الضربة الإسرائيلية في الدوحة تهدد مسار المفاوضات حول وقف حرب غزة

تصاعد الدخان بعد انفجارات في الدوحة بعد الضربة الإسرائيلية (رويترز)

وجّهت إسرائيل ضربة قاسية إلى المفاوضات الجارية لإنهاء حرب غزة، بعدما استهدفت بهجوم جوي غير مسبوق قيادات حركة «حماس» داخل العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان وفد الحركة يعقد اجتماعاً لمناقشة مقترح أميركي جديد لوقف إطلاق النار.

استهداف أثناء المفاوضات

القيادة السياسية للحركة نجت من الضربة التي طالت مجمعاً سكنياً يضم مكاتب ومقرات لعدد من مسؤوليها، لكن الغارات أسفرت عن مقتل ستة أشخاص، بينهم همام الحية نجل عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبد، إضافة إلى عنصر أمن قطري.
مصدر من الحركة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الهجوم ركّز على منزل القيادي خليل الحية، بينما انعقد اجتماع الوفد المفاوض في منزل قريب كان يُستخدم سابقاً من قبل الراحل إسماعيل هنية، وهو ما ساعد على نجاة القادة.

الموقف القطري

وزارة الخارجية القطرية أكدت أنها «لن تتهاون مع هذا السلوك الإسرائيلي المتهور»، واعتبرت أن الهجوم يمثل «اعتداءً إجرامياً وانتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية، وتهديداً خطيراً لأمن وسلامة القطريين والمقيمين».
المتحدث باسم الخارجية ماجد الأنصاري نفى صحة ما تردد عن إبلاغ قطر مسبقاً بالهجوم، مؤكداً أن الاتصال الأميركي جاء «خلال سماع دويّ الانفجارات» وليس قبله.

الموقف الأميركي

البيت الأبيض أعلن أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبّر عن تحفظه على مكان الهجوم، مشيراً إلى أن العملية «لا تخدم المصالح الإسرائيلية ولا الأميركية». وأوضح أن ترمب وجّه مبعوثه ستيف ويتكوف لتحذير الدوحة، لكن التحذير جاء متأخراً.
المتحدثة باسم البيت الأبيض أكدت أن ترمب اتصل بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد الضربة، وأبلغه أن «مثل هذا الأمر لن يتكرر مجدداً على أراضي قطر».

الرواية الإسرائيلية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شدد على أن العملية «مستقلة بالكامل»، موضحاً في بيان أن إسرائيل «بادرت إليها ونفذتها وتتحمّل المسؤولية الكاملة عنها». وخلال فعالية بالسفارة الأميركية في القدس، قال نتنياهو: «قادة الإرهاب لن يكونوا بمأمن في أي مكان... ولت الأيام التي كان قادة حماس يحظون فيها بالحصانة»، مؤكداً أن الهجوم هدفه «تصفية الحسابات وضمان أمن الإسرائيليين في المستقبل».
الجيش الإسرائيلي والشاباك تبنيا العملية، وقالا إن المستهدفين «قادوا أنشطة حماس لسنوات، وكانوا مسؤولين عن مجزرة 7 أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل».

تأثير مباشر على المفاوضات

الضربة الإسرائيلية أثارت قلقاً كبيراً بشأن مستقبل المفاوضات، إذ كانت قيادة حماس تبحث في الدوحة تفاصيل مقترح أميركي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. مصدر فلسطيني أشار إلى أن الهجوم كشف رغبة نتنياهو في «إجهاض أي فرصة للتوصل إلى اتفاق»، وهو ما يضع الوسطاء – قطر ومصر والولايات المتحدة – أمام تحديات جديدة.
القيادة القطرية من جانبها شددت على أن جهود الوساطة «جزء من هوية الدولة» ولن تتوقف، رغم الاستهداف.

تداعيات اقتصادية

لم تقتصر انعكاسات الهجوم على الجانب السياسي؛ إذ شهدت الأسواق العالمية اضطراباً ملحوظاً: ارتفع سعر مزيج برنت بنسبة 1.8% متجاوزاً 67 دولاراً للبرميل. صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة مماثلة إلى 63.40 دولار. سجل الذهب مستوى قياسياً جديداً عند 3674 دولاراً للأوقية. تراجعت العملات الرقمية بشكل حاد، بخسائر تجاوزت 52 مليون دولار في غضون ساعة واحدة.

تأتي الغارة الإسرائيلية في الدوحة لتفتح فصلاً جديداً في حرب غزة، إذ لم تعد المواجهة محصورة داخل القطاع، بل امتدت إلى أراضي دولة وسيطة ترعى المفاوضات. وبينما تواصل قطر ومصر محاولاتهما لإنقاذ مسار التهدئة، فإن الضربة تشي بأن إسرائيل تسعى لفرض وقائع جديدة قد تُعقّد أي أفق لحل سياسي قريب.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الدوحة