غزة بعد وقف النار: أولوية للمياه وفتح الطرق… ومساعٍ لانتشال 10 آلاف تحت الركام

عودة النازحين إلى مدينة غزة (3).jpg

قال عاصم النبيه، المتحدث باسم بلدية غزة، إن توفير المياه يتصدر أولويات العمل إلى جانب فتح الشوارع وجمع النفايات ومعالجة مشكلة الصرف الصحي، مشددًا على أن طواقم البلدية تعمل تحت ضغوط هائلة وفي ظل دمار واسع النطاق يعرقل وتيرة إعادة فتح المدينة وتشغيل مرافقها الأساسية. وفي السياق نفسه، أفاد متحدث باسم الدفاع المدني في غزة في تصريحات خاصة لـ«التلفزيون العربي» بأن طواقمه انتشلت جثامين 100 شهيد «بدت عليهم آثار الإعدام الميداني» في مناطق متفرقة من القطاع، مضيفًا أن فرق الإنقاذ تواصل العمل لانتشال جثامين نحو عشرة آلاف يُعتقد أنهم ما زالوا تحت الأنقاض وسط نقص حاد في المعدات والإمكانات واستمرار آثار الدمار الواسع الناتج عن العمليات العسكرية، كما تحدث عن العثور على لعب أطفال ومعلّبات طعام مفخخة قال إن القوات الإسرائيلية زرعتها لاستهداف المدنيين وإيقاع مزيد من الضحايا.

وأشار الدفاع المدني إلى أن أكثر من 300 ألف مواطن وصلوا إلى مدينة غزة منذ بدء وقف إطلاق النار، مع غياب الخيام والبيوت الجاهزة لإيواء العائدين من مناطق الجنوب، لافتًا إلى انتشال أكثر من 150 جثمانًا منذ مساء أمس وتلقي أكثر من 75 نداء استغاثة منذ فجر اليوم. وفي خان يونس، أوضح رئيس البلدية أن نحو 85% من المحافظة مدمّر، مقدرًا كميات الركام المطلوب إزالته بنحو 400 ألف طن، ومشيرًا إلى تدمير 300 كيلومتر من شبكات المياه وتضرر 75% من شبكة الصرف الصحي، مع تراكم أكثر من 350 ألف طن من النفايات، وقال إن تسع فرق تعمل على فتح الطرق لكنها بحاجة عاجلة إلى وقود الديزل وآليات حديثة للتعامل مع الركام ومولدات كهرباء بديلة عن المولدات المدمرة أو المتهالكة.

ومن جانب الخدمات العامة، دعت بلدية غزة المواطنين والأهالي ولجان الأحياء إلى التعاون في حماية المرافق العامة ومنع التعدي عليها، مؤكدة في بيان «معًا نعيد الحياة إلى مدينتنا… غزة تتنفس من جديد» وأن الطواقم تواصل عملها لإعادة الحركة إلى الشوارع، وحثت على إبقاء الطرق والمفترقات خالية من البسطات والعوائق لتسهيل مرور سيارات الإسعاف وفرق الطوارئ والخدمات، وشددت على أن الحفاظ على المرافق العامة «مسؤولية جماعية وواجب وطني». وعلى صعيد الإمدادات الإنسانية، قالت الأونروا إن لديها ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لمدة ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن السكان بدأوا العودة إلى الشمال مجددًا وهم غير متأكدين مما تبقى من بيوتهم ومجتمعاتهم، بينما ذكر مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة أن معلومات وصلت تفيد بأن 600 شاحنة مساعدات وأخرى محملة بالوقود ستدخل القطاع، لكنه تحدث عن عدم وجود توضيحات حتى الآن بشأن تفاصيل البروتوكول الإنساني الملحق باتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدًا مطالبة الشبكة بتسريع تشغيل المخابز وتوفير الغذاء وإرسال طواقم متخصصة وآليات لتفكيك العبوات والمواد المتفجرة، وأضاف أن لدى الأونروا ستة آلاف شاحنة ينبغي السماح لها باستئناف عملها داخل القطاع.

وفي الإطار السياسي والإنساني الدولي، قال وزير خارجية إيطاليا إنه مستعد للمشاركة في مهمة السلام والأمن وإعادة إعمار غزة «بدءًا من المدارس والمستشفيات»، موضحًا أنه بحث مع نظيره الأميركي وقف إطلاق النار ويعملان معًا على تنفيذ خطة الرئيس ترمب للسلام ومؤكدًا الالتزام بالمساعدة لتهيئة الظروف المناسبة للاستقرار. وفي ما يتعلق بملف الأسرى، أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن مصلحة السجون بدأت نقل الأسرى الأمنيين المقرر الإفراج عنهم إلى سجون مخصصة تمهيدًا لإطلاق سراحهم ضمن ترتيبات المرحلة الأولى.

وتعكس هذه المؤشرات تعقيد المشهد الإنساني والخدمي في غزة رغم بدء عودة واسعة للسكان إلى المدينة، حيث تتصدر احتياجات المياه والصرف والنظافة وفتح الطرق قائمة الأولويات، فيما تبقى إزالة الركام والعبوات غير المنفجرة وتوفير المأوى والوقود والكهرباء عوامل حاسمة لانتظام الحياة اليومية، وعلى الموازاة تتجه الأنظار إلى سرعة تدفق المساعدات وتوضيح البروتوكولات الإنسانية ومآلات ترتيبات تبادل الأسرى، بوصفها اختبارات فعلية لصلابة وقف إطلاق النار وقدرته على الانتقال إلى مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة