اسفرت العاصفة "بيرون" والمنخفض الجوي العميق اللذان يضربان قطاع غزة خلال أقل من 24 ساعة، عن وفاة 12 مواطنا وإصابة آخرين، إثر انهيارات متتالية وغرق واسع في مناطق عدة من القطاع.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة عن 12 شهيدا ومفقودا جراء البرد وتداعيات المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع، وسط نقص المساعدات والإمكانيات.
وأكدت وزارة الداخلية في غزة استشهاد 8 فلسطينيين -بينهم 3 أطفال- وانهيار 13 منزلا -آخرها في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان بمدينة غزة- بسبب المنخفض الجوي في القطاع.
وأعلن مصدر في مستشفى الشفاء عن وفاة الطفلة هديل حمدان (9 سنوات) والرضيع تيم الخواجا نتيجة البرد في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
وأفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ بوفاة 5 أشخاص وإصابة آخرين في انهيار منزل ببئر النعجة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
كما أفادت مصادر في الدفاع المدني بوفاة شخصين جراء سقوط حائط كبير على خيام النازحين غرب مدينة غزة فجر اليوم.كما أصيب طفلان عقب سقوط خيمتهما في "مخيم أبو جبل" بمنطقة العمادي.
وأمس الخميس، أعلنت وزارة الصحة وفاة الطفلة رهف أبو جزر متأثرة بالبرد والأمطار التي أدت إلى غرق خيام النازحين في منطقة المواصي بخان يونس.
ولا تزال طواقم الدفاع المدني تتعامل مع مئات النداءات والاستغاثات.
وأشارت طواقم الدفاع المدني إلى انهيار ما لا يقل عن عشرة منازل خلال الساعات الماضية، كان آخرها منزلان في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان، إلى جانب إجلاء سكان منزل عائلة داربيه بعد انهيار مدخله في حي الشيخ رضوان، وإجلاء عائلة المدهون في محيط دوار الكرامة شمالي القطاع.
وأدى المنخفض أيضا إلى غرق مخيمات كاملة في منطقة المواصي بخان يونس، وتضرر مناطق واسعة في "البصة والبركة" بدير البلح، و"السوق المركزي" في النصيرات، فضلا عن منطقتي "اليرموك والميناء" في مدينة غزة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن احتياجات السكان في القطاع كبيرة، وإن ما يقدم لهم لا يلبي الحد الأدنى في ظل تفاقم أوضاع النازحين في الخيم ومراكز الإيواء.
وأشار بصل، في تصريحات صحفية، إلى تلقي طواقم الدفاع المدني 3500 بلاغ من مواطنين يعيشون بخيام تالفة ومبان آيلة للسقوط خلال المنخض القطبي الأخير الذي يضرب المنطقة.
ويأتي المنخفض والعاصفة في وقت يعيش فيه النازحون أوضاعا مأساوية بفعل انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى المستلزمات الأساسية، وتراجع الخدمات الحيوية بسبب الحصار الإسرائيلي.
مخيمات الشمال
وأكد مصدر لقناة "الجزيرة" القطرية أن جميع مخيمات شمال قطاع غزة غرقت بالكامل، إضافة إلى انهيار عدد من المنازل.
وأوضح أن مخيم حلاوة دُمّر بشكل شبه تام، وغرقت الخيام تماما وتلفت محتوياتها، كما غرق أيضا مخيم نادي النزلة في جورة الصفطاوي وتم إخلاؤه كاملا.
وغمرت المياه منازل مخيم جباليا وبيت لاهيا ومراكز الإيواء بشكل شبه كامل، فضلا عن الخيام التي لم تصمد أمام الأمطار الغزيرة.
وتعيش نحو 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، وتواجه البرد والسيول داخل خيام مهترئة وسط نقص المساعدات، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني.
ويتخذ معظم النازحين من الخيام التالفة مأوى لهم، في حين قدّر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة نهاية سبتمبر/أيلول الماضي أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة في القطاع بلغت نحو 93%، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا.
نداء عاجل
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي من خطورة تداعيات المنخفض الجوي المحمل بسيول جارفة وفيضانات وهبّات رياح شديدة وأمواج بحر مرتفعة وعواصف رعدية.
وأكد أن هذا المنخفض يهدد أكثر من 1.5 مليون نازح يعيشون منذ أكثر من عامين داخل خيام مهترئة وملاجئ بدائية لا توفر الحد الأدنى من الحماية من المطر أو الرياح أو البرد، في ظل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وغياب أي حلول بديلة أو تدخلات دولية حقيقية.
وطالب المكتب الحكومي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار والدول الصديقة والجهات المانحة بالتحرك الفوري والعاجل للضغط على الاحتلال من أجل فتح المعابر وإدخال مواد الإيواء ومستلزمات الطوارئ واحتياجات فرق الإنقاذ والدفاع المدني، واتخاذ خطوات عملية تمنع تكرار مشاهد الغرق والانهيار المتوقعة خلال الساعات والمنخفضات المقبلة.
حماس تتهم الاحتلال بالتنصل من التزاماته
وحمّلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الظروف المأساوية التي يعيشها سكان قطاع غزة، واتهمته بالتنصل من التزاماته في اتفاق وقف الحرب.
وقالت الحركة إن قطاع غزة يعيش كارثة حقيقية مع اشتداد تأثير المنخفض الجوي، معتبرة أن ما يواجهه الفلسطينيون يشكل امتدادا لحرب الإبادة الإسرائيلية بفعل استمرار الحصار ومنع الإعمار الذي يقيهم أجواء المنخفض.
ودعا المتحدث باسم الحركة حازم قاسم الوسطاء والضامنين لاتفاق وقف الحرب إلى الضغط على إسرائيل لإدخال مواد الإيواء اللازمة وفتح معبر رفح في الاتجاهين.
كما دعا الدول العربية الإسلامية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى تحرك جاد وفعلي لإنقاذ قطاع غزة من هذا الوضع الكارثي الذي يعيشه بفعل التدمير وتوالي المنخفضات الجوية.
ورغم انتهاء حرب الإبادة بسريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي فإن الواقع المعيشي للفلسطينيين بغزة لم يشهد تحسنا جراء القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.
وعلى مدى نحو عامين من الإبادة تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها مباشرة أو استهدف محيطها، في حين اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفا والرياح شتاء.
