تحت وطأة القصف المكثف والأحزمة النارية، يواصل سكان قطاع غزة النزوح مشيًا على الأقدام من شمال القطاع عبر شارع الرشيد، في وقتٍ تتعرض فيه المدينة لواحدة من أعنف موجات التدمير والتهجير منذ بدء العدوان.
المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، قال إن "غزة تُمحى وتتحول إلى أرض قاحلة، ويبدو أنها تصبح أكثر فأكثر غير صالحة لعيش البشر"، مضيفًا أن الأطفال يتضورون جوعًا والعائلات تُهجَّر قسرًا فيما يعيش الناس في حالة خوف دائم، مؤكدا أن "الإرادة السياسية وصنع القرار أصبحا مطلوبين بشكل مُلح أكثر من أي وقت مضى".
في السياق، يستعد الجيش الإسرائيلي للشروع في توغله البري إلى مدينة غزة ضمن عملية "عربات جدعون 2"، مع تكثيف الهجمات على الأحياء السكنية والبنية التحتية في المدينة، في ظل تصريحات لوزير الأمن الإسرائيلي يوآف كاتس تحدث فيها عن "فتح أبواب الجحيم على المقاومة"، بينما تشير الحقائق على الأرض إلى أن النيران تُفتح على المدنيين العُزّل ومساكنهم.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أوضح أن الاحتلال ارتكب عمليات تدمير واسعة، شملت أكثر من 1,600 برج وبناية سكنية تم تدميرها كليًا، وأكثر من 2,000 بناية تعرضت لتدمير بليغ، إلى جانب 13,000 خيمة أُزيلت بالكامل كانت تؤوي آلاف النازحين. ومنذ مطلع سبتمبر 2025 وحده، دُمر نحو 70 برجًا سكنيًا بشكل كامل، وأُصيب 120 برجًا بأضرار جسيمة، إضافة إلى تدمير أكثر من 3,500 خيمة للنازحين.
وبحسب المكتب الإعلامي، فإن هذه المباني كانت تضم ما يزيد عن 10,000 وحدة سكنية يسكنها أكثر من 50,000 مواطن، فيما كانت الخيام تؤوي أكثر من 52,000 نازح، ما يعني أن الاحتلال دمّر مساكن وخيامًا كان يقطنها ما يفوق 100,000 شخص، وهو ما أدى إلى نزوح قسري يقدر بأكثر من 350,000 مواطن من الأحياء الشرقية للمدينة إلى وسطها وغربها.
وأشار المكتب إلى أن الاستهداف تركز على أحياء ومخيمات رئيسية في غزة مثل الشجاعية والزيتون والتفاح والدرج والرمال الشمالي والجنوبي وتل الهوى والشيخ رضوان والصبرة والنصر ومخيم الشاطئ والشيخ عجلين، مؤكدًا أن هذا السلوك يعكس بوضوح سياسة "التطهير العرقي والإبادة الجماعية الممنهجة" في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم وتوفير الحماية للمدنيين، مؤكدًا أن ما يجري في غزة "يمثل إبادة جماعية مكتملة الأركان" لا يمكن السكوت عنها.