تقرير خبراء: صفقة الغاز تحقق مصالح مصر وإسرائيل وتوفر عائدات استثمارية للجانبين

السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز).webp

 لا يوجد بديل أمام إسرائيل عن مصر لبيع الغاز

أفاد تقرير لوكالة أنباء (شينخوا) الصينية يوم السبت 20 ديسمبر/كانون الأول 2025، بأن صفقة الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل، التي تعد الأكبر في تاريخ الأخيرة، تحقق مصلحة البلدين وتعتبر امتدادا لصفقات سابقة، بحسب خبراء.

وأكد الخبراء، أن الصفقة توفر "عائدات استثمارية كبيرة لفترة طويلة" لإسرائيل وشركات النفط العاملة في الحقول الإسرائيلية، وأشاروا إلى أنه لا يوجد بديل أمام إسرائيل عن مصر لبيع الغاز.

على الجانب الآخر، توفر الصفقة لمصر تأمينا طويل الأمد لإمدادات الغاز حتى العام 2040، وبأسعار تنافسية ثابتة طوال فترة الاتفاق، ما يحمي مصر من التقلبات السعرية في الأسواق العالمية.

-- تفاصيل الصفقة

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء الماضي الموافقة على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر بقيمة 112 مليار شيكل (نحو 34.7 مليار دولار أمريكي).

وبموجب الصفقة، التي وصفها نتنياهو بأنها "أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل"، ستمد شركة ((شيفرون)) الأمريكية للطاقة وشركاؤها في إسرائيل، مصر بنحو 130 مليار متر مكعب من الغاز حتى عام 2040 أو حتى استيفاء قيمة العقود بالكامل.

وتملك شيفرون الأمريكية 40% من حقل ليفياثان و25% من حقل تمار الإسرائيليين، إضافة إلى سيطرتها التشغيلية، ما يمنحها سيطرة فعلية على نحو 90% من احتياطيات الغاز الإسرائيلي، وفق صحيفة كالكاليست الإسرائيلية الاقتصادية.

وردا على الجدل الذي أثارته الصفقة، أكدت مصر أن صفقة الغاز الطبيعي مع إسرائيل تجارية بحتة ولا تنطوي على أي أبعاد أو تفاهمات سياسية، بحسب ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

وأكد المسؤول المصري، أن موقف بلاده من القضية الفلسطينية ثابت لم ولن يتغير، ويستند إلى دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفض التهجير القسري، والتمسك بحل الدولتين.

وتعتبر هذه الصفقة امتدادا لصفقات سابقة في مجال الغاز الطبيعي بين البلدين.

-- صفقة تجارية بامتياز

وقال الدكتور وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي إن "صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل ليست الأولى من نوعها، فقد كان هناك صفقات سابقة سواء من خلال تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل أو استيراد الغاز الإسرائيلي".

وأضاف جاب الله لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "هناك ميزة نسبية لدى مصر وإسرائيل، وهي أن هناك خط غاز بين البلدين يسمح بوصول الغاز المصري إلى إسرائيل ووصول الغاز الإسرائيلي إلى مصر سواء للاستخدام المحلي أو الإسالة وإعادة تصديره للخارج".

وشدد على أن الصفقة "تحقق مصلحة الطرفين بعيدا عن الجوانب السياسية التي قد يتحدث عنها البعض، فهي صفقة تجارية بامتياز".

وأوضح جاب الله أن "إسرائيل تبيع الغاز لمصر بسعر طبيعي لاسيما أنها لن تستطيع تصدير الغاز إلا من خلال مصر عبر محطات الإسالة المصرية، لأنها لا تمتلك مثل هذه المحطات".

وتستورد مصر الغاز من إسرائيل بموجب صفقة أبرمت في 2018 بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار، تنص على توريد كميات يتم تسييلها عبر محطتي إدكو ودمياط المصريتين لإعادة تصديرها، غير أن تراجع إنتاج مصر من الغاز بشكل ملحوظ دفع القاهرة إلى تعليق إعادة تصدير الكميات المستوردة واستخدامها محليا.

وفي أغسطس 2025، تم الإعلان عن اتفاق جديد لتعديل بنود توريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر، وفق بيان شركة (نيو ميد إنرجي) المالكة لحصة 45.34% في حقل ليفياثان، بالشراكة مع شركتي شيفرون وريشيو.

ونص التعديل على رفع إجمالي الكميات التعاقدية إلى نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز، يتم توريدها عبر شركة "بلو أوشن إنرجي" بوصفها المشتري، إلا أن الاتفاق تم تجميده قبل أن يعلن نتنياهو الموافقة على الاتفاق.

وفي مطلع نوفمبر الماضي، صرح وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي إيلي كوهين بأن بلاده لن توافق على صفقة تصدير الغاز لمصر قبل التأكد من الحفاظ على مصالحها الأمنية وضمان أسعار عادلة، وهو ما دفع وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت إلى إلغاء زيارته التي كانت مخططة آنذاك إلى إسرائيل، داعيا إلى إقرار الصفقة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

-- لماذا وافقت إسرائيل على الصفقة؟

ورد جاب الله على سؤال حول الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى الموافقة على الصفقة بعد تعليقها، بالقول "لا أتصور أن إسرائيل علقت الصفقة لأسباب تجارية، ربما كانت لأسباب متعلقة بالمناورة السياسية، وفي مثل هذه الصفقات يجب ألا ننظر إلى مصر وإسرائيل فقط، لأن الغاز لا تمتلكه البلدان فقط، إذ أن هناك أيضا شركات استخراج الغاز التي تملك نسبة كبيرة من هذا الغاز ودائما ما يكون لها كلمة مسموعة".

وتابع أن "هذه الشركات تنظر إلى الأمور بوجهة نظر تجارية، ولن تستمر في تطوير الحقول إلا إذا تم تحقيق مصالحها التجارية، وبالتالي فإن الشركات التي تقوم بتطوير الحقول في إسرائيل، لن تستمر إلا إذا صدرت حصتها من الغاز إلى أفضل الوجهات التي تحقق مصالحها".

بدوره، رأى المهندس مدحت يوسف رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق في مصر أن "الضغط الذي مارسته الشركات الأمريكية شركاء إسرائيل في حقول الغاز" وراء موافقة إسرائيل على الاتفاق مع مصر.

وأضاف يوسف لـ (شينخوا)، أن "توريد الغاز الإسرائيلي لمصر يمثل أهمية اقتصادية كبيرة لهذه الشركات لتنمية الحقول الحالية وزيادة الإنتاجية، في ظل وجود سوق مصرية لمدة 15 عاما".

وأوضح أن هذه الصفقة توفر "عائدات استثمارية كبيرة لفترات زمنية طويلة" لإسرائيل وشركات النفط العاملة في الحقول الإسرائيلية، قبل أن يؤكد أن "لا توجد فرصة بديلة" عن مصر أمام إسرائيل لبيع الغاز.

-- مزايا الصفقة لمصر

وقال يوسف، إن مزايا صفقة الغاز الإسرائيلي لمصر عديدة، من بينها أنها توفر تأمينا طويل الأمد لإمدادات الغاز لمصر يمتد حتى العام 2040.

وتابع الخبير المصري، أن سعر الغاز الإسرائيلي وفقا للصفقة "مميز" بالنسبة لمصر إذا ما تم مقارنته بالأسعار العالمية المتداولة، لاسيما أنه "سعر ثابت طوال فترة الاتفاق، وهو ما يقي مصر من التقلبات السعرية والتذبذبات المرتفعة في الأسواق العالمية".

وأوضح أن الغاز الإسرائيلي الذي يتم توريده لمصر عبر خط الغاز المشترك بين البلدين "أقل كلفة" من الغاز المسال الذي تستورده مصر من دول أخرى، مؤكدا على أهمية الصفقة لمصر في ظل معدلات التناقص الطبيعي لإنتاج الحقول الحالية في مصر وتزايد الطلب المحلي.

بينما قال جاب الله، إن مصر تحتاج إلى الغاز الإسرائيلي، خاصة أنها تملك محطتين لإسالة الغاز، ومن المهم تشغيل هاتين المحطتين، اللتين تساعدان في توريد الغاز إلى أوروبا.

وأردف أن مصر تحصل على الغاز الإسرائيلي بـ "أسعار تنافسية، لأنها توفر تكاليف تحويل الغاز إلى سائل في دولة التصدير ثم إعادة تحويله إلى الصفة الغازية في دولة الاستهلاك، وهذا أمر مكلف بشكل كبير، أما الحصول على الغاز بصفته الغازية من أجل الاستهلاك المباشر فهذا أمر يؤدي إلى انخفاض كبير في سعر الغاز".

وأشار إلى أن الغاز الإسرائيلي يتيح لمصر استغلال البنية التحتية المتواجدة في أراضيها سواء خط الربط بين الغاز المصري والإسرائيلي، أو محطات إسالة الغاز وإعادة تشغيلها بطاقتها القصوى من أجل التصدير للخارج.

ولفت إلى أن الصفقة مع إسرائيل جزء من توجه مصر لتوفير الطاقة التي تساعدها على التنمية، كما تأتي في إطار مساعي مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة خاصة أن مصر لديها بنية تحتية مهمة في قطاع الطاقة من بينها الغاز.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القاهرة - (شينخوا)