واصلت القوات الإسرائيلية، الأربعاء، خروقها لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة عبر غارات جوية وقصف مدفعي وعمليات نسف لمبانٍ في مناطق متفرقة من الجنوب والوسط، وسط تحذيرات أممية من نقص حاد في الإمدادات وتهديدات إنسانية متصاعدة مع اقتراب فصل الشتاء.
في الميدان، وسّع الجيش الإسرائيلي عمليات تفجير المباني في المناطق الجنوبية للقطاع، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف شرق مخيم البريج ومخيم جباليا وشرق دير البلح وسط القطاع، ترافق مع إطلاق نار مكثف شرق خانيونس. كما شنت الطائرات الحربية غارات متفرقة على شرق مدينة غزة وخانيونس، ما أعاد مشاهد الدمار والهلع إلى أحياء كانت تعوّل على صمود الهدوء الهش.
وفي اليوم السادس والعشرين من بدء اتفاق التهدئة، سلّم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي في مدينة غزة بعد ترتيبات ميدانية أشرفت عليها كتائب عز الدين القسام. ونقلت مصادر إسرائيلية أن رئيس الأركان إيال زامير أبدى استعدادًا للسماح بخروج مقاتلين من رفح مقابل استعادة جثة الجندي هدار غولدن المحتجزة في غزة منذ عام 2014. ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، عرض زامير موقف الجيش أمام القيادة السياسية مؤكدًا أنه «لا يمكن السماح بخروج المسلحين من المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في رفح إلا مقابل إعادة جثث الأسرى».
إنسانيًا، حذّر برنامج الأغذية العالمي من تفاقم النقص في المواد الغذائية مع اقتراب الشتاء، فيما شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن القيود الإسرائيلية تعرقل وصول المساعدات الإنسانية بالكميات المطلوبة، مؤكّدًا أن الأمم المتحدة هي الجهة المخوّلة بالإشراف على أي قوة استقرار تُنشر في القطاع. وتزامن ذلك مع مؤشرات على تدهور إضافي في سلاسل الإمداد، ما يهدد مئات الآلاف من النازحين الذين ما زالوا يعيشون في خيام ويعتمدون على المساعدات للبقاء.
وعلى صعيد التنسيق الدولي، أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) انضمام نحو 40 دولة ومنظمة دولية إلى مركز التنسيق المدني–العسكري الذي أنشأته واشنطن في جنوب إسرائيل، بهدف متابعة تنفيذ بنود الاتفاق وضمان تدفّق المساعدات واستقرار الأوضاع في غزة. ويُنتظر أن يساهم المركز في معالجة الاختناقات اللوجستية وتوفير قنوات اتصال بين الأطراف المعنية بالإغاثة.
تواصل الخروق العسكرية وتقييد دخول الإمدادات الإنسانية يهددان بتقويض الهدنة وإغراق القطاع في موجة جديدة من المعاناة، فيما تتزايد الدعوات الدولية لوقف الانتهاكات وتمكين وصول المساعدات دون عوائق، وتثبيت ترتيبات ميدانية تحمي المدنيين وتمنع الانزلاق مجددًا إلى دائرة التصعيد.
