غزة: نقص المراحيض يؤرق النازحين ويدفعهم لخيارات قاسية

يواصل الفلسطينيون النازحون حياتهم اليومية في ظل ظروف صعبة داخل خيام النزوح المنتشرة وسط الدمار في حي الزيتون، جنوب شرق مدينة غزة، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2025. تصوير: عمر أشتوي

 كتب الصحفي عيسى سعد الله تقريرا لصحيفة "الأيام" الفلسطينية نشرته ، يوم الجمعة  26 ديسمبر/كانون الأول 2025، حمل عنوان :
غزة: نقص المراحيض يؤرق النازحين ويدفعهم لخيارات قاسية

وجاء في التقرير:

في مخيمات ومناطق النزوح العشوائية في قطاع غزة، تطول طوابير الانتظار أمام الحمّامات والمراحيض ودورات المياه، بانتظار الحصول على فرصة لدخول الحمّام مرة واحدة على الأكثر في اليوم لقضاء الحاجة، وسط آلام وآهات لم تنقطع من الصغار والكبار وذوي الاحتياجات الخاصة.

ويشكّل النقص الحاد في هذه المرافق المهمة والضرورية كابوساً يؤرق حياة النازحين، الذين يضطرون للانتظار ساعات طويلة لدخول المرحاض، وأحياناً يضطر الكثير منهم الى الذهاب والبحث عن بدائل عادة لم يجدوها.

وأمام هذا الواقع المأساوي تستعين ربات البيوت بدلاء لقضاء الأطفال حاجتهم فيها داخل الخيمة ذاتها، كما تفعل السيدة هناء التي اشتكت من صعوبة حصول أطفالها الصغار على الفرص الكافية لدخول المراحيض في أحد تجمعات النزوح بمدينة غزة.

وقالت إن أبناءها يقضون حاجتهم في الغالب داخل الخيمة بسبب الازدحام الشديد على ما ندر وتوفر من حمّامات ومراحيض في التجمع الذي يتواجد على طول الشريط الساحلي غرب مدينة غزة.

وأشارت إلى أنها طلبت من زوجها أن يؤهل أحد الدلاء ليكون مناسباً إلى حد ما لقضاء حاجة الأطفال على الأقل، بدلاً من قضائها في الشوارع وبين الخيام.

وبينت هناء في الثلاثينيات من عمرها، أن عدد المراحيض في المنطقة قليل جداً، وبالكاد يغطي الحمّام الواحد عشر خيام تضم عشرات الأفراد.
وباتت الخيمة تشكّل المسكن والمطبخ والمرحاض وكل شيء في حياة النازح، الذي يساوره القلق والخوف من إطالة أمد الأزمة، كما ذكر المواطن المسن بشير موسى الذي يسكن وزوجته وأسرة أحد أبنائه في خيمة مهترئة لا تتجاوز مساحتها عشرين متراً مربعاً، بالقرب من شارع الرشيد غرب مدينة غزة.

وقال موسى في الستينيات من عمره، إن دخول المرحاض بات يشكّل تحدياً كبيراً له ولزوجته المريضة وللصغار، في ظل التزاحم والطوابير الطويلة وعدم ملاءمة الحمّامات نفسها لقضاء الحاجة وأمور أخرى.

وأوضح أن المراحيض لم تعد توفر الخصوصية حتى للأطفال، وباتت تشكل عبئاً كبيراً للنازحين الذين يفتقدون الأراضي الكافية والأموال اللازمة لإنشاء حمّامات خاصة بهم.

واشتكى من عدم ملاءمة الحمّام لزوجته المريضة وشبه المعاقة كونه لا يحتوي على كرسي، وبالتالي اضطر للاستعانة بكرسي واصطحابه لزوجته عند دخولها المرحاض.

وتساءل عن سبب عدم اهتمام المؤسسات بإنشاء مراحيض كافية للنازحين رغم إنفاقها أموالاً طائلة في قضايا ومشاريع أقل أهمية.

وتحدث المواطن إبراهيم رجب من بيت لاهيا وينزح في مخيم وسط حي الرمال بمدينة غزة، عن خروج معظم المراحيض التي أقامتها المؤسسات قبل عدة شهور عن الخدمة، بسبب إنشائها من "الشوادر" التي تتمزق بسهولة.

وأوضح أنه يلاحظ اضطرار النازحين الى التوجه لمناطق عامة يوجد بها حمّامات ومراحيض، كالمستشفيات والنقاط الطبية والمؤسسات وغيرها، من أجل قضاء حاجتهم بسبب الطوابير الطويلة، خاصة في ساعات الصباح الأولى.

وقال رجب إن المؤسسات لا تترجم وعودها التي تقطعها للنازحين في كل مرة يزور مسؤولوها المخيمات، والحديث مع النازحين.

وأشار إلى أن إقامة المراحيض يجب أن تسبق إقامة الخيام وبشكل كافٍ في جميع المخيمات التي تقام للتخفيف من معاناة المواطنين، مبيناً أن الخيمة وحدها لا تحل أزمة التشرد إذا لم يتم إنشاء حمّام ملحق بها.

وفي الغالب تصرف مياه هذه الحمامات في حفر امتصاصية سرعان ما تطفح وتفيض بين الخيام وفي الشوارع الجانبية، ما يؤدي الى انتشار الروائح الكريهة والحشرات التي تجلب الأمراض التي لا تفارق أجساد الأطفال وكبار السن.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - كتب عيسى سعد الله (الأيام)