تقديرات أمنية إسرائيلية: تعاظم نفوذ حماس في غزة، وغموض يعرقل تشكيل قوة متعددة الجنسيات… ومخاوف من احتكاكات عند «الخط الأصفر»

أمن المقاومة في دير البلح، غداة دخول الهدنة حيّز التنفيذ.jpg

يُقدّر الجيش الإسرائيلي أن حركة حماس عزّزت سلطتها على قطاع غزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وأنها تعيد بلورة سيطرتها على الشؤون المدنية والإدارة المحلية، رغم الدمار الواسع والظروف المعيشية القاسية.

وبحسب تقريرٍ لصحيفة «هآرتس»، لم ترصد أجهزة الأمن والاستخبارات في إسرائيل حتى الآن مؤشراتٍ على نشوء معارضة شعبية واسعة أو احتجاجات جماهيرية تحدّ من نفوذ الحركة داخل القطاع. وتشير التقديرات إلى أن العشائر المحلية التي حاولت إسرائيل دعمها خلال الحرب بوصفها بديلًا أو تهديدًا سياسيًا للحركة، إمّا فُكِّكت وإمّا تعرّض عناصرها لضربات حدّت من قدرتهم على التأثير. كما لوحظ — وفق التقديرات نفسها — إطلاق مسلّحين من حماس النار على مشتبهٍ بمعارضتهم التنظيم أو بالتعاون مع إسرائيل.

وتفيد تقديرات استخبارية إسرائيلية بأن الحركة أبقت آلاف العناصر كقوة احتياطية خلال الحرب، أوكلت إليها مهمة إعادة بسط السلطة فور انتهاء الأعمال القتالية، بما يمنح التنظيم قدرة بنيوية على استعادة النفوذ بسرعة. وتعترف التقديرات الأمنية بأن نفوذ حماس يمتد إلى مناحٍ بلدية وإدارية؛ إذ عطّلت أو استبدلت مسؤولين في مؤسسات حكومية وبلديات بغية تثبيت السيطرة، فيما تعمل قوات أمنية تابعة لها على فرض ما تصفه بـ«الاستقرار» داخل التجمعات السكانية، بما في ذلك مواجهة اللصوص والعصابات.

وفي المقابل، لم تُحدِّد المؤسسات الأمنية الإسرائيلية طرفًا داخليًا قادرًا عمليًا على سحب السلطة من حماس. وتخشى تل أبيب أنه إذا دخلت تركيا كقوة إشرافٍ أو مراقبة على اتفاق وقف النار، فقد يُسهم ذلك — بحسب هذه التقديرات — في تقوية موقع الحركة ومنحها غطاءً لبسط «سيادة فعلية على الأرض». وتلفت التقديرات إلى مفارقةٍ أساسية: على الرغم من التدهور الشديد في المعيشة والتدمير واسع النطاق، لم تتبلور بعدُ احتجاجاتٌ شعبية عامة وواسعة ضد حماس، باستثناء إشارات متفرقة على منصات التواصل لا يُتوقع أن تتطوّر إلى حركة احتجاجٍ واسعة في المدى القريب.

وعلى مستوى إعادة الإعمار، ترى مصادر إسرائيلية أن حماس تواجه صعوبات كبيرة في البدء بعملية بناءٍ تقدَّر تكاليفها بعشرات مليارات الدولارات، إذ لا يمكن للشقّ الأكبر منها أن ينطلق من دون تمويل دولٍ مانحة لتحمّل كلفة البنية والعمليات. ومع ذلك، تعمل الحركة — وفق هذه التقديرات — على فتح محاور وإصلاح بنى تحتية رئيسية تمهيدًا لاستعادة الحدّ الأدنى من الحياة العامة.

وفي ما يخص الحركة السكانية، يدّعي الجيش الإسرائيلي أن سكان شمال القطاع لا يعودون بسرعة؛ فقبل الهدنة كان في مدينة غزة وشمال القطاع نحو 150 ألف باقين، وبعد دخول وقف النار في 10 تشرين الأول/أكتوبر عاد نحو 200 ألف آخرين فقط إلى الشمال، بينما يبقى كثيرون في مناطق الدعم والإيواء إلى أن تتوافر ضمانات أمانٍ حقيقية أو بسبب تعذّر العودة إلى منازلهم المهدّمة. ويحذّر الجيش من احتمال تدفّق جماعي من المناطق المكتظّة باتجاه «الخط الأصفر» — وهو الخط الذي يتعيّن على القوات الإسرائيلية الانسحاب إليه بموجب الاتفاق — «ما قد يخلق احتكاكات مع عناصر الجيش قد تتطوّر إلى حوادث مسلّحة تستدعي ردًا سريعًا».

سياسياً وأمنياً، صدر — بحسب ما نُقل — توجيهٌ واضح من المستوى السياسي بعدم فتح معبر رفح في هذه المرحلة، وتوقّفت المحادثات مع مصر للضغط باتجاه استعادة جثث الأسرى. وتؤكد مصادر إسرائيلية أن إعادة فتح المعبر للمرة الأولى منذ كانون الثاني/يناير الماضي يحتاج إلى أعمال بنية تحتية وتركيب نقاط تفتيش وبوابات دخول، ما يستدعي وقتًا وتحضيرات لوجستية.

إلى ذلك، بدأ بعض الفرق الأجنبية المشاركة في الآلية المشتركة لتطبيق تفاهمات المرحلة الثانية بالوصول إلى إسرائيل، غير أن الاجتماعات الفنية لم تفضِ حتى الآن إلى نموذجٍ قابل للتنفيذ؛ إذ لم تُحسم قضايا حسّاسة مثل قواعد إطلاق النار، و«آليات إحباط الهجمات»، وهوية وموقع ومهام القوة متعددة الجنسيات، ومدى التنسيق مع المؤسسات القائمة في القطاع. وبسبب الغموض الذي يكتنف هذه الملفات وتردّد حسم الصلاحيات بين الجيش الإسرائيلي والقوى الأجنبية، تقول الصحيفة إن الجيش «يواجه صعوبة في الإعداد لخط دفاعٍ يعتبره مناسبًا عملياتيًا»، وسط تساؤلاتٍ حول قابلية تنفيذ المرحلة الثانية عمليًا في الظروف الراهنة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة