الولايات المتحدة تدخل في إغلاق حكومي بعد فشل تمرير تمويلٍ مؤقّت في مجلس الشيوخ

واشنطن.jpg

دخلت الحكومة الفدرالية الأميركية في إغلاقٍ حكومي هو الأول منذ نحو سبع سنوات، وذلك عقب فشل مجلس الشيوخ في تمرير مشروع قانون تمويلٍ مؤقّت يمدّد الإنفاق الاتحادي ويحول دون تعطل الإدارات عند منتصف ليل الثلاثاء (نهاية السنة المالية).

كيف حدث الإغلاق؟

فشل الجمهوريون والديمقراطيون في التوصل إلى تسويةٍ عابرة للحزبين تضمن استمرار التمويل خلال أكتوبر/تشرين الأول وما بعده. ورغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس وتمرير المشروع في مجلس النواب، فإن التصويت في مجلس الشيوخ انتهى إلى 55 صوتًا مؤيدًا مقابل 45 معارضًا، وهو أقلّ من العتبة البالغة 60 صوتًا اللازمة للاعتماد.

واتّهم زعيم الأغلبية الجمهوري جون ثون الديمقراطيين بعرقلة المشروع «لدوافع حزبية»، فيما ردّ زعيم الأقلية الديمقراطي تشاك شومر بأن الجمهوريين يميلون إلى «التضليل».

جوهر الخلاف

الجمهوريون: يريدون تمديدًا قصير الأجل لمستويات الإنفاق الحالية، معتبرين أن إدارة الرئيس دونالد ترمب نفّذت خلال الشهور التسعة الماضية تخفيضاتٍ في الإنفاق دون الحاجة إلى تفاوضٍ جديد.

الديمقراطيون: يرفضون المقترح بصيغته، ويطالبون بتمديد الإعفاءات الضريبية التي تخفّض كلفة التأمين الصحي لملايين الأميركيين، والتراجع عن اقتطاعاتٍ طالت برنامج ميديكيد، ورفض خفض الإنفاق على مراكز السيطرة على الأمراض والمعاهد الوطنية للصحة. كما يتساءلون عن جدوى أي اتفاق إنفاق «إذا كان البيت الأبيض سيتجاهله لاحقًا».

ما الذي يتوقف… وما الذي يستمر؟

يُجمّد الإغلاق العمليات غير الأساسية في وكالاتٍ فدرالية عدة، ويضع مئات الآلاف من الموظفين في عطلةٍ قسرية من دون أجر (مع توقع صرف رواتبٍ بأثر رجعي لاحقًا كما حدث سابقًا). وستبقى الخدمات الأساسية –كحماية الحدود، والرعاية الطبية في المستشفيات، وإنفاذ القانون، ومراقبة الحركة الجوية– مستمرة.

في المقابل، يُتوقع تقليصٌ حادّ أو توقفٌ مؤقت لبرامج مثل المساعدة الغذائية، ورياض الأطفال المموّلة فدراليًا، وإصدار القروض الطلابية، وتفتيش الأغذية، كما قد تُغلق المتنزهات الوطنية وتستعد مكتبة الكونغرس للإغلاق. وقد تتعطّل خدمات التحقّق لمستفيدي الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، مع احتمال تأخّرٍ في السفر إذا تغيب عاملون من دون أجر.

موقف البيت الأبيض

على خلاف تقاليد سياسيةٍ سابقةٍ تعتبر الإغلاقات مكلفة سياسيًا، تُبدي إدارة ترمب استعدادًا لتحمّل إغلاقٍ طويل لأجزاء واسعة من الحكومة، ولوّح مسؤولون باستخدامه لتحديد «غير الأساسيين» تمهيدًا للاستغناء عنهم. ويرى مراقبون أن الإغلاق قد يسرّع خفض الإنفاق الذي شرعت به الإدارة خلال الأشهر التسعة الماضية.

كلفة اقتصادية متوقعة

يُقدّر محلّلون أن الإغلاق قد يقتطع 0.1–0.2 نقطة مئوية من النمو عن كل أسبوع استمراره، مع إمكان تعويض جزءٍ من الأثر لاحقًا. ورغم أن الأسواق تجاهلت التهديد نسبيًا حتى الآن، فإن مخاطر تأخير تقرير الوظائف الشهري وتراكم اضطراباتٍ أوسع –من التعريفات الجمركية وخفض الإنفاق السابق ومداهمات الهجرة وتحوّلات الذكاء الاصطناعي– قد تُطيل أثر الإغلاق هذه المرة، خصوصًا مع تهديداتٍ بالفصل النهائي لبعض الموظفين لا مجرد إجازةٍ غير مدفوعة.

سوابق تاريخية

منذ عام 1980 شهدت الولايات المتحدة 15 إغلاقًا حكوميًا، كانت في الثمانينيات قصيرة الأمد (يوم إلى خمسة أيام) خلال رئاسة رونالد ريغان. وفي ولاية ترمب الأولى حدثت ثلاثة إغلاقات، بينها الأطول تاريخيًا (35 يومًا) بين أواخر 2018 وبدايات 2019 بسبب تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، وقدّر مكتب الميزانية في الكونغرس كلفته بنحو 11 مليار دولار (منها 3 مليارات لم تُستعد).

المشهد المقبل: سيبقى الإغلاق قائمًا إلى أن يتفق الحزبان على صيغة تمويلٍ انتقالية أو اتفاقٍ أشمل، فيما تتجه الأنظار إلى سرعة التفاوض واتساع أثر التعطّل على الإدارات والخدمات والاقتصاد.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - واشنطن