تشهد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تصعيدًا داخليًا خطيرًا في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة، بعد تسرّب أنباء عن نية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، ترك منصبه، في حال فشل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس في الأيام المقبلة.
ووفق تقرير نشره موقع "واينت" العبري مساء الجمعة، فإن العلاقة بين زامير والمستوى السياسي تشهد أزمة عميقة غير مسبوقة، تتجاوز حدود الخلافات الروتينية وتشير إلى انعدام الثقة بين القيادة العسكرية والسياسية.
خلافات حادة... وزامير يدرس خياراته
بحسب التقرير، فإن استمرار انسداد أفق الحل في غزة، وعدم التوصل إلى صفقة تبادل أسرى أو هدنة، قد يدفع زامير إلى إعادة تقييم بقائه في المنصب، خاصة في ظل ما وصفته مصادر مطلعة بـ"الإذلال المتكرر في اجتماعات الكابينيت وتصريحات وزارية متهورة".
وأوضح "واينت" أن التوصل إلى صفقة سيؤدي إلى تهدئة مؤقتة بين المؤسسة العسكرية والسياسيين، إلا أن غياب القرار الواضح – في ظل مماطلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعهودة – قد يضع زامير أمام قرار استراتيجي صعب خلال أيام.
خطط عسكرية جديدة وتراجع تكتيكي في غزة
وفي عرض عسكري أمام الوزراء، قدّم زامير خطة جديدة لاستكمال الحرب في حال عدم التوصل إلى اتفاق، تقوم على تقليص حجم القوات داخل القطاع، وإعادة التمركز في خطوط دفاعية، تسمح للجيش بالقيام بعمليات قصف محددة واغتيالات ميدانية دون الانخراط الواسع ميدانيًا، مع فرض حصار شامل بري وبحري على قطاع غزة.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبقي جميع المداخل والمخارج تحت سيطرته الكاملة، لمنع أي تحركات داخلية أو خارجية دون موافقته، فيما اعتُبرت هذه الخطة بمثابة تحضير لمرحلة طويلة من الاحتلال المتقطع والاستنزاف المنهجي لحركة حماس.
جولة ميدانية وتحذيرات من الانهيار السياسي
وفي جولة أجراها الجمعة داخل قطاع غزة برفقة قادة المنطقة الجنوبية والفرقة 162، أكد زامير أن الجيش "حقق إنجازات غير مسبوقة" في إطار عملية "عربات جدعون"، وأن القتال سيستمر إذا لم تُبرم صفقة تبادل.
وقال زامير:
"الواقع يتغير وسنتغير معه. سنستغل مرونتنا العملياتية ونقلص استنزاف قواتنا وندفع حماس إلى الضيق".
الترويج لنفي التهم الدولية
وفي موقف يعكس محاولات المؤسسة العسكرية الالتفاف على الضغوط الدولية المتصاعدة، نفى زامير الاتهامات بارتكاب الجيش جرائم حرب من خلال سياسة التجويع الممنهجة في غزة، وادّعى أن "حملة الاتهامات حول التجويع كاذبة ومنسقة"، مضيفًا أن المسؤول عن معاناة السكان في غزة هي حماس وليس الجيش، على حد قوله.
وادعى زامير أن الجيش يعمل وفقًا لـ"القيم الأخلاقية والقانون الدولي"، متجاهلًا الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي تشير إلى مقتل أكثر من 92 طفلًا نتيجة المجاعة وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية.
أزمة قيادة في إسرائيل وانعدام رؤية سياسية
تأتي هذه التطورات في ظل جمود سياسي واضح يقوده نتنياهو، الذي يُعرف عنه التهرب من اتخاذ قرارات حاسمة، ما يزيد من تأزيم المشهد العسكري والسياسي في إسرائيل، ويُبرز تآكل الثقة بين مؤسسات الدولة، في وقت تتعرض فيه تل أبيب لضغوط داخلية وخارجية متزايدة.
يرى مراقبون أن التهديد المحتمل باستقالة زامير قد يكون بداية لانهيار أوسع في صفوف القيادة العسكرية، إذا استمرت الحكومة في تجاهل الحلول السياسية، وأصرت على خيار الحرب المفتوحة والاستنزاف الطويل في غزة.