محفظة "بال باي".. شريان مالي آمن يعزز صمود غزة في ظل أزمة السيولة

pal pay.jpg

في ظل حرب متواصلة وحصار خانق عطّل عمل البنوك وأغلق شرايين النقد، وجد سكان قطاع غزة أنفسهم أمام معركة يومية لتأمين أبسط احتياجاتهم المعيشية، في واقع تتآكل فيه الأوراق النقدية وترتفع العمولات وتغيب السيولة.

وسط هذا المشهد القاسي، برزت المحافظ الإلكترونية كحلٍّ اضطراري وملاذ آمن، لتتقدم (بال باي) كأحد أبرز الأدوات الوطنية التي أسهمت في تعزيز الصمود المالي، عبر تمكين المواطنين والتجار والمؤسسات الإنسانية من الوصول إلى الأموال وتنفيذ المعاملات المالية بمرونة وأمان، في واحدة من أكثر البيئات تعقيدًا وخطورة على المستوى الإنساني والاقتصادي.

"بال باي" طوق نجاة للمواطنين

يقول المواطن أحمد سالم إنّ المحفظة شكّلت له طوق نجاة في ظل أزمة السيولة الخانقة التي يعاني منها القطاع بسبب إغلاق البنوك والمصارف، مضيفًا: "كنا نعاني بشكل كبير من نقص النقد وتلف الأوراق المالية المستخدمة منذ عامي الحرب، وكان الحصول على المال مغامرة يومية فضلًا عن نسبة العمولات المرتفعة، لكن مع (بال باي) أصبحت أستطيع استلام حوالاتي ودفع احتياجاتي الأساسية إلكترونيًا دون الحاجة للبحث عن سيولة".

ويوضح سالم لـ "قدس نت" أنّ سهولة الاستخدام وإمكانية الوصول للخدمة حتى في ظل ضعف الإنترنت، ساعدته في تأمين احتياجات أسرته، معتبرًا أن المحافظ الإلكترونية أصبحت ضرورة وليست رفاهية في ظل الظروف الراهنة.

من جانبه، يؤكد التاجر محمد أبو عودة لـ "قدس نت" أنّ اعتماده على محفظة (بال باي) ساهم في استمرار عمله رغم شح النقد، قائلاً: "كصاحب محل صغير، كنت أخسر زبائن كثيرين بسبب عدم توفر السيولة، لكن بعد الانضمام لشبكة الدفع الإلكتروني عبر المحفظة، بات بإمكان الزبائن الدفع بسهولة، وهذا أنقذ مصدر رزقي".

ويشير أبو عودة إلى أن توسيع شبكة القبول لتشمل المحلات الصغيرة والبسطات، خفف من الضغط على التجار والمواطنين على حد سواء، وساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي رغم التحديات والقيود التي فرضها الاحتلال على النظام المالي في غزة.

بدورها، تروي المواطنة إسراء النجار تجربتها مع (بال باي) في استلام المساعدات النقدية، قائلة لـ "قدس نت": "استلمت المساعدة المالية من منظمة اليونيسف عبر المحفظة بسرعة وأمان، دون الحاجة للوقوف في طوابير أو المخاطرة بالتنقل، وهذا وفر علينا الجهد والوقت في ظروف صعبة".

وأضافت أن الاعتماد على المحفظة عزز شعورها بالأمان، خاصة مع إجراءات الحماية والتحقق، مؤكدة أن هذه التجربة عززت ثقتها بالحلول الإلكترونية الوطنية كشريك إنساني موثوق في الأزمات.

استمرارية الخدمات المالية

وفي الإطار عينه، يقول مصدر مسؤول في شركة (بال باي) إنّ الشركة تعاملت مع الإقبال المتزايد على خدماتها في قطاع غزة، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها القطاع، عبر رفع الجاهزية التشغيلية والفنية وتعزيز فرق المتابعة والدعم، بما يضمن استمرارية الخدمات الإلكترونية دون انقطاع رغم التحديات القائمة.

ويوضح المصدر لـ "قدس نت"، أنّ تركيز (بال باي) انصبّ على إيجاد حلول عملية لأزمة النقد، لا سيما في ظل نقص السيولة وتلف الأوراق النقدية، من خلال تمكين المواطنين من الوصول إلى أموالهم بشكل آمن وسريع، وضمان استمرار عمليات الإيداع وتحويل الأموال لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ويبين أنّ الشركة حافظت على حضور ميداني فعّال داخل قطاع غزة رغم المخاطر، عبر بقاء فريق تشغيلي قادر على خدمة المستفيدين ميدانيًا، وضمان استمرار عمل شبكة الوكلاء ومقدمي الخدمة ضمن الإمكانيات المتاحة.

ويشير المصدر إلى أنّ (بال باي) نجحت في توفير حلول بديلة ونقاط خدمات في المناطق المنكوبة، من خلال توسيع شبكة القبول والدفع الإلكتروني واستهداف التجار غير الرسميين، بما يضمن استمرارية الوصول إلى الخدمات المالية في المناطق الأكثر تضررًا، ويمكن تجار غزة، بما فيهم البسطات والمحلات الصغيرة، من تلقي المدفوعات الإلكترونية بدلًا من الاعتماد على النقد المحدود.

ويؤكد أنّ الشركة وفّرت خدمات وصول للمحفظة دون الحاجة إلى الإنترنت، لضمان استفادة المستخدمين في الظروف الطارئة، إلى جانب تسهيل الإجراءات وتقديم حلول مالية مرنة وسهلة الاستخدام في ظل صعوبات التنقل وضعف الاتصال.

ويلفت إلى أنّ عدد مستخدمي (بال باي) في قطاع غزة شهد نموًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، نتيجة الاعتماد المتزايد على المحافظ الإلكترونية كوسيلة للدفع، ما يعكس تنامي ثقة المواطنين بهذه الحلول الوطنية ودورها في تعزيز الصمود المالي والاقتصادي في القطاع.

شريك إنساني موثوق في الأزمات

وفيما يتعلق بالأمان والامتثال التنظيمي، يبين المصدر أنّ المحفظة تخضع لشروط استكمال التسجيل وفق إجراءات تحقق دقيقة تشمل التحقق من رقم الهاتف والبيانات الشخصية وإرفاق صورة عن الهوية، وذلك بما يتوافق مع متطلبات سلطة النقد الفلسطينية والأنظمة والتعليمات المالية المعمول بها محليًا ودوليًا، مع تطبيق ضوابط إضافية عند الحاجة للحد من مخاطر الاحتيال وحماية المستخدمين.

ويذكر أنّ الشركة تعتمد على أنظمة تشفير متقدمة، وتُنفّذ جميع العمليات المالية عبر قنوات آمنة وموثوقة، بما يضمن سلامة البيانات والمعاملات ويحافظ على ثقة المستخدمين والمؤسسات الشريكة.

سقوف تحويل آمنة وتطوير مستمر

وحول سقوف التحويل، يشير المصدر إلى أنّها تُحدد وفق معايير تنظيمية ورقابية وبناءً على تقييم المخاطر، وبما يحقق توازنًا بين تمكين المواطنين من تلبية احتياجاتهم اليومية والالتزام بالمتطلبات القانونية والتنظيمية المعمول بها، مبينًا أنّ المحفظة أسهمت في تقليل الاعتماد على النقد والحد من ظاهرة العمولات المرتفعة، من خلال إتاحة التحويلات والمدفوعات الإلكترونية المباشرة، الأمر الذي ساعد في التخفيف من أزمة السيولة وتحسين حركة تداول الأموال داخل قطاع غزة.

وفي سياق توعية المستخدمين، يشدد المصدر على حرص الشركة على توجيه المستخدمين بضرورة إدخال بياناتهم بشكل صحيح، وعدم مشاركة معلومات الدخول أو أي بيانات شخصية مع جهات غير معروفة، والاعتماد على القنوات الرسمية فقط، لافتًا إلى أنّ الشركة تتابع شكاوى المواطنين عبر قنوات الدعم الفني، وتحلل ملاحظاتهم، وتستجيب لها لمعالجة الإشكاليات المطروحة أولًا بأول.

ويختم المصدر بالتأكيد على أن (بال باي) تواصل العمل على التطوير المستمر وتحسين تجربة المستخدم، من خلال تطبيق أنظمة أمان متعددة تشمل التشفير ومراقبة الأنشطة غير الاعتيادية وإجراءات تحقق إضافية عند الاشتباه، إلى جانب برامج توعوية مستمرة. كما تعمل الشركة على تعزيز التعاون مع الشركات والمؤسسات الفلسطينية لتوسيع منظومة الدفع الإلكتروني، ضمن تنسيق قائم وخطط مستقبلية تهدف إلى خدمة المواطنين ودعم الاقتصاد المحلي وتعزيز صموده.

 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة