أقرّ مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الإثنين، مشروع القرار الأميركي بشأن غزة، والمرتبط بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأغلبية 13 صوتًا، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت، في خطوة تعتبرها واشنطن محطة مفصلية لتثبيت وقف إطلاق النار وبدء ترتيبات المرحلة الانتقالية في القطاع.
الجلسة التي خُصصت للتصويت بدأت بمداخلة حادة للمندوب الأميركي، الذي وصف غزة بأنها "عاشت لعامين جحيماً على الأرض"، مؤكّدًا أن الجوع منتشر فيها وأن الأمل لدى سكانها "هش"، وأن المجتمع الدولي يقف اليوم أمام "مفترق طرق" بين تكريس الهدنة أو الانزلاق مجددًا نحو العنف.
وأوضح المندوب الأميركي أن مشروع القرار يستند بشكل مباشر إلى خطة ترمب بشأن غزة، مشدّدًا على أنه "ليس مجرد وعد على ورق، بل إطار ملزم يضمن وقف إطلاق النار"، ويتضمن ما وصفه بـ"منجزات قابلة للتحقق" على صعيد تثبيت الهدنة وإطلاق مسار إعادة الإعمار.
وجدد تأكيد بلاده الالتزام باستعادة رفات آخر ثلاثة رهائن لدى حركة حماس، معتبرًا أن إقرار القرار "خطوة أولى نحو غزة حرة وبلا إرهاب"، ومحذّرًا من أن تأجيل الحسم في المجلس "يهدد الأرواح". وقال إن التصويت لمصلحة القرار "رسالة لأمهات غزة وإسرائيل بأننا لن ننساكنّ".
وبعد إقرار القرار، وصف المندوب الأميركي النتيجة بأنها "مجرد بداية"، مضيفًا أن واشنطن تريد أن ترى "غزة مستقرة بعيدة عن العنف والإرهاب"، متعهدًا "العمل بجد مع الشركاء من أجل شرق أوسط أكثر استقرارًا وازدهارًا".
من جانبه، قال المندوب الجزائري لدى الأمم المتحدة إن القرار الدولي يهدف إلى تنفيذ الخطة الشاملة للرئيس ترمب التي حظيت بدعم مختلف الأطراف، موضحًا أن الجزائر ودولًا أخرى أجرت تعديلات على النص لضمان "النزاهة والتوازن".
وأكد المندوب الجزائري أنه "لا يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط دون تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني"، لافتًا إلى أن الدول العربية والإسلامية دعمت مشروع القرار في صيغته النهائية، على قاعدة احترام "قرارات وخيارات الشعب الفلسطيني وممثليه".
وشدد على أن القرار الجديد يدعم استمرار وقف إطلاق النار في غزة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويعبّر عن "عقيدة الأمم المتحدة في تسوية الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي"، إذ يتضمن رفضًا واضحًا للضم والاحتلال والتهجير القسري.
وبيّن المندوب الجزائري أن غزة ستدار وفق ترتيبات انتقالية من قبل لجنة تكنوقراط فلسطينية، وأن قوة الاستقرار الدولية المنصوص عليها في القرار ستتولى توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، داعيًا إلى إطلاق عملية إعادة إعمار واسعة بدعم من المجتمع الدولي ومؤسساته المالية.
وأشار إلى أن معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية كبيرة ومتواصلة، معتبرًا أن إجراءات الحماية الدولية يجب أن تمتد لتشمل الضفة الغربية أيضًا، وأن المطلوب الآن هو "إرادة صارمة من المجتمع الدولي" لوضع حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية موضع التنفيذ.
بدوره، قال المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة إن بلاده صوّتت لصالح القرار الأميركي باعتباره "محطة أساسية لتنفيذ خطة السلام"، داعيًا إلى النشر السريع لقوة استقرار دولية في غزة من أجل حماية وقف إطلاق النار وترسيخه.
كما شدد المندوب البريطاني على ضرورة فتح معابر غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مشيرًا إلى أن أي تسوية دائمة تستوجب تعزيز الوحدة بين قطاع غزة والضفة الغربية ضمن إطار سياسي واحد للشعب الفلسطيني.
حماس ترفضه وتعتبره وصاية دولية
أصدرت حركة حماس بيانًا تؤكد فيه رفضها لمشروع القرار الأمريكي الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بشأن غزة، معتبرة أنه لا يلبّي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني السياسية والإنسانية، ولا يعكس حجم الكارثة التي تعرض لها القطاع خلال العامين الماضيين من حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة ارتكبها الاحتلال، رغم الإعلان عن إنهاء الحرب وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأكدت الحركة في بيان صحفي لها تلقت سوا نسخه عنه أن القرار يفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه الشعب الفلسطيني وقواه كافة، معتبرة أنه محاولة لفرض وقائع جديدة تفصل غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية، وتخدم أهداف الاحتلال التي عجز عن تحقيقها عبر الحرب، بما يشكل مساسًا بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس .
وشددت حماس على أن مقاومة الاحتلال بجميع الوسائل حق مشروع كفلته القوانين الدولية، وأن سلاح المقاومة مرتبط باستمرار الاحتلال، مؤكدة أن أي نقاش يتعلق بالسلاح يجب أن يكون شأنًا وطنيًا داخليًا مرتبطًا بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.
وحذرت الحركة من أن تكليف أي قوة دولية بمهام تشمل نزع سلاح المقاومة داخل غزة ينزع عنها صفة الحياد ويحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال. وأوضحت أنه في حال إنشاء قوة دولية، فيجب أن يقتصر وجودها على الحدود للفصل بين القوات ومراقبة وقف إطلاق النار، وأن تكون تحت إشراف الأمم المتحدة فقط، وبالتنسيق الكامل مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية، بعيدًا عن أي دور للاحتلال، وأن تركز على ضمان تدفق المساعدات دون التحول إلى سلطة أمنية تطارد الشعب أو المقاومة.
كما أكدت حماس أن المساعدات الإنسانية وإغاثة المتضررين و فتح المعابر حقوق أصيلة للشعب الفلسطيني، ولا يجوز رهنها بالابتزاز السياسي أو إخضاعها لآليات معقدة، خاصة في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة تستوجب الإسراع في فتح المعابر وتوفير كل الإمكانيات عبر الأمم المتحدة ومؤسساتها، وعلى رأسها وكالة الأونروا.
وختمت الحركة بيانها بمطالبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بإعادة الاعتبار للقانون الدولي والقيم الإنسانية، واتخاذ قرارات تضمن العدالة لغزة والقضية الفلسطينية، عبر وقف حرب الإبادة، وبدء إعادة الإعمار، وإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
