أصدرت كلٌّ من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» (المتحالفة ضمن اتفاق شرم الشيخ) بيانًا مشتركًا على خلفية الإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.
وقالت القوى الثلاث في بيانها نرحّب بالإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف وإنهاء الحرب، ووصفت الوصول إليه بأنه «إنجاز وطني» ثمرة مفاوضات ماراثونية. ووجّهت القوى تحيّة «إجلال وإكبار» إلى جماهير الشعب الفلسطيني، ولا سيّما أهالي قطاع غزة، على ما وصفته بـ«الصمود والثبات الأسطوري» في مواجهة الدمار ومعاناة النزوح.
وأكد البيان، الذي اطّلعت عليه وسائل الإعلام، تحيّةً إلى الشهداء والأسرى وذويهم، وإلى «كل طفل وفتاة وأم وشاب وشيخ ونازح»، معتبرًا أن صمودهم «رمز حي لإرادة شعبنا». وأشاد بدور المقاومين والطواقم الطبية والإسعاف والدفاع المدني والصحفيين وسائر الفئات التي «أفشلت مخططات التهجير والاقتلاع»، لافتًا إلى أن مشاهد عودة النازحين إلى مدينة غزة تجسّد «رفض الهجرة القسرية والإصرار على البقاء».
تنفيذ الاتفاق ومسار المفاوضات
قالت القوى إن الوفد الفلسطيني المفاوض وضع وقف الحرب على رأس أولوياته، ونجح في التوصل إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى باعتبارها «خطوة جوهرية» نحو الوقف النهائي للعدوان وانسحاب قوات الاحتلال ورفع الحصار. واعتبر البيان أن ما تحقق يمثّل «فشلًا سياسيًا وأمنيًا لمخططات الاحتلال»، ومكسبًا جزئيًا يساهم في تخفيف معاناة السكان وتحرير مئات الأسرى.
وفي الوقت نفسه، شدّد البيان على أن المسار التفاوضي وآلية التنفيذ «لا يزالان بحاجة إلى يقظة وطنية عالية ومتابعة دقيقة على مدار الساعة»، متعهدًا بالعمل مع الوسطاء لـ«ضمان التزام الاحتلال بكل البنود».
ملف الأسرى
أشارت القوى إلى أنها بذلت «جهودًا كبيرة ومضنية» لإطلاق سراح جميع الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، غير أن «الاحتلال أجهض إطلاق سراح عدد كبير مهم منهم». ورغم ذلك، قرّرت المضيّ في تنفيذ الاتفاق «لمنع استمرار الإبادة»، متعهدةً بأن تحرير الأسرى سيبقى «على رأس جدول الأولويات»، ومبارِكةً لمن تحرّر منهم «حريته» ومهنّئة الشعب الفلسطيني بذلك.
الوساطات والحراك الدولي
ثمّنت القوى «الجهود الجبارة» لكل من مصر وقطر وتركيا في الوساطة، ودعت الطرف الأميركي وسائر الوسطاء إلى مواصلة الضغط لضمان الالتزام «من دون انحراف قيد أنملة». كما حيّت ما وصفته بـ«الحراك العالمي التضامني غير المسبوق» مع الشعب الفلسطيني، معتبرةً أنه رسالة سياسية وإنسانية تعزّز عزلة الاحتلال.
وفي سياق متصل، عبّر البيان عن فخر واعتزاز بما سماه «جبهات الإسناد» في اليمن ولبنان والجمهورية الإسلامية في إيران والعراق لوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني، وفق تعبيره.
وحدة الصف وإدارة غزة
دعت القوى إلى مسار سياسي وطني موحّد يضم جميع الفصائل، وأعلنت العمل—بالتعاون مع الجهود المصرية—على عقد اجتماع وطني شامل وعاجل لبحث ما بعد وقف إطلاق النار، وصولًا إلى استراتيجية وطنية شاملة وإعادة بناء المؤسسات على أسس «الشراكة والمصداقية والشفافية».
وجدّد البيان الرفض القاطع لأي وصاية أجنبية، مؤكّدًا أن شكل إدارة قطاع غزة «شأن فلسطيني داخلي» يُحسم بتوافق القوى الوطنية، مع الاستفادة من المشاركة العربية والدولية في الإعمار والتعافي ودعم التنمية بما يصون حياةً كريمة والحقوق الثابتة للفلسطينيين.
ختام
اختُتم البيان بالتأكيد على التمسّك بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته وكرامته، والتعهّد بـ«مواصلة النضال» حتى إزالة الاحتلال وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
نص البيان
بيان صحفي صادر عن القوى الثلاث- حركة المقاومة الإسلامية حماس - حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
شعبنا الفلسطيني الأبي:
في ضوء الإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق وقف وإنهاء حرب الإبادة، والمفاوضات الماراثونية التي خاضتها الفصائل ووصلت إلى هذا الإنجاز الوطني، تتقدم القوى الثلاث بتحية إجلال وإكبار إلى جماهير شعبنا العظيم، وخصوصا أبناء شعبنا في قطاع غزة، الذين واجهوا أفظع الجرائم الصهيونية بصمود وثبات أسطوري.
كما نوجّه التحية للشهداء والأسرى كافة، وإلى ذويهم وذوي المفقودين، ولكل طفل وفتاة وأم، وشاب وشيخ ونازح، صمدوا على أرضهم رغم المآسي والإبادة والتجويع والمجازر، ومعاناة النزوح، وعذابات العيش في ظل تدمير مقومات الحياة اليومية، مؤكّدين أن صمودهم هو رمز حي لإرادة شعبنا وعزيمته التي لا تنكسر، ودليل على أن إرادته أقوى من كل آلة دمار صهيونية.
إن ثبات المقاومين وكل أبناء شعبنا، من طواقم طبية وإسعاف ودفاع مدني وصحفيين ونازحين وغيرهم، أفشل مخططات التهجير والاقتلاع وسجل درساً خالداً في الصمود والتحدي، سيبقى منقوشاً في أنصع صفحات التاريخ الفلسطيني. وما المشاهد المهيبة لعودة أبناء شعبنا النازحين إلى مدينة غزة ومظاهر التجمع الحاشد في شوارعها ومخيماتها وأزقتها المدمرة، إلا تجسيد لإرادة شعب يرفض الهجرة القسرية ويصرّ على العودة والعيش على أرضه رغم الدمار الهائل.
كما نشيد ببطولات المقاومة التي وقفت شامخة بين الركام، وصمدت في وجه آلة الاحتلال المدمرة، وكسرت معنويات العدو، وألحقت به خسائر فادحة بعملياتها النوعية، مؤكدة أن إرادة شعبنا وأبطال المقاومة أقوى من كل محاولات القهر والتدمير، وأن العدو لم يستطع على مدار عامين وأكثر أن يكسر صمود وإرادة هذه المقاومة رغم كل ما يمتلكه من أسلحة وآلة حربية ضخمة وفتاكة.
كما تتقدم القوى الثلاث بتحية فخر واعتزاز لجبهات الإسناد في اليمن ولبنان والجمهورية الإسلامية في إيران والعراق الذين وقفوا إلى جانب شعبنا ومقاومته وقدموا الشهداء على طريق القدس والأقصى.
كما تُعبّر القوى الثلاث عن تقديرها العميق للجهود الجبارة التي بذلها الوسطاء الأشقاء (مصر، قطر، تركيا) وكل من ساند هذا المسار، داعية الطرف الأمريكي والوسطاء كافة لمواصلة الضغط لضمان التزام الاحتلال بكافة بنود الاتفاق وعدم الانحراف عنها قيد أنملة.
ونثمن عالياً الحراك العالمي التضامني غير المسبوق الذي وقف إلى جانب شعبنا، ورفع صوته رفضاً للإبادة وملاحقة جرائم الاحتلال، مؤكدين أن تضامن الشعوب الحرة مع فلسطين وغزة هو رسالة قوية بأن قضية شعبنا قضية سياسية وإنسانية عالمية، وأن هذا الدعم العالمي يُمثل دفعةً معنوية كبيرة لشعبنا المقاوم، ويؤكد أن الاحتلال كيان مارق وبات في عزلة وحصار، يجب أن يتزايد ويتصاعد.
وتوضح القوى أنّه، رغم محاولات الاحتلال الحثيثة لتفجير المسار التفاوضي وتعطيل الاتفاق، ومساعي نتنياهو لإطالة أمد الحرب ووأد أي فرصة لوقف العدوان، فإنّ الوفد الفلسطيني المفاوض وضع نصب عينيه مطالب أبناء شعبنا بوقف حرب الإبادة، وقد توصل حتى الآن إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى من هذا المسار، والتي تُعدّ خطوة جوهرية نحو المطلب المُلح لشعبنا، وهو الوقف النهائي للحرب الإجرامية وإنهاء العدوان على غزة، وانسحاب الاحتلال ورفع الحصار.
إن ما توصلنا إليه فشل سياسي وأمني لمخططات الاحتلال، وكسر أهدافه في فرض التهجير والاقتلاع وهو تحقيق جزئي لإنهاء معاناة شعبنا وتحرير المئات من أسيراتنا وأسرانا الأبطال من سجون الاحتلال، في خطوة تُعبّر عن صلابة المقاومة ووحدة الموقف الوطني وإصرار شعبنا على نيل حريته وكرامته.
وإننا حين خضنا هذا المسار التفاوضي في ظل حرب الإبادة كانت أعيننا شاخصة نحو معاناة شعبنا الذي يواجه أهوالاً غير مسبوقة من القتل والدمار والإبادة والتجويع، وتعاملنا بمقتضى المسؤولية الوطنية العالية، رغم حجم الانحياز لمصلحة المحتل، من أجل فتح أفقٍ جديدٍ للحياة في غزة ولشعبنا الصامد المُتجذر فيها، ولا زال المسار التفاوضي وآلية تنفيذ الاتفاق بحاجة إلى يقظةٍ وطنيةٍ عاليةٍ ومتابعةٍ دقيقةٍ على مدار الساعة، لضمان نجاح هذه المرحلة، وسنواصل العمل بمسؤولية عالية مع الوسطاء لضمان إلزام الاحتلال بما يحمي حقوق شعبنا وينهي معاناته.
وقد بذلنا جهوداً كبيرةً ومضنيةً لإطلاق سراح جميع الأسيرات والأسرى وقيادات الحركة الوطنية الأسيرة، إلا أن الاحتلال، كعادته، أجهض إطلاق سراح عددٍ كبيرٍ مهم منهم، رغم ذلك آثرنا المضيّ في تنفيذ الاتفاق بما يضمن وقف حرب الإبادة ضدّ شعبنا، ومنع العدو من مواصلة الإبادة الجماعية. وإننا نعاهد شعبنا وعائلات الأسرى بأن قضية تحريرهم جميعاً ستبقى على رأس جدول أولوياتنا الوطنية، ولن نتخلى عنهم أبداً، كما نبارك لشعبنا حرية هذه الثلة المباركة من أسرانا وابطالنا.
أبناء شعبنا الصامد
إن هذه المرحلة تُمثل فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي داخل قطاع غزة، من خلال دعم الأسر المتضررة، وتأمين مقومات الحياة اليومية، وتفعيل أطر التعاون بين الفصائل والمجتمع والمؤسسات المحلية والدولية ذات الصلة، بما يخلق بيئة صامدة وموحدة قادرة على مواجهة كل التحديات والحفاظ على صمود شعبنا.
إننا نجدد نداء الوحدة والمسؤولية الوطنية، للشروع في مسار سياسي وطني موحد، مع جميع القوى والفصائل، ونعمل بالتعاون مع جهود مصرية كريمة على عقد اجتماع وطني شامل عاجل من أجل الخطوة التالية بعد وقف إطلاق النار لتوحيد الموقف الفلسطيني، وصياغة استراتيجية وطنية شاملة، وإعادة بناء مؤسساتنا الوطنية على أسس الشراكة والمصداقية والشفافية.
كما نشدد على رفضنا القاطع لأي وصاية أجنبية، ونؤكد أن تحديد شكل إدارة قطاع غزة وأسس عمل مؤسساتها شأن فلسطيني داخلي يحدده مكونات شعبنا الوطنية بشكل مشترك، مع الاستعداد للاستفادة من مشاركة عربية ودولية في مجالات الإعمار والتعافي ودعم التنمية، بما يعزز حياة كريمة لشعبنا ويحفظ حقوقه في أرضه.
في الختام، وفي هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، نجدد وفاءنا للشهداء والأسرى والجرحى والمقاومين، ونؤكد تمسكنا الثابت بحقوق شعبنا في أرضه ووطنه مقدساته وكرامته، وإصرارنا على مواصلة المقاومة بكل أشكالها حتى تحقيق حقوقنا كاملة وعلى رأسها إزالة الاحتلال وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
الجمعة: 18 ربيع الآخر 1447هـ
الموافق: 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025م