكلًا للكيلو الواحد، والأرز إلى 120 شيكلًا، بينما بلغ سعر السكر 250 شيكلًا للكيلو، والسولار 100 شيكل للتر، في حين سجلت أسعار سلع أساسية أخرى ارتفاعات غير مسبوقة، ما أدى إلى فقدان مئات آلاف العائلات قدرتها على شراء الغذاء أو الطهي أو التدفئة.

دعوات شعبية لمصادرة البضائع وتوزيعها على الفقراء

في تطور لافت، تصاعدت الدعوات الميدانية والشعبية إلى مصادرة السلع من التجار الجشعين، وتوزيعها مباشرة على المواطنين الفقراء، بعد الكشف عن أن الكثير من هؤلاء الباعة حصلوا على البضائع بالمجان أو بأسعار رمزية من خلال المساعدات، قبل أن يعيدوا بيعها بأضعاف الثمن وسط المجاعة.

مواطنون يروون فصول المعاناة: الجوع يطرق أبواب الجميع

قال المواطن سعدي موسى (39 عامًا)، إنه ذهب إلى السوق في محاولة لشراء كيلو طحين وكيلو عدس لإطعام أطفاله، لكنه اضطر للعودة خالي اليدين بعد أن أُبلغ بأن سعر الطحين وصل إلى 130 شيكلًا والعدس 120 شيكلًا، مؤكدًا أنه لا يملك سوى 100 شيكل بالكاد تكفي لشراء أحد الصنفين.

وأضاف موسى: "لم أجد أمامي سوى إعداد الشاي دون سكر. حاولت التوجه إلى إحدى التكايا الميدانية في مناطق النزوح غرب غزة للحصول على وجبة طعام، لكني لم أتمكن. نحن نعيش كارثة حقيقية، وإن لم تُحاسَب التجار، فسنموت جوعًا دون طلقة رصاص واحدة."

أما المواطن محمد جميل، فقد توجه منذ الصباح إلى شارع الجلاء للمشاركة في الاحتجاجات ضد المحتكرين، قائلًا: "الاحتلال مسؤول عن الحصار، نعم، لكنه لا يرفع أسعار الطحين من 70 إلى 130 شيكلًا في ساعة واحدة، هذه جريمة اقتصادية ترتكبها أيادي فلسطينية في وقت المجاعة."

نشطاء يتوعدون التجار المحتكرين... "الجوع أخطر من القصف"

عبر العديد من النشطاء والمواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي عن استعدادهم الكامل للمشاركة في جهود ميدانية مباشرة لوقف احتكار التجار، وملاحقتهم شعبيًا ومحاسبتهم، معتبرين أن ما يجري هو "حرب اقتصادية موازية للعدوان الإسرائيلي".

وقال أحد النشطاء:
"الحرب التي يشنها بعض التجار على الطحين والسكر والأرز لا تقل فتكًا عن قنابل الاحتلال. هناك من يموت قصفًا، وهناك من يموت جوعًا. من يتاجر برغيف الخبز في وقت المجاعة يجب أن يُعاقب فورًا وبشكل علني."

مطلب شعبي واضح: إنزال العقوبات ومحاسبة الفاسدين

طالب المحتجون خلال المسيرات التي جابت شوارع غزة ودير البلح بـ: محاسبة التجار والباعة المستغلين علنًا، إنزال عقوبات اقتصادية ورقابية فورية، تفعيل دور العشائر والسلطات المحلية والجهات الرقابية، دعم مبادرات التوزيع المجاني للسلع على المحتاجين.

وأكد المحتجون أن سياسات الاحتكار والتربح من دماء وجوع الناس في ظل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال منذ أكثر من 22 شهرًا، هي خيانة جماعية يجب أن تُواجه شعبيًا وأخلاقيًا وقانونيًا.

الاحتلال يفاقم الأزمة برفض إدخال المساعدات

تزامنت هذه التطورات مع استمرار إحجام قوات الاحتلال عن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة إلى محافظتي غزة والشمال، ما أدى إلى نفاد معظم المواد الغذائية، وارتفاع أسعار ما تبقى منها بشكل خيالي.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة