أكدت وزارة الصحة في غزة، ومعها مصادر طبية، استلام خمسة وأربعين جثمانًا لشهداء أفرج عنها الاحتلال عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الأربعاء، ليرتفع إجمالي الجثامين التي تسلمتها الطواقم الطبية إلى تسعين. وأفادت الجهات الطبية بأن عددًا من الجثامين كان معصوب العينين ومكبّل اليدين، في دلالة ترجّح تعرض أصحابها لإعدامات ميدانية قبل استشهادهم، فيما تحدثت المصادر عن ظهور آثار جنازير دبابات على بعض الجثامين، مرجّحة أن عددًا من الضحايا قضوا دهسًا بآليات عسكرية خلال العمليات الميدانية. وفي موازاة ذلك، تتفاقم الأزمة الإنسانية في مدينة غزة حيث لا تصل مياه الشرب أو الاستعمال المنزلي إلى نحو ثمانين في المئة من الأحياء بسبب تدمير آبار البلدية، ما يفاقم المخاطر الصحية وسط عجز المرافق عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات.
وأعلنت كتائب القسّام أنها سلّمت جميع جثث الإسرائيليين القتلى التي تستطيع الوصول إليها في الوقت الراهن تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه، موضحة أن ما تبقى من جثث يحتاج إلى جهود كبيرة ومعدات خاصة للبحث والاستخراج وأنها تعمل لإغلاق هذا الملف. وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إن الصليب الأحمر تسلّم نعشي قتيلين إسرائيليين وإنهما في طريقهما إلى قوات الجيش وجهاز الأمن العام داخل قطاع غزة، مع دعوته حماس إلى الالتزام بالاتفاق وبذل الجهود لإعادة المحتجزين.
وعلى الصعيد الميداني والمدني، قال رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر الفلسطينية إن تدخل الأجهزة الأمنية وتصديها لـ"عصابات مسلحة" حال دون انزلاق الأوضاع إلى اقتتال داخلي خلال الحرب، متهمًا تلك العصابات بممارسات شملت القتل والنهب وقطع الطرق والاعتداء على شاحنات المساعدات خلال فترات التجويع. وفي السياق نفسه، ذكر رئيس مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن الوسطاء قدموا تطمينات بإعادة تشغيل معبر رفح خلال الساعات المقبلة، مؤكدًا أن الاحتلال يتنصل من التزاماته في اتفاق وقف إطلاق النار، ومشيرًا إلى أن الوصول إلى جثث أسرى الاحتلال ليس عملية سهلة في ظل نقص الإمكانات. وعلى الصعيد الإنساني، انتقدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" استخدام المساعدات كورقة مساومة أو تقييدها وتهميش دور الأمم المتحدة، مؤكدة وجود مساعدات تنتظر الدخول وحاجة ملحّة لفتح المعبر.
اقتصاديًا وخدميًا، أوعزت سلطة النقد الفلسطينية للمصارف العاملة في قطاع غزة باستئناف تقديم خدماتها للجمهور بدءًا من صباح الخميس على نحو تدريجي ومرحلي وفق الجاهزية الفنية والتشغيلية للفروع، داعيةً المواطنين إلى مواصلة الاعتماد على وسائل الدفع الإلكترونية لضمان سرعة إنجاز المعاملات وتجنّب الازدحام على الفروع في هذه الظروف. سياسيًا، قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إن التقارير عن تقليص دوره في جهود عملية السلام بعد اتفاق غزة "غير صحيحة إطلاقًا"، مؤكدًا أنه أكثر انخراطًا من ذي قبل. وفي واشنطن، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الجيش الإسرائيلي قد يستأنف القتال في غزة "بمجرد كلمة منه" إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق، معتبرًا أن تحرير الرهائن من غزة "بالغ الأهمية" وزاعمًا أن حماس تتدخل حاليًا لتفكيك "عصابات عنيفة".
تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المؤشرات على تدهور الأوضاع المعيشية والصحية داخل القطاع مع استمرار شح المياه وتعطل مرافق البلدية، فيما تضع ملف الجثامين وتسوية أوضاع المحتجزين تحت مجهر الوسطاء الدوليين، وتُبقي مصير المعابر ومسارات المساعدة الإنسانية حجر الزاوية في أي انفراجة محتملة خلال الأيام القليلة المقبلة.