غزة: جمود في الانتقال إلى «المرحلة الثانية» من خطة ترمب… تل أبيب تربط التقدّم بتسليم جثامين ونزع السلاح ومفاوضات شائكة حول مقاتلي الأنفاق

مبانٍ مدمَّرة في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة (رويترز).webp

يخيّم الجمود على مسار الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، وسط مخاوف من عودة التصعيد. وتربط إسرائيل أيّ تقدّم بتسليم حركة «حماس» ما تبقّى من جثث المختطَفين (أربعة أشخاص)، وبخطوات واضحة تخص الحوكمة في القطاع ونزع سلاح الفصائل، إلى جانب بدء الإعمار في مناطق خاضعة لسيطرتها، في تزامن مع استكمال الانسحاب إلى ما وراء «الخط الأصفر».

الشروط الإسرائيلية ومسار التفاوض

تقول مصادر سياسية إسرائيلية إنّ تسليم الجثامين يمثّل اختبارًا أوليًا للالتزامات، وإنّ الإعمار التدريجي في نطاقات محددة «سيوفّر حوافز للتقدّم». في المقابل، تفيد مصادر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» بأن اشتراطات تل أبيب، مع إغلاق معبر رفح وتقنين دخول المساعدات, «تعطّل التنفيذ» وتدفع نحو إطالة أمد المواجهة، رغم رسائل وسطاء بأن الخطة لا تقتضي ترتيبًا صارمًا للبنود ويمكن تجزئة التنفيذ وفق ما يتاح على الأرض.

وتشير قنوات إسرائيلية إلى مفاوضات تهدف إلى خروج عناصر من «حماس» من أنفاق رفح مع استسلام وتسليم سلاح، ثم ترحيل مؤقت إلى دولة ثالثة (طُرحت تركيا) على أن يُعاد توزيعهم لاحقًا. وقال مسؤول إسرائيلي كبير إنّ ضغطًا أميركيًا قد يدفع تل أبيب إلى التساهل مع هذا المسار «رغبةً في فتح طريق المرحلة الثانية (الإعمار ونزع السلاح)». في المقابل، نفى مسؤول رفيع في البنتاغون تقارير إسرائيلية زعمت أنّ واشنطن تخطّط لقاعدة عسكرية كبيرة قرب غزة.

ميدانيًا: تثبيت خطوط تماس وتصعيد موضعي

قال الجيش الإسرائيلي إنّ قواته، أثناء تدمير مخابئ تحت الأرض في رفح، رصدت أربعة أشخاص «على مقربة من القوات» وأطلقت النار عليهم «فقتلوا»، مضيفًا في بيان منفصل أنّه قتل فلسطينيًا بدعوى اجتيازه «الخط الأصفر» في خان يونس. وتحدّثت مصادر ميدانية عن عملية نسف واسعة لمبانٍ في رفح. وفي روايات عبرية متقاطعة، ذكرت «ريشت كان» أنّ ثلاثة مسلّحين قُتلوا في حيّ الجنينة، وأن الجيش يفحص ما إذا كانوا خرجوا من نفق تتحصّن فيه مجموعات مسلّحة.

على الجانب الفلسطيني، تقول فصائل إنّ إسرائيل تواصل السيطرة على أكثر من 53% من مساحة القطاع الواقعة خلف «الخط الأصفر»، وتستخدم طائرات مسيّرة بكثافة لـ«بنك أهداف» ضد قيادات ونشطاء، وتضيف أنّ خروقات موضعية سُجّلت مرّتين خلال أسبوعين من بدء الهدنة.

«الخط الأصفر» ومعادلة السيطرة

يُعدّ «الخط الأصفر» خطّ الانسحاب الأولي الذي تُقاس عليه ترتيبات الحركة والانتشار. وتربط تل أبيب تخفيف القيود بتقدّم ملموس في ملفات الجثامين ونزع السلاح وهيكل الحكم، بينما ترى الفصائل أنّ الإبقاء على القيود الإنسانية—من الوقود والمعدّات الثقيلة لإزالة الأنقاض ومواد البناء—«يخالف نصوص المرحلة الأولى» ويُبقي الضغط على السكّان.

القوة الدولية وتفويض مجلس الأمن

يتصدّر جدول الوسطاء ملف قوة دولية لدعم الاستقرار بانتظار تفويض واضح من مجلس الأمن يحدّد الولاية وقواعد الاشتباك. وتقول مصادر دبلوماسية إنّ وضوح التفويض شرط لمشاركات دولية جادّة، وإنّ تفكيك عقدة الأنفاق قد يشكّل نموذجًا أوليًا لآليات نزع السلاح ومراقبة التنفيذ.

قراءة سياسية

يرى الكاتب والمحلّل مصطفى إبراهيم أنّ سياسة التضييق على الإمدادات تُبقي شعورًا عامًا بأن «الحرب لم تنتهِ فعليًا»، ويعتبر أنّ التصعيد المتقطّع وعمليات القتل الفردية «يستخدمان للهروب من استحقاقات الهدنة». ويرجّح استمرار الوضع المعلّق ما لم تُمارس واشنطن ضغطًا مباشرًا لإطلاق بُنود المرحلة الثانية.

تتوقّف الأيام المقبلة على حلحلة ملف مقاتلي الأنفاق، وحسم قضية الجثامين، وتحديد تفويض القوة الدولية، إلى جانب إجراءات ملموسة على مسار المعابر والوقود والإعمار. وبين شروط إسرائيلية مشدّدة واتهامات فلسطينية بعرقلة التنفيذ, يبقى الانتقال إلى المرحلة التالية رهينة تقليص فجوة الثقة وتحويل «الخط الأصفر» من حد تماس متوتر إلى جسرٍ لتطبيق التعهّدات.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة