بعد 22 شهرًا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ترسم إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية صورة إنسانية وصحية كارثية غير مسبوقة، حيث تجاوز عدد الشهداء 60,300 شهيد، نحو 31% منهم أطفال، فيما أصيب أكثر من 150 ألف شخص، بينهم 18 ألفًا بحاجة إلى تأهيل طويل الأمد، و4,800 مبتور الأطراف (18% منهم أطفال).
أطفال ونساء يدفعون الثمن الأكبر
تشير الأرقام إلى أن 18,430 طفلًا استشهدوا منذ بدء الحرب، بينهم 973 رضيعًا و425 مولودًا استشهدوا بعد ولادتهم مباشرة خلال الحرب. أما النساء، فقد بلغ عدد الشهيدات 9,300 امرأة (17% من إجمالي الشهداء)، بينهن 8,505 أمهات. كما أُبيدت 2,613 عائلة بالكامل، بينما بقي فرد واحد فقط من 5,943 عائلة بعد مقتل بقية أفرادها.
نزيف القطاع الصحي
القطاع الصحي نفسه تعرض لاستهداف مباشر، حيث استشهد 1,590 من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبًا، واعتُقل 361 من الطواقم الطبية، لا يزال 150 منهم قيد الاعتقال (بينهم 88 طبيبًا).
اليوم، لا يعمل سوى 15 مستشفى من أصل 38 في غزة، منها 3 فقط مستشفيات مركزية، فيما تراجعت مراكز الرعاية الأولية من 157 إلى 67 مركزًا، وغرف العمليات من 110 إلى 40 جميعها مخصصة للطوارئ فقط.
كارثة إنسانية وصحية
نقص الأدوية الأساسية وصل إلى 52%، مما عرض 300 ألف مريض مزمن للخطر، بينهم مرضى كلى (41% منهم فقدوا حياتهم بسبب نقص العلاج) و2,900 مريض سرطان (توفي منهم 338 أثناء انتظار السفر).
كما توفي 6,758 مريضًا منذ بداية الحرب نتيجة انقطاع العلاج أو منعهم من السفر، و633 مريضًا ممن أنهوا إجراءات السفر للعلاج فارقوا الحياة بانتظار تصريح الاحتلال.
الموت جوعًا وسوء التغذية
سجلت وزارة الصحة 28,000 حالة سوء تغذية منذ بداية العام، بينها 197 حالة وفاة (96 منهم أطفال)، بالإضافة إلى 1,655 شهيدًا أثناء انتظار المساعدات، منهم 892 في مراكز توزيع تديرها مؤسسة أميركية و763 أثناء انتظار الشاحنات.
كما تم تسجيل 3,120 حالة إجهاض منذ مطلع 2025 بسبب نقص العناصر الغذائية، فيما يدخل يوميًا نحو 500 شخص المستشفيات جراء مضاعفات الجوع، بينهم 100 طفل.
الأمراض والأوبئة تنتشر بسرعة
أدى الاكتظاظ في مراكز الإيواء وتلوث المياه إلى إصابة 71,338 شخصًا بالتهاب الكبد الوبائي "أ"، و167,000 حالة إسهال مصحوب بدم (أكثر من نصفهم أطفال دون الخامسة)، و490,000 إصابة بالجهاز التنفسي، إضافة إلى 1,116 إصابة بحمى شوكية و64 إصابة بمتلازمة غيلان باريه (بينها 3 وفيات).
انهيار المعدات والخدمات الطبية
تضررت أجهزة التصوير الطبي بشدة، فانخفضت أجهزة الأشعة المقطعية من 19 إلى 7، وأجهزة الرنين المغناطيسي من 7 إلى صفر. كما توقفت خدمات القسطرة القلبية في 5 مراكز قبل الحرب، وأعيد تشغيلها قبل شهرين في مركز وحيد بجهاز واحد فقط، ما أدى إلى وفاة نحو 1,000 مريض قلب.
تعرضت 183 سيارة إسعاف للاستهداف، بينما بلغت نسبة إشغال الأسرة 200% يوميًا، وتصل في مستشفى المعمداني إلى 300%، ما يجبر الأطباء على علاج المرضى في الممرات والساحات، وسط إرهاق شديد للكوادر الطبية التي تعمل أحيانًا 48 ساعة متواصلة دون راحة أو غذاء كافٍ.
ارتفاع الحاجة لوحدات الدم
أوضح مدير دائرة المعلومات الصحية في وزارة الصحة، زاهر الوحيدي، أن الحاجة لوحدات الدم ارتفعت بشكل كبير منذ يونيو/حزيران، خاصة بعد القصف الذي يستهدف ما يسمى بمراكز المساعدات الأميركية، إذ تكون أعداد الجرحى هناك أضعاف أعداد الشهداء، ما يستنزف الموارد ويتطلب كميات كبيرة من الدم لعمليات جراحية معقدة.