منخفض جوي يغرق خيام النازحين في غزة والدفاع المدني يحذر من كارثة إنسانية جديدة

يُعاني النازحون الفلسطينيون من الفيضانات التي اجتاحت خيامهم إثر هطول أمطار غزيرة في غزة، 11 ديسمبر/كانون الأول 2025.

تسبّبت الأمطار الغزيرة المصاحبة لمنخفض جوي عميق يضرب قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، في غرق عشرات خيام النازحين في مناطق متفرقة من القطاع، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية في ظل غياب المساكن المؤقتة والبنية التحتية الملائمة.

وغمرت مياه الأمطار مخيمات النزوح المنتشرة في مختلف مناطق القطاع، في ليلة قاسية جديدة عاشها مئات آلاف النازحين داخل خيام مهترئة لا تقوى على الصمود أمام الرياح والأمطار، بالتزامن مع أجواء باردة ودرجات حرارة متدنية.

أمطار غزيرة ومنخفض عميق

وبحسب الأرصاد الجوية، يتعمّق المنخفض الجوي اليوم الخميس، مع انخفاض ملموس على درجات الحرارة، ليكون الجو باردًا وماطرًا وعاصفًا، فيما تهطل الأمطار على مختلف المناطق بشكل غزير، وتكون مصحوبة بعواصف رعدية وتساقط البَرَد أحيانًا، على أن يستمر تأثير المنخفض حتى ساعات مساء الجمعة.

هذا المنخفض، الذي قد يُعدّ اعتياديًا في ظروف طبيعية، تحوّل في غزة إلى عامل مضاعِف للمعاناة، حيث تتسرّب مياه الأمطار إلى الخيام المحطّمة والطرقات الترابية الموحلة، وتحوّل المخيمات إلى برك من المياه والوحل.

الدفاع المدني: إخلاء خيام غمرتها المياه

وأعلن الدفاع المدني في قطاع غزة إخلاء نازحين من عشرات الخيام بعد غرقها الكامل إثر الأمطار الغزيرة، خاصة في المناطق الجنوبية من القطاع.

وأوضح الدفاع المدني في بيان صدر من رفح صباح الخميس، أن طواقمه استجابت لنداءات استغاثة متكررة خلال ساعات الليل، وتمكنت من إخلاء النازحين من داخل 14 خيمة بعد أن غمرتها مياه الأمطار بشكل كامل في مناطق متفرقة من مواصي خان يونس، ونقلهم إلى أماكن أخرى أكثر أمانًا نسبيًا.

وحذّر الدفاع المدني من تفاقم الأوضاع الإنسانية في حال استمرار تأثير المنخفض الجوي خلال الساعات المقبلة، في ظل عدم توفّر مساكن مؤقتة بديلة تؤوي النازحين، مؤكدًا أن الإمكانيات المتاحة محدودة جدًا مقارنة بحجم الكارثة.

“كل إجراءات الحماية فشلت”

في عدة مناطق من القطاع المنكوب، اشتكى النازحون من دخول المياه إلى أماكن نوم الأطفال والنساء وكبار السن داخل الخيام، وتحول أرضيات الخيام إلى مستنقعات من الطين والمياه المختلطة بمياه الصرف نتيجة دمار البنية التحتية.

ويقول نازحون إن كل محاولاتهم لحماية خيامهم من الأمطار – باستخدام الأغطية البلاستيكية، ورفع الأمتعة عن الأرض، وحفر قنوات لتصريف المياه – "فشلت" أمام غزارة الأمطار وشدة الرياح، لتصبح الخيام غير صالحة للسكن.

وأظهرت مقاطع مصوّرة متداولة، دخول كميات كبيرة من مياه الأمطار إلى داخل الخيام، بينما يحاول السكان إنقاذ ما تبقى من الفُرُش والأغطية والملابس، ورفع الأطفال عن الأرض لحمايتهم من البلل والبرد القارس.

بلدية غزة: أزمة إنسانية متفاقمة

من جهتها، أكدت بلدية غزة أن المنخفض الجوي يفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة بشكل خطير، في ظل الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية وغياب الإمكانيات الفنية واللوجستية اللازمة للتعامل مع الفيضانات.

وأشارت البلدية إلى أن آلاف الأسر مهددة بالتشرد مجددًا بعد تلف خيامها نتيجة الأمطار الغزيرة، خاصة في المناطق التي تُستخدم كملاجئ مؤقتة للنازحين، محذّرة من أن استمرار هطول الأمطار قد يؤدي إلى انهيار المزيد من الخيام وتلف ما تبقى من ممتلكات بسيطة للنازحين.

125 ألف خيمة متضررة

وفي تطور يعكس حجم الكارثة، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن أكثر من 125 ألف خيمة تضررت بالكامل بسبب الأمطار، وهو ما يعادل أكثر من 90% من خيام النازحين في القطاع، لافتًا إلى أن جزءًا كبيرًا منها لم يعد صالحًا للإيواء.

هذا الواقع يترك عشرات الآلاف من العائلات في مواجهة مباشرة مع البرد والمطر دون مأوى حقيقي، في وقت تعاني فيه غزة أصلاً من نقص حاد في مواد الإغاثة، وغياب شبه تام للمنازل البديلة، بسبب الدمار الواسع الذي طال المساكن والبنى التحتية خلال العدوان.

استغاثات من بين المياه والوحل

مع اشتداد الأمطار، تكررت مشاهد استغاثة النازحين في أكثر من منطقة في القطاع، حيث انتشرت نداءات عبر وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي تطالب بتوفير خيام بديلة، ووسائل تدفئة، وغطاء عاجل للمتضررين من غرق الخيام.

وفي بعض المخيمات، اضطر الأهالي إلى حمل الأطفال والمرضى على الأكتاف أو نقلهم على أغطية مبللة، بحثًا عن مكان أكثر جفافًا، فيما حاول آخرون تشييد حواجز ترابية بسيطة حول خيامهم بإمكانيات ذاتية، لمنع دخول مياه الأمطار.

كارثة إنسانية مفتوحة

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحصار والدمار وتكدّس مئات الآلاف من النازحين في مخيمات مكتظّة تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة والكرامة الإنسانية.

وتحذّر الجهات المحلية في غزة من أن المنخفض الجوي الحالي ليس سوى وجه آخر لكارثة إنسانية مفتوحة، وأن استمرار هطول الأمطار على مخيمات من الخيام المهترئة، دون توفير بدائل سكنية مؤقتة أو دعم إغاثي كافٍ، يعني المزيد من المعاناة، خاصة للأطفال والنساء وكبار السن والمرضى.

في هذه الأثناء، يبقى النازحون في غزة عالقين بين نار الحرب وعبء الشتاء، يحاولون التمسك بما تبقى لهم من حياة تحت خيام لم تعد تحميهم من شيء، بينما تتزايد الأصوات المطالِبة بتدخل إنساني عاجل يوقف هذا النزيف المستمر في المخيمات المنكوبة.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة