أزمة الهواتف النقالة في غزة: نقص حاد وارتفاع جنوني للأسعار يضاعف معاناة السكان

الهواتف المستعملة في غزة.jpg

يشهد قطاع غزة أزمة غير مسبوقة في سوق الهواتف المحمولة وملحقاتها، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، والذي يمنع دخول الأجهزة وقطع الغيار منذ بداية العدوان قبل أكثر من 22 شهرًا. ومع دخول الحصار عامه الثاني على التوالي، تفاقمت الأزمة بشكل كبير، وسط ندرة المعروض وارتفاع كبير في الأسعار، ما جعل امتلاك أو إصلاح هاتف محمول تحديًا حقيقيًا لمعظم المواطنين.

اختفاء الأجهزة الحديثة وغلاء فاحش

تعاني أسواق غزة من غياب شبه تام للأجهزة الحديثة، فيما يقتصر المعروض على أجهزة قديمة بأسعار تتجاوز أضعاف قيمتها الأصلية.
ووفقًا لمصادر من داخل السوق المحلي، فإن الأسعار وصلت إلى مستويات خيالية:

  • أجهزة متواضعة: تتجاوز 5000 شيكل.

  • الطرازات الحديثة: تصل إلى 20 ألف شيكل.

  • شاشات متوسطة الجودة: حوالي 2000 شيكل، مع ندرة في التوفر.

  • شاشات الحماية البلاستيكية: ارتفعت من 5 إلى 50 شيكل، وغالبًا ما تكون غير موجودة في المحلات.

هذا الارتفاع الحاد في الأسعار جعل من شراء هاتف جديد أو حتى قطعة غيار رفاهية لا يقدر عليها معظم السكان، في وقت لم يعد فيه الهاتف مجرد وسيلة ترف، بل أصبح أداة أساسية للتواصل والعمل والتعليم وحتى الحصول على المساعدات.

المحال تتحول إلى ورش صيانة

بسبب شح الأجهزة وقطع الغيار، اضطرت معظم محال بيع الهواتف في القطاع إلى تغيير نشاطها والتحول إلى مراكز صيانة تعتمد بشكل كبير على إصلاح الأجهزة التالفة، حتى وإن كانت غير صالحة للاستخدام بشكل عملي.

يقول إسلام حمدان، صاحب محل للهواتف في غزة:

"منذ أشهر لم أبع أو أشترِ أي جهاز جديد. الاحتلال يمنع دخول الهواتف وقطع الغيار، والطلب يفوق العرض بشكل كبير. كثير من المواطنين فقدوا هواتفهم بسبب السرقة أو التلف الكامل، ولا يجدون بديلًا".

وأوضح حمدان أن القصف المتكرر دمر آلاف الأجهزة، بينما ساهمت حالات السرقة، التي تصاعدت مؤخرًا، في تعقيد الأزمة بشكل أكبر.

المواطنون يعودون لهواتف قديمة جدًا

أمام ارتفاع الأسعار وغياب البدائل، لجأ كثير من المواطنين إلى استخدام أجهزة قديمة جدًا، بعضها يعود تصنيعه إلى أوائل الألفية.

يقول المواطن باسم أبو نور:

"أغلب الأعطال لا يمكن إصلاحها لعدم توفر القطع أو لارتفاع أسعارها بشكل يفوق ثمن الهاتف نفسه".

وبات كثير من الأهالي يحتفظون بهواتفهم القديمة جدًا، ويعيدون تشغيلها رغم عدم ملاءمتها للبرامج الحديثة أو تطبيقات التواصل.

التأثير على الحياة اليومية والعمل

لم تعد أزمة الهواتف مجرد مسألة رفاهية، بل أصبحت تمس جوهر الحياة اليومية والمهنية في غزة.
فالهاتف المحمول يمثل أداة لا غنى عنها في العمل والتعليم والاتصال. ومع تعطل الكثير من الهواتف، بات البعض يعتمد على أقاربهم أو يضطر لاستخدام أجهزة مستعارة.

يقول أنس رمضان، وهو موظف فقد هاتفه في حادث سرقة:

"بدون هاتف لا أستطيع القيام بعملي. أستخدم هاتف زوجتي أثناء العمل، لكن الأمر مرهق وغير عملي".

هذا الوضع ينعكس سلبًا على الإنتاجية والقدرة على مزاولة العمل، خصوصًا في المهن الحرة أو التي تعتمد على التكنولوجيا.

مطالب بفتح السوق وإنهاء الحصار التقني

في ظل استمرار الأزمة، تتزايد الأصوات المطالبة بضرورة فتح المعابر والسماح بدخول الأجهزة وقطع الغيار إلى قطاع غزة، من أجل إعادة التوازن إلى السوق وخفض الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.

يرى مواطنون وتجار أن الحل الوحيد يتمثل في إنهاء ما وصفوه بـ"الحصار التقني"، الذي يضيق على السكان ويمنعهم من الحصول على أبسط وسائل الاتصال، مؤكدين أن استمرار المنع يهدد بعزل القطاع عن العالم الخارجي أكثر مما هو عليه حاليًا.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة