كتب: وليد العوض :
عقدت لجنة الدستور المشكلة بموجب مرسوم السيد الرئيس اجتماعها الأول في مدينة رام الله يوم أمس الأحد ، وأكدت في بيانها أن صياغة دستور فلسطين تستند إلى الاستحقاقات الوطنية للمرحلة المقبلة، بما يساهم في تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة. واعتبرت أن هذه الخطوة تُشكّل مهمة قومية ووطنية عليا تهدف إلى إعداد مشروع دستور لدولة فلسطين، وأن هذا الإنجاز سيكون من أبرز معالم النضال السياسي الفلسطيني في المرحلة الراهنة.
الجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي تُشكَّل فيها لجنة لإعداد دستور، فقد سبق وأن تم تشكيل لجنة عام 1999 برئاسة الدكتور نبيل شعث، بمشاركة واسعة من القوى السياسية والمجتمعية، إلى جانب لجنة استشارية ضمت 36 شخصية سياسية ومجتمعة بارزة ، وبمشاركة أربعة خبراء دوليين مرموقين من بريطانيا وأمريكا وإسبانيا. وقد أُعدّت ثلاث مسودات، كان آخرها ما عُرض في اجتماع المجلس المركزي في مارس 2003.
وقد حظيت تلك الجهود آنذاك بدعم شخصيات عربية بارزة مثل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، ورئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري، ووزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل، والأمينين العامين السابقين لجامعة الدول العربية عمرو موسى والدكتور عصمت عبد المجيد. ومع أن تلك الجهود كلفت مبالغ طائلة، فقد تم تجميد المسار لأسباب سياسية وأمنية، أبرزها حملة "السور الواقي" الإسرائيلية، التي دمرت معظم البنى التحتية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى الانقسام الذي أصاب الوضع الداخلي الفلسطيني وفاقم المشهد من مختلف الجوانب وأوقف السير نحو استكمال انجاز هذا المشروع الوطني الهام ، اليوم، وفي ظل حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، ومحاولات التهجير، وتصاعد الاستيطان والضم، جاء مرسوم تشكيل اللجنة الجديدة للدستور ليمثل خطوة شديدة الحساسية، تتطلب قراءة عميقة للأبعاد السياسية والقانونية المحيطة بها.
أبرز هذه الاعتبارات هو غياب البيئة الفلسطينية الداخلية الملائمة لمثل هذه الخطوة الكبرى، في ظل ما تعيشه الساحة السياسية من تباينات وانقسام ، ما قد يُضعف من قوة الدستور وشعبيته. كما أن الأولوية في هذه الظروف يجب أن تتركز على وقف العدوان والمجاعة والتهجير، وهي المهام التي حددها المجلس المركزي في اجتماعه الأخير.
ورغم التقدم الدبلوماسي والاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، فإن تجسيد الدولة على الأرض ما زال غير منظور في الوقت الراهن ، مما يدعو إلى التفكير العملي بأحد المسارين أما بتطوير القانون الأساسي الحالي ، أو إعادة النظر في المسودة الثالثة للدستور لعام 2003، بدل الانشغال بمسار جديد مكلف سياسيًا وماليًا في هذا الوقت الصعب .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت