«أكسيوس»: واشنطن تُبلور خطة لنشر «قوّة استقرار دولية» في غزة تشمل شرطة فلسطينية وقوات من دول مسلمة

أمن المقاومة في دير البلح، غداة دخول الهدنة حيّز التنفيذ.jpg

كشف موقع «أكسيوس» (Axios) أنّ مسؤولين أميركيين يجرون محادثات حسّاسة مع طيف واسع من الدول لوضع اللمسات الأخيرة على خطة نشر «قوّة استقرار دولية» (ISF) في قطاع غزة، مع نيّة عرض التصوّر خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ويأتي التحرّك، بحسب الموقع، في ظلّ هشاشة وقف إطلاق النار وتداعي الهدوء، فيما يطرح المخطط أسئلة سياسية وأمنية شديدة الحساسية لإسرائيل وحركة حماس والدول المرشّحة لإرسال قوّات.

ملامح الخطة كما أوردها «أكسيوس»

بحسب المسؤولين الذين تحدّثوا للموقع، تتولّى القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) صياغة الخطة، على قاعدة مكوّنين رئيسيين:

  • تشكيل قوة شرطة فلسطينية جديدة تُدرَّب وتُدقَّق أمنيًا من جانب الولايات المتحدة ومصر والأردن.

  • نشر وحدات عسكرية من دول عربية وإسلامية للمساندة الميدانية.

ونقل «أكسيوس» أنّ إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا أبدت استعدادًا مبدئيًا للمساهمة بقوّات، فيما أبدت دول أخرى تحفّظات نظرًا للفوضى الأمنية في القطاع. ونقل الموقع عن مصدر مشارك في التخطيط قوله: «إذا لم تتوافر في غزة منظومة أمن وحوكمة يرضى بها الإسرائيليون، سنعلق في وضعٍ تعاود فيه إسرائيل الهجوم طوال الوقت».

ارتباط مباشر بـ«خطة ترامب» من 20 بندًا

وفق «أكسيوس»، تنصّ خطة الرئيس دونالد ترامب على أنّ نشر قوة ISF يُعدّ شرطًا لأي انسحابٍ إسرائيلي إضافي من قرابة نصف مساحة غزة التي ما زالت تحت السيطرة الإسرائيلية. وستركّز القوة على تأمين الحدود مع إسرائيل ومصر ومنع تهريب السلاح. غير أنّ التنفيذ مرهونٌ بموافقة حماس على التخلّي عن السلطة والتنازل عن جزء من سلاحها.

ويشير الموقع إلى أنّ تيارًا يمينيًا في إسرائيل والولايات المتحدة يرى أنّ حماس لن تتنازل طوعًا، ما يجعل استئناف الحرب مرجّحًا—خاصة في ضوء الضربات الجوية الإسرائيلية الواسعة ردًا على هجوم منسوب إلى الحركة. في المقابل، نقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن الإدارة حريصة على تجنّب عودة الحرب وتعتبر ISF «قطعة أساسية من اللغز»، محذّرًا: «الأفضل أن نتحرّك ببطءٍ وبدقّة—لن تكون هناك فرصة ثانية».

كواليس الاتصالات: مداولات مع تل أبيب وتحفّظات على أنقرة

أفاد «أكسيوس» بأنّ ملف ISF تصدّر اجتماعات مبعوثَي ترامب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، ونائب الرئيس جيه. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو خلال زياراتهم الأخيرة لإسرائيل. كما عقد كوشنر وويتكوف مشاورات موسّعة قبل أسبوعين مع ضبّاط إسرائيليين كبار للحصول على مدخلاتهم. وبحسب مسؤول إسرائيلي تحدّث للموقع، عرض الجانب الأميركي أفكارًا حول حجم القوة، لكن الإسرائيليين شدّدوا على أنّ «شرعيتها لدى السكان المحليين واستعدادها للقتال عند اللزوم» أهم من عددها.

وعن الدور التركي، ينقل «أكسيوس» أنّ أنقرة مستعدّة للمشاركة، فيما تعارض إسرائيل أي وجود عسكري تركي في غزة. ومع ذلك، تفضّل واشنطن إشراك تركيا وقطر ومصر لاعتقادها أنها الأقدر على دفع حماس إلى القبول والانضباط. ونقل الموقع عن مسؤول أميركي أنّ «الأتراك كانوا مفيدين في إنجاز تفاهمات غزة، وأنّ مهاجمة نتنياهو لتركيا كانت مضرّة».

مفتاح التنفيذ: موافقة حماس وضمانات «عفو» حقيقية

يؤكد «أكسيوس» أن الهدف الآني هو انتزاع موافقة حماس على نشر القوة. إذ «إذا رأت الحركة ISF قوّة احتلال، فستقاومها؛ أمّا إذا وافقت، فستتحوّل مهمّة القوة إلى فرض السلم ومواجهة العناصر المخرّبة فقط». ويضيف الموقع أنّ العفو الحقيقي عن مقاتلي حماس عنصرٌ «حاسِم» في أي اتفاق؛ فالحركة تحتاج إلى ضمانات بعدم ملاحقة عناصرها في اليوم التالي. وفي حال تعذّر القبول، تطرح الخطة نشر القوة أولًا في جنوب غزة—حيث نفوذ حماس أضعف—لإنشاء منطقة آمنة لإعادة الإعمار.

«أكسيوس»: ميزان القوى يقيّد إعادة تسلّح حماس

بحسب الموقع، يرى مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أنّ حماس تستغل الهدنة لإعادة تنظيم صفوفها، لكن إغلاق الحدود مع مصر واستمرار سيطرة إسرائيل على نحو نصف القطاع يقيّدان قدرتها على إعادة التسلّح والبناء. ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي كبير قوله إن للحركة «سقفًا منخفضًا جدًا الآن»، وإنّها في أضعف وضع منذ نحو عشرين عامًا وتحت ضغط عربي وإسلامي للتخلّي عن السلطة ونزع السلاح والتعاون مع خطة ترامب. كما أفاد بأنّ مصر وقطر وتركيا أبلغت واشنطن أنّ حماس قد توافق على نشر ISF لمراقبة الحدود وربما تنفيذ مهام داخلية محدودة.

الغطاء القانوني وإدارة العمليات

يؤكد «أكسيوس» إحراز تقدم في صياغة مشروع قرار في مجلس الأمن يمنح ISF سندًا قانونيًا يتيح للدول المساهمة بقوّات، من دون تحويلها إلى قوّة حفظ سلام أممية. بهذه الصيغة، تبقى واشنطن قادرةً على الإشراف والتأثير في عمل القوة. ووفق الموقع، ستُحسَم قرارات بنية القوة خلال أيام، على أن تُقدَّم لإسرائيل والدول المرشّحة للمشاركة خلال أسابيع، مع استخلاص دروس من تجارب حفظ السلام في لبنان وأفغانستان.

حماسةٌ حذِرة… وشكوك واقعية

ينقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي أنّ هناك «اهتمامًا قويًا لدى دولٍ في المنطقة بالمشاركة—لا أحد رفض، والجميع ينتظر التصميم النهائي». ومع ذلك، يعترف مصدر مشارك بأنّ الشكوك كبيرة بالنظر إلى تاريخ الصراع: «لابدّ أن تكون متهوّرًا كي لا تكون متشائمًا»، مضيفًا في الوقت ذاته: «لكن لا أحد يريد أن يقف على الجانب الخاطئ من الرئيس ترامب».

خلاصة «أكسيوس»: تمضي الإدارة الأميركية نحو قوّة استقرار دولية بهندسةٍ هجينة: شرطة فلسطينية مُمهْنَدة عربيًا وأميركيًا، وقوّات من دول مسلمة، ومظلّة قانونية دولية من دون طابع أممي كامل؛ نجاحها يبقى رهين موافقة حماس، وقبولٍ إسرائيلي يضمن «الحرية العملياتية»، وتصميمٍ دولي على تجنّب عودة الحرب عبر مسار «أبطأ وأكثر دقة»—كما تنقل «أكسيوس»—قبل اختبار الخطة على الأرض.