جدّد الجيش الإسرائيلي قصفه المدفعي بالتزامن مع إطلاق نار من آلياته شمال شرق مخيم البريج في وسط قطاع غزة، في خرقٍ جديد لاتفاق وقف إطلاق النار. وفي موازاة التصعيد الميداني، حذّرت جهات إنسانية وطبية من تدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية، فيما وجّهت وزارة الصحة اتهامات قاسية لقوات الاحتلال بالتنكيل بجثامين الشهداء.
قالت وزارة الصحة في غزة إن نتائج التشريح أظهرت أن بعض الشهداء أُعدموا من مسافة قريبة فيما تُرك آخرون ينزفون حتى الموت، مؤكدة أن الاحتلال نهب أعضاء من جثامين الشهداء مثل القرنية والكلية والكبد، وطالبت بتشكيل لجنة أممية مستقلة للتحقيق في ملابسات الانتهاكات التي طالت الجثامين. وذكرت الوزارة أن الأهالي تعرّفوا حتى اللحظة على ستة شهداء فقط من أصل 120 جثمانًا تسلمتها، وأنه تم إمهال العائلات عشرة أيام لإتمام عملية التعرف قبل الدفن، لافتةً إلى أن كلاب القوات الإسرائيلية نهشت أجساد عدد كبير من الجثامين المنتشلة من تحت الأنقاض.
ميدانيًا، أعلن مستشفى العودة استقبال عشر إصابات خلال الساعات الـ24 الماضية جراء إطلاق النار شرق مخيم البريج، فضلًا عن إصابات ناجمة عن انفجار جسم مشبوه في مخيم النصيرات. وتتزامن هذه التطورات مع توتر سياسي متصاعد؛ إذ أوعز وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس بوضع علامات ميدانية تُشير إلى ما يُعرف بـ«الخط الأصفر» داخل قطاع غزة وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على نحو يثير مخاوف حقوقية من تداعياتها على حركة المدنيين وسلامتهم.
إنسانيًا، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أن السكان «لا يستطيعون شراء الطعام من الأسواق» بسبب انهيار القدرة الشرائية وتدمير سلاسل الإمداد، مشددة على ضرورة إدخال المساعدات بصورة عاجلة إلى حين تعافي القطاع الزراعي الذي تقول الوكالة إن معظم أراضيه إمّا دُمّرت أو باتت متعذر الوصول إليها، ما ترك عائلات كانت تعتاش على الزراعة بلا دخل.
وبين قصفٍ متجدد واتهاماتٍ بجرائم جسيمة وأزمة غذائية تتسع، تبدو غزة عالقةً بين هدنةٍ هشّة وواقعٍ معيشي قاسٍ يفاقمه تعطل الخدمات الأساسية وركامٌ يعيق الحركة وعمليات الإغاثة، فيما تتزايد الدعوات لتحقيقٍ دوليّ مستقلّ يضع حدًا لانتهاكات الجثامين ويضمن وصول المساعدات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.