المخدرات واسلحة عصرية متطورة من الجيل الرابع والخامس استخدمتها اسرائيل في حروبها ضد العرب والفلسطينيين

بقلم: الدكتور خالد أبو ظاهر

خالد ضاهر.jpg

(حول استخدام إسرائيل لأسلحة الجيل الرابع والخامس من المخدرات، الإعلام، الفضاء الإلكتروني، وسائل التواصل الاجتماعي، الذكاء الاصطناعي، الشائعات، المعلومات المضللة، والهجمات السيبرانية والحرب النفسية في حروبها ضد العرب والفلسطينيين)

 

 

منذ قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في عام 1948، خاضت فيها دولة الاحتلال سبع حروب وثلاث انتفاضات فلسطينية، وسلسلة من الصراعات المسلحة ضمن صراع أكبر بين العرب وإسرائيل وبين الفلسطينيين وإسرائيل.

سوف نلخصها فيما يلي:

1- حرب 1948: وهي حرب اندلعت في فلسطين بين كل من مصر والأردن والعراق وسورية ولبنان والسعودية ضد العصابات الصهيونية المسلحة.

2- العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م: هو عدوان شنته كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر إثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.

  1. نكسة 1967 أو حرب حزيران أو حرب الأيام الستة: هي حرب اندلعت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن عام 1967.

4- حرب الاستنزاف: وهي حرب الألف يوم كما أطلق عليها بعض الإسرائيليون، والتي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس.

5- حرب أكتوبر عام 1973م: هي الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة التي شنتها كل من مصر وسوريا بدعم عربي عسكري مباشر وسياسي واقتصادي على إسرائيل.

6- نزاع جنوب لبنان 1978: (سمى رمزياً عملية الليطاني من قبل إسرائيل) وهو كان اسم عملية احتلال الجيش الإسرائيلي عام 1978 للبنان حتى نهر الليطاني.

7- حرب لبنان 1982: وتسمى أيضا بغزو لبنان أو ما أطلقت عليه إسرائيل اسم عملية السلام للجليل وعملية الصنوبر، هي حرب عصفت بلبنان فتحولت أراضيه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.

8- الصراع في جنوب لبنان (1982-2000) : هي معارك وصراع بين المقاومة اللبنانية والفلسطينيين من جهة وقوى إسرائيل وحلفائها من جهة أخرى.

9- الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو انتفاضة الحجارة في عام 1987: والتي سمّيت بهذا الاسم لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عُرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة. بدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 1987، وكان ذلك في جباليا، في قطاع غزة.

10 - الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى في عام 2000م : والتي اندلعت في 28 سبتمبر 2000. حيث عانت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف. كان سبب اندلاعها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي «السابق» أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة.

11- حرب تموز في عام 2006 (حسب التسمية الشائعة في لبنان) أو حرب لبنان الثانية (حسب التسمية الإسرائيلية) : والتي تسمى في بعض وسائل الإعلام العربية «الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006» أو «العدوان الإسرائيلي على لبنان» وفي وسائل الإعلام الأجنبية «مواجهة إسرائيل-حزب الله 2006» هي العمليات القتالية التي بدأت في 12 تموز (يوليو) 2006 بين قوات من حزب الله اللبناني وقوات الجيش الإسرائيلي والتي استمرت 34 يوما في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت، وفي شمالي إسرائيل، في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر. وكانت الحرب تؤثر على منطقة هضبة الجولان أيضا.

12- الهجوم على غزة في عام 2008م: وهي عملية عسكرية ممتدة شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في فلسطين من يوم 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009.

13- الحرب على غزة في عام 2014 م: وسميت بعملية الجرف الصامد من الجانب الإسرائيلية وبالعصف المأكول وفق الجانب الفلسطيني نزاع عسكري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة بدأ في الثامن من يوليو 2014 واستمر لمدة 50 يوم تقريبا.

14- الحرب على غزة في عام 2021م (معركة سيف القدس، كما سمتها المقاومة الفلسطينية) أو (عملية حارس الأسوار- حسب التسمية الإسرائيلية): هو نزاع عسكري واسع النطاق بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. قُتِل أكثر من 200 فلسطيني كما قُتِل أكثر من 13 إسرائيليًا في الحرب التي انتهت في 21 أيّار/مايو من عام 2021 بهدنة بوسَاطة مصرية.

15- طوفان الأقصى في عام 2023م: وهو هجوم مفاجئ شنته حركة حماس علي المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 ردا على انتهاكات الجيش الإسرائيلي المستمرة بحق المواطنين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، وردا على هذا الهجوم قامت إسرائيل بشن حرب شرسة مدمرة على قطاع غزة وعلى الضفة الغربية.

إن جميع هذه الحروب والصراعات والتي حدثت في دائرة الصراع العربي-الإسرائيلي والفلسطيني -الإسرائيلي قد حدثت، بدرجة ما، بواسطة استخدام القوة العسكرية فعليا، أو التهديد باستخدامها، وقد حدث ذلك بوضوح، مع ان هذا الصراع لم يكن صراعا عسكريا فقط، وإنما كان صراعا شاملا ممتدا، متعدد الأبعاد، حيث لم تعد المعارك العسكرية فقط هي ما يعتمد عليه لحسم الحرب، وخصوصا ان أسلحة حروب الجيلين الرابع والخامس والتي تستخدمها إسرائيل ضد العرب والفلسطينيين قد تعددت وتنوعت وصارت لا تقل ضراوة عن الاشتباكات المسلحة ولا تقل عنها في التأثير.

ان حروب الاحتلال الإسرائيلي من الجيل الرابع والخامس ضد الفلسطينيين والعرب ليست خيالًا علميًا، بل واقع نعيشه في كل لحظة، حيث إنها حرب تدور رحاها في العقول والشاشات، وتستخدم فيها إسرائيل أدوات وأساليب واسلحة غير تقليدية مثل المخدرات بكافة أنواعها، الإعلام، الفضاء الإلكتروني، الذكاء الاصطناعي، الشائعات، المعلومات المضللة، والهجمات السيبرانية والحرب النفسية.

وتستهدف هذه الأسلحة الغير تقليدية العقول قبل الأجساد، وتحدث تأثيرًا عميقًا دون إطلاق رصاصة واحدة وتهدف هذه الوسائل والأساليب والأسلحة الغير تقليدية إلى التأثير على الرأي العام، وزعزعة الاستقرار، وتفكيك المجتمع الفلسطيني والعربي من الداخل، وإن التصدي لها يتطلب وعيًا شعبيًا، واستراتيجية وطنية محكمة تدمج بين التكنولوجيا والأمن والفكر.

ومن أشهر الأسلحة الغير تقليدية التي استخدمتها إسرائيل ما يلي:

1- المخدرات بكافة أنواعها : حيث ان الاحتلال الإسرائيلي ومنذ قيامه على الأراضي الفلسطينية في عام 1948م ، يدعم بكافة الوسائل والأساليب انتشار المخدرات في جميع فئات المجتمع الفلسطيني ويعتبر المخدرات اهم سلاح لديه في حروبه ضد الشعب الفلسطيني، كما وضحنا في مقالة سابقة بعنوان ( المخدرات... سلاح الاحتلال الاسرائيلي المدمر في حربه ضد الشعب الفلسطيني) والتي نشرت على صفحات شبكة معا الإخبارية ، وكذلك في مقالة أخرى بعنوان ( المخدرات وجرائم حرب جديدة يبتكرها الاحتلال الإسرائيلي في غزة وينتهك القوانين الدولية والإنسانية) والتي نشرت على صفحات صحيفة الحدث الفلسطيني ، ومقالة بعنوان (الاحتلال الإسرائيلي والمخدرات) والتي نشرت على صفحات صحيفة الحياة الجديدة ، ومقالة بعنوان (الاحتلال الإسرائيلي والمخدرات في فلسطين) والتي نشرت على صفحات شبكة فلسطين للأنباء-شفا، ومقالة بعنوان ( المخدرات - سلاح اسرائيل الحديث في حروبها من الجيلين الرابع والخامس ضد الفلسطينيين ودور وزارات دولة فلسطين في الوقاية منها ومكافحتها) ومقالة بعنوان ( المخدرات وحرب الأوكسيكودون - إرهاب كيميائي إسرائيلي ضد الفلسطينيين ) والتي سوف تنشران قريبا .

2- وسائل التواصل الاجتماعي: ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ظهر أمر خطير خلال الفترة الأخيرة وهو تورط وسائل التواصل الاجتماعي في دماء الفلسطينيين في غزة، حيث تعمدت شركة (ميتا) منذ بداية الحرب على إسكات الأصوات الداعمة للفلسطينيين، وحقوقهم عبر تطبيقاتها المتعددة سواء على فيس بوك أو إنستجرام، وكل المواضيع الخاصة بالمجازر التي تحدث في غزة يتم إزالتها أو تقييد عدد مشاهدتها على منصات شركة ميتا، وذلك بالاتفاق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وهناك تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية فجر مفاجأة كبيرة وهو مشاركة شركة ميتا بيانات (واتس اب) لدعم نظام ذكاء اصطناعي إسرائيلي يستهدف الفلسطينيين.

3- الإعلام والفضاء الإلكتروني: يُعرِّف الإعلام الإسرائيلي والإعلام الغربي الداعم له الحرب بأنها حرب لإنقاذ مخطوفين إسرائيليين ولإزالة تهديد إرهاب حركة حماس الذي يشكّل خطراً على الوجود الإسرائيلي برمّته. ويتم تبرير حرب الإبادة واستباحة المستشفيات والمدارس وخيام اللاجئين والمؤسسات الدولية والإعلامية وارتكاب مجازر داخلها، خارج قواعد القانون وأخلاقيات مهنة الصحافة، بادعاء أن المسلحين الفلسطينيين يستخدمون المدنيين كدروع بشرية تارةً، ويندمجون(المسلحون) مع المدنيين ويعتبرون الجميع مصدر خطر وتهديد تارةً أُخرى.

وقد استخدمت إسرائيل الاعلام المضلل منذ بداياتها في بث الإشاعات للنيـل مـن نفسية الفرد الفلسطيني، وعقله ومعنوياته، ليبقى جسداً فارغاً من مضمونه النفسي، يحيطه القلـق والخوف، والاكتئاب، والحزن، والرعب من كل جانب، فيبحث عن مكـانٍ ليجـد فيـه الأمـن والاستقرار النفسي، فلم يجد أمامه سوى الفرار من وطنه إلى وطنٍ آخر، وهذا ما تـسعى دولة الاحتلال إلى تحقيقه.

4- الذكاء الاصطناعي: يستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها: التنبؤ الاستباقي والتنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم وتحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.

أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة وفي الضفة الغربية فهي:

- نظام لافندر: وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب، ويحل النظام محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها، وقد حقق البرنامج معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.

- نظام (أين أبي؟): من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.

وبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.

- نظام (غوسبل) أو (الإنجيل): حيث استخدم نظام "غوسبل" أو "الإنجيل" في الحرب على غزة، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.

- نظام (فاير فاكتوري): استخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.

- نظام (عمق الحكمة): وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.‏

- نظام (الكيميائي): وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.

- نظام (فاير ويفر): وهو نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.

- نظام (فلو): وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.

- نظام (هنتر): وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.

- نظام (زد-تيوب): وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.

5- المعلومات المضللة والشائعات: خلال الحرب، نشرت الحكومة الإسرائيلية من خلال شركات الإنترنت الإسرائيلية وأدوات الذكاء الاصطناعي ومزارع الروبوتات الكثير من المعلومات المضللة والدعاية الصارخة والعاطفية والكاذبة لإهانة الفلسطينيين، وزرع الانقسام بين مؤيدي فلسطين، وممارسة الضغط على السياسيين لدعم تصرفات إسرائيل. وقد أشار موقع ذا إنترسبت إلى أن «في قلب حملة الحرب الإعلامية الإسرائيلية مهمة تكتيكية تهدف إلى نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين وإغراق الخطاب العام بسيل من الادعاءات الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة ولا يمكن التحقق منها». وقد تم تكليف إحدى هذه الحملات السرية من قبل وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية. وقد خصصت الوزارة نحو مليوني دولار لهذه العملية، واستخدمت شركة التسويق السياسي ستووك ومقرها تل أبيب لتنفيذها، وذلك وفقًا للمسؤولين والوثائق التي استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز.

حيث استخدمت مئات الحسابات المزيفة التي تنتحل صفة الأميركيين على إكس وفيسبوك وإنستغرام لنشر تعليقات مؤيدة لإسرائيل، مع التركيز على المشرعين الأميركيين، وخاصة السود ومن الحزب الديمقراطي، بما في ذلك حكيم جيفريز، زعيم الأقلية في مجلس النواب من نيويورك، ورافائيل وارنوك، السيناتور من جورجيا. تم نشر شات جي بي تي لتوليد العديد من المنشورات وشملت الحملة أيضًا إنشاء ثلاثة مواقع إخبارية مزيفة باللغة الإنجليزية تعرض مقالات مؤيدة لإسرائيل.

في نوفمبر 2024، أشار تقرير صادر عن لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي الغربية قامت بإزالة المحتوى الذي يُظهر التضامن مع الشعب الفلسطيني بشكل غير متناسب مقارنة بالمحتوى الذي يروج للعنف ضد الفلسطينيين.

وهذه ليست المرة الأولى التي تخوض فيها إسرائيل حرب الكذب وترويج الشائعات عن خصمها بل هي استراتيجية مترسخة في عقيدتها وبنت دولتها الهشة عليها، فلولا وجود الإعلام وتفوقهم على نشر الشائعات والحرب النفسية لما استمر قيام دولة الاحتلال لـ 77 عاماً.

6- الهجمات السيبرانية: ثمة ثلاثة قطاعات فلسطينية تعرضت للهجوم السيبراني من جانب إسرائيل او جهات موالية لها، خلال الأسابيع الماضية. وقد تركزت جُلّ الهجمات الموزعة لحجب الخدمة باستخدام HTTP ضد المواقع الإلكترونية المصرفية — 76% من جميع الهجمات تقريبًا. وجاء قطاع الإنترنت في المرتبة الثانية من حيث الاستهداف بالهجمات بحصة بلغت 24% من جميع الهجمات الموزعة لحجب الخدمة واستهدفت حصة صغيرة من الهجمات مواقع الإنتاج الإعلامي.

وقد هاجمت مجموعات هندية مواقع إلكترونية فلسطينية. ويرى الخبير في سيكويا أن ذلك ناجم عن العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل فضلًا عن العلاقة بين مجموعات هندية وشركات ناشئة إسرائيلية تشكل مزودًا لها. ويشير مدير "زيويت" إلى أن الهجمات ضد المواقع الإلكترونية الفلسطينية كانت أقل عددًا لكن أكثر خطورة أحيانًا. ويذكر هجوما إلكترونيا شنته المجموعة الهدنية "إنديان سايبر فورس" على "ألفا نت" مزود الانترنت الفلسطيني في قطاع غزة.

هذا عدا ضلوع إسرائيل التاريخي في اغتيال شخصيات معادية لها في مختلف دول الشرق الأوسط، من خلال اختراق شبكات الاتصالات، والحصول على معلومات استخباراتية عن تحرك هذه الشخصيات، وتساعد هذه الاختراقات كذلك في استخدام تقنية بصمة الصوت التي تسهل تلك الاغتيالات وتعزز دقة الاستهدافات إلى حد فائق.

7- الحرب النفسية: في سياق الحرب التي تشنُّها إسرائيل على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ألقت أجهزة الدعاية الإسرائيلية بثقلها في معركة معلوماتية وصراع سردي غير متكافئ ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، سعيًا لترويج روايتها، وتقديم الإسرائيليين في موقف الضحية لشرعنة جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع منذ سنوات.

وقد اعتمدت إسرائيل سياسة ممنهجة في قتل المدنيين، وقصف المساكن وتدمير المنشآت والبنية التحتية، والقضاء على مصادر الحياة، وتهجير السكان وتشريدهم وحصارهم وتجويعهم في سبيل كسر إرادة المقاومة واختراق الصلابة النفسية لسكان القطاع وتحطيم معنوياتهم، والسعي إلى انتزاع المقاومة الفلسطينية من حاضنتها الشعبية، وبث الرعب والخوف والذعر، وإحداث الفوضى في القطاع.

ان الدعاية والحرب النفسية الإسرائيلية لها تبعات وتأثيرات في الرأي العام الفلسطيني، والتي تشمل تشويه صورة المقاومة سياسيًّا، وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الأمن الغذائي في القطاع، والتشكيك بمشروعية المقاومة، وتهديد وحدة المجتمع والسكينة العامة في المجتمع.

ومن أشهر أدوات الحرب النفسية التي استخدمتها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية، ما ذكرته هاجر أيمن في مقالتها بعنوان (تكتيكات الحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة ولبنان) :

1- استراتيجية الصدمة والرعب (shock and awe)‏: وهو تكتيك عسكري يركز على الاستخدام المفرط للقوة والعنف من خلال تنفيذ عمليات جوية مكثفة ومدمرة حققت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين؛ الهدف منه بث الذعر والخوف في صفوف المدنيين لإجبارهم على النزوح وتدمير الروح المعنوية للفلسطينيين من خلال إثبات أن قدراتهم لن تستطيع الصمود أمام القوة الإسرائيلية المدمرة.

2- إسقاط المنشورات: لإسرائيل تاريخ في إسقاط المنشورات التي يحاول الجيش الإسرائيلي من خلالها بث الرعب وإرهاب الفلسطينيين.

3- سياسة العقاب الجماعي: مارست إسرائيل سياسة العقاب الجماعي؛ فعمدت تدمير البنية التحتية وكافة سبل الحياة، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية لداخل القطاع وتجويع المدنيين؛ لخلق أزمة ومعاناة إنسانية، وبث الخوف واليأس والتهديد المستمر من خلال إشعار المدنيين بعدم وجود أي مكان آمن؛ وذلك لتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.

4- التحكم والتلاعب الإعلامي: حاولت إسرائيل خلق حالة من العزلة على الشعب الفلسطيني من خلال التلاعب الإعلامي وضمان تصدر السردية الإسرائيلية التي روجت لأكاذيب ضخمت بشكل كبير مما قام به مقاتلي حماس في عملية طوفان الأقصى عبر كافة وسائل الإعلام الغربية التي انحازت بشكل فج للجانب الإسرائيلي، وبررت أفعاله بأنها تأتي في إطار الدفاع عن النفس.

5- التعاون مع أجهزة دولية لممارسة تكتيكات الحرب النفسية في حربها الحالية؛ حيث كشف موقع “ديكلاسيفايد” البريطاني وفقًا لوثائق سرية مسربة أن بريطانيا قدمت تدريبات ونصائح للجيش الإسرائيلي سرًا حول تقنيات الحرب النفسية.

خلاصة:

ان الاحتلال الإسرائيلي استخدم أدوات وأساليب واسلحة غير تقليدية في حروبه المختلفة ضد العرب والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية في الوقت الحاضر، مثل المخدرات بكافة أنواعها، الإعلام، الفضاء الإلكتروني، الذكاء الاصطناعي، الشائعات، المعلومات المضللة، والهجمات السيبرانية ، ولا نستبعد انه استخدم جميع أسلحة حروب الجيل الرابع والخامس منذ قيامه، فإسرائيل من روجت لأكذوبة وإشاعة ان فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، محولة أن تؤسس لمزاعم واهية ترددها لسنوات وسنوات بأن فلسطين ملك للشعب اليهودي على الرغم من أن الهجرة اليهودية للأراضي المحتلة بدأت في القرن التاسع عشر.

والعصابات الصهيونية استخدمت الحرب النفسية والاشاعات والمعلومات المضللة في عامي 1948 و1967عندما هاجمت القرى الفلسطينية وارتكبت فيها مجازر وعملت على نشرها لكافة القرى والمدن المجاورة لإرهاب السكان، وتلك العصابات من اجبر الفلسطينيين على ترك منازلهم والرحيل عنها واختلقت تل أبيب روايات مزيفة تزعم بأن الفلسطينيين نزحوا من تلقاء أنفسهم.

واستخدمت إسرائيل سلاح المخدرات منذ نشأتها من خلال سن الأوامر العسكرية التي تستبدل عقوبة السجن بسبب الاتجار والتعاطي بمبالغ مالية زهيده للتشجيع على التعاطي والاتجار.

وإسرائيل تستخدم الذكاء الاصطناعي والهجمات السيبرانية في حربها ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية في الوقت الحاضر وقد استخدمتهما في حربها ضد حزب الله في لبنان.

وفي الختام نقول ان إسرائيل تعمل على توظيف كل ما تمتلكه من أدوات وإمكانات واسلحة واساليب لتصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، وترسم معادلة إقليمية جديدة تقوم على القضاء على كل المهددات الصادرة عما يعرف باسم محور المقاومة، وتعمل على القضاء على جميع التنظيمات المقاومة داخل وخارج فلسطين وفي أي بلد.

وتعد المخدرات بكافة أنواعها، الإعلام، الفضاء الإلكتروني، الذكاء الاصطناعي، الشائعات، المعلومات المضللة، والهجمات السيبرانية، من أشهر الأسلحة التي تستخدمها في حروبها من الجيل الرابع والخامس ضد العرب والفلسطينيين، من اجل تحقيق مجموعة من الأهداف واهمها إعادة تشكيل القناعات (كي الوعي) لدى الفلسطينيين لخفض سقف التوقعات لديهم ولتحويل آمالهم من إقامة دولتهم؛ لتتحول تلك القناعات إلى أمال البقاء فقط على قيد الحياة، وإن التصدي لهذه الأسلحة المختلفة يتطلب من الشعب الفلسطيني وعيًا شعبيًا، ومن القيادة السياسية الفلسطينية بناء استراتيجية وطنية محكمة تدمج بين التكنولوجيا والأمن والفكر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت