إسرائيل تستخدم "سلاح العطش" بعد التجويع: مخطط لتهجير سكان غزة عبر تدمير منظومتها المائية

مياه مكوروت.jpeg

في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 22 شهرًا، لم تكتفِ إسرائيل بسياسة التجويع الممنهج التي حوّلت حياة الفلسطينيين إلى معركة يومية للبقاء على قيد الحياة، بل انتقلت إلى استخدام المياه كسلاح حرب، عبر سياسة منظمة تستهدف تدمير منظومة غزة المائية وحرمان أكثر من 1.2 مليون إنسان من شرب المياه.

تدمير الآبار ومحطة التحلية

الجيش الإسرائيلي دمّر معظم آبار المياه في مدينة غزة وأوقف محطة التحلية شمال غربها منذ بداية الحرب. وبحسب بلدية غزة، فقد جرى تدمير 56 بئرًا بشكل كامل، فيما توقفت آبار أخرى بسبب نقص الوقود وغياب الصيانة، كما تضررت أكثر من 75% من شبكات الضخ والتحلية وتعرضت عشرات آلاف الأمتار من أنابيب المياه للتدمير.

النتيجة: انهيار شبه كامل للبنية المائية، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 5 لترات يوميًا، مقارنة بالحد الأدنى الموصى به دوليًا وهو 100 لتر.

الاعتماد على خط "ميكروت" الإسرائيلي

مع تدمير معظم مصادر المياه المحلية، يعتمد سكان غزة بنسبة 70% على خط مياه "ميكروت" الذي تتحكم فيه إسرائيل بشكل كامل. لكن هذا الخط يتعرض لانقطاعات متكررة بفعل العمليات العسكرية، ما يجعل تدفق المياه غير مستقر ويضاعف من معاناة السكان.

خطة الاحتلال: التعطيش للتهجير

تدرس الحكومة الإسرائيلية تقليص ما تبقى من كميات المياه المتدفقة إلى شمال غزة، بالتزامن مع إصلاح خطي مياه متجهين إلى الجنوب. الهدف – وفق محللين وتقارير عبرية – هو دفع الفلسطينيين على النزوح جنوبًا بحثًا عن المياه، بما يخدم المخطط الإسرائيلي لإعادة احتلال مدينة غزة وتفريغها من سكانها.

وذكرت هيئة البث العبرية أن هذا القرار جاء بموافقة القيادة السياسية الإسرائيلية، ليُضاف إلى سلسلة إجراءات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا ضمن خطة أشمل لاحتلال القطاع بالكامل.

"عربات جدعون 2": خطة اجتياح غزة

بالتوازي مع سياسة التعطيش، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس المصادقة على خطة عسكرية لاجتياح مدينة غزة تحت اسم "عربات جدعون 2"، متوعدًا بتحويلها إلى "جحيم" شبيه بما حلّ برفح وبيت حانون، وباستخدام "كثافة نارية غير مسبوقة".

الخطة التي أقرها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابنيت" في 8 آب/أغسطس الجاري، تشمل ثلاث مراحل:

  1. احتلال مدينة غزة عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.

  2. احتلال مخيمات اللاجئين وسط القطاع، التي دمّرت إسرائيل أجزاء واسعة منها خلال الأشهر الماضية.

  3. نقل أكثر من 800 ألف فلسطيني إلى مناطق يُطلق عليها الاحتلال "إنسانية" جنوب القطاع، مع إنشاء ملاجئ ومستشفيات ميدانية وبنى تحتية بديلة للمياه، وسط تقديرات بأن تكتمل هذه الاستعدادات خلال نحو ثلاثة أسابيع.

كارثة إنسانية وصحية وشيكة

المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، حذّر من أن "أي تقليص جديد في كميات المياه سيؤدي إلى انهيار كامل لمصادر المياه، ما يعني حرمان مئات آلاف العائلات من الحد الأدنى للحياة، وانفجار كارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة".

وأكد أن الوضع الحالي ينذر بانتشار الأوبئة والأمراض نتيجة النقص الحاد في المياه النظيفة، مشيرًا إلى أن أكثر من 1.2 مليون مواطن ونازح في مدينة غزة يواجهون خطر العطش القاتل.

نداءات استغاثة دولية

وزارة الداخلية في غزة وصفت المخطط الإسرائيلي لإعادة احتلال المدينة بأنه "حكم بالإعدام والتشريد"، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة والصليب الأحمر للتحرك العاجل لوقف سياسة استخدام المياه كسلاح إبادة جماعية.

وطالبت بفتح المعابر لإدخال المعدات اللازمة لإعادة تشغيل محطة التحلية وتوفير الوقود بكميات كافية لتشغيل الآبار ومحطات الضخ.

وبينما تستمر إسرائيل في استخدام التجويع والتعطيش كأدوات حرب جماعية ضد سكان غزة، تتفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث. ويؤكد خبراء أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار مأساة إنسانية وصحية شاملة، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف هذه السياسة وإنقاذ حياة مئات آلاف المدنيين العطشى والجوعى المحاصرين.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة