زكريا زبيدي: جربنا السلاح والعمل الثقافي بلا جدوى.. لا حل سلمي ولا عسكري مع إسرائيل، ومن المستحيل اقتلاعنا من أرضنا كما أننا نفتقر إلى الأدوات لاقتلاعهم

زكريا الزبيدي.jpeg

بعد خروجه من السجون الإسرائيلية في فبراير الماضي ضمن صفقة تبادل أسرى، عاش الفلسطينيون لحظة نادرة من الفرح بعودة زكريا الزبيدي، أحد أبرز قادة الكفاح المسلح السابقين، إلى الحرية.

حشود كبيرة في رام الله استقبلته استقبال الأبطال، وهتفوا باسمه، ورفعوه على الأكتاف، فيما حمل طفل يبلغ 11 عامًا علبة جل شعر كان الزبيدي قد أهداها له قبل ست سنوات، محتفظًا بها حتى يوم الإفراج.

الزبيدي (49 عامًا) كان الأكثر شهرة بين الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم مقابل رهائن إسرائيليين خلال هدنة قصيرة في غزة هذا العام. عُرف في أوائل الألفية كقائد لـكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في جنين، وأصبح رمزًا للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، قبل أن يتحول لاحقًا إلى العمل الثقافي عبر تأسيس "مسرح الحرية" في جنين، ثم يُعاد اعتقاله في 2019، ويحقق شهرة جديدة بعد هروبه المثير من السجن عام 2021 عبر نفق بطول 32 ياردة، قبل أن يُعاد اعتقاله بعد أيام.

من الكفاح المسلح إلى المسرح الثقافي

انخرط الزبيدي في العمل المسلح خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، مدفوعًا بانهيار مفاوضات السلام وزيارة استفزازية لزعيم إسرائيلي إلى المسجد الأقصى. قاد مجموعات مسلحة في معارك جنين، وواجه الجيش الإسرائيلي خلال اجتياحه لمخيم المدينة عام 2002.

في 2007، قبل الزبيدي عرضًا إسرائيليًا بالعفو مقابل التخلي عن السلاح، معلنًا أن الانتفاضة لم تحقق أهدافها، لينتقل إلى النشاط الثقافي من خلال "مسرح الحرية"، الذي قدم عروضًا مسرحية وورش عمل شبابية، لكنه أكد آنذاك أن العمل الثقافي لا يلغي جذوره في الكفاح المسلح.

الاعتقال والهروب الأسطوري

في 2019، أعادت إسرائيل اعتقال الزبيدي، متهمةً إياه بخرق شروط العفو. وأثناء محاكمته في 2021، فرّ مع خمسة أسرى آخرين من سجن جلبوع عبر نفق حُفر من حمام الزنزانة. الهروب، رغم انتهائه سريعًا بإعادة اعتقالهم، تحول إلى أيقونة نضالية في الشارع الفلسطيني، وخلدت جدارياته في غزة والضفة.

لكن الزبيدي يعترف اليوم أن العملية، رغم رمزيتها، لم تحقق إنجازًا فعليًا، بل أدت إلى تشديد ظروف الأسرى الفلسطينيين وزجه في الحبس الانفرادي.

جراح الحرب وفقدان الأمل

في أول مقابلة له بعد الإفراج، كشف الزبيدي لـ"نيويورك تايمز" عن تعرضه للضرب الشديد وكسر الفك والأسنان خلال اعتقاله بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، وهي اتهامات نفتها مصلحة السجون الإسرائيلية.

بعد 16 شهرًا من الحرب، خرج الزبيدي ليجد غزة مدمرة وجنين، مسقط رأسه، منكوبة بالغارات الإسرائيلية. منزله أصبح داخل منطقة عسكرية مغلقة، وابنه البالغ 21 عامًا قُتل في قصف إسرائيلي.

يقول الزبيدي اليوم إنه بات يرى أن العمل المسلح والعمل الثقافي على حد سواء لم يحققا حلم الدولة الفلسطينية، وأن الفلسطينيين يفتقرون إلى الأدوات التي تمكّنهم من إنهاء الاحتلال: "لا حل سلمي ولا حل عسكري، لأن إسرائيل لا تريد أن تمنحنا أي شيء. ومن المستحيل اقتلاعنا من هنا، كما أننا لا نملك وسيلة لاقتلاعهم".

البحث عن إجابة جديدة

رغم خيبة الأمل، لم يتخلّ الزبيدي عن السعي وراء إجابة، إذ بدأ دراسة الدكتوراه في جامعة بيرزيت في مجال "الدراسات الإسرائيلية"، أملًا في فهم أعمق لتعقيدات الصراع وإيجاد مسار جديد للنضال الفلسطيني.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله