(( فتح بِلا عاصفة)) وذكرى الإنطلاقة ..!/منذر ارشيد

 لقد أعلنت فتح عن إنطلاقتها برصاص قوات العاصفة  وكانت العاصفة هي أول ما عرفه العدو من خلال بركانه الذي ثار بعد طول إنتظار , وقد حمل البيان الأول الذي أعلن قيام ثورة فلسطينية إسم (العاصفة ), وليس هناك فرق بين فتح والعاصفة , فهما إسمان لحركة واحدة , ولكن الفرق أن العاصفة هي الفعل الميداني الذي عصف لأول مرة في الكيان الغاصب وأثر به من خلال تضحيات أبطال نذروا أنفسهم من أجل الحرية فدفعوا من أرواحهم وحياتهم ولم يقبضوا أي ثمن لأن جل غايتهم النصر أو الشهادة


أما فتح فما زال فيها من أبنائها المناضلين الأوفياء " وكما فيها الكثير من المتسلقين الأشقياء


 الذين قبضوا بدون أن يدفعوا شيئاً يُذكر


 


في ذكرى الإنطلاقة أتحدث بكل فخر عنها فهي حركتي التي انتميت لها وعرفت معنى الكرامة والحرية من خلالها , ولدي من المفردات والشعارات ما يمكنني أن أكتب عنها الكثير, فهي ماضٍ عريق أعيشه بكل جوارحي,


نعم هذه فتح كما أعرفها   والتي يكاد يمر عليها نصف قرن..  ونصف قرن من الزمان ليس بقليل في حساباتنا نحن البشر وخاصة نحن الفلسطينيين إذا حسبناها منذ أن تم احتلال فلسطين.!


أتحدث عن فتح اليوم بكل صراحة ووضوح مع كل مشاعر الألم .


 


أما الفتحاويين وخاصة الشبيبة الناشئة أو  المتجددين الذين لم يعيشوا الفترة الذهبية التي كان فيها العطاء والفداء لأجل الوطن فقط وليس لأجل فتح  ,  إلى أن بدأ العد التنازلي بعد أن  وصلت إلى القمة في فترة ذهبية تكاد لا تتجاوز الأربع سنوات والتي توالت بعدها  النكسات منذ أحداث أيلول و الخروج من الأردن والتمركز في لبنان ومن ثم الخروج من بيروت فتونس وأخيراً إلى أرض الوطن


وعندما أقول المتجددون فلا أنتقص من حقهم ولا حجمهم وهم يشكلون الرافد القوي لهذه الحركة على مر السنين ولولاهم لما كانت فتح بهذا العدد الكبير وهؤلاء يشكلون ضمانة المستقبل لحركة كانت رائدة وقائدة ومتجددة , فمنهم مئات الشهداء أيضاً وآلاف الأسرى وهم الوقود الذي جدد لفتح رونقها مع الإنتفاضة الأولى والثانية وقد سجلوا أسمائهم بأحرف من نور .


 


ولكن عندما يكتب البعض في هذه الذكرى وقد قرأنا الكثير مع بداية كل عام في ذكرى الإنطلاقة لكتاب منهم من  يكرر نفس الكلام كل عام, وكأنه يضع إسطوانة لأغنية لها مناسبتها مثل أغنية


(ست الحبايب) في عيد الأم  , أو أغنية ( أدي الربيع) بمناسبة الربيع , وهؤلاء الكتاب يتحدثون عن فتح بلغة التأليه والتقديس وكأنها صنم للعبادة , ولا يدركون حجم المسألة وقيمتها الوطنية والنضالية وحتى الإنسانية  , هؤلاء يتحدثون عنها برومانسية وبعبارات منمقة يتسابق البعض لإضفاء عبارات مستحدثة ليثبت ولائه وإنتمائه لهذه الحركة , دون إبداء أي نقد أو أي إشارة لما وصلت إليه الحركة من تراجع وكوارث , وهؤلاء منهم من يريد أن يبقى في السليم مع طبقة المتسلقين والفاسدين الذي هم أصحاب الحظوة من المتنفذين  ,  ولا أريد أن أتهم أحد بالإنتهازية بقدر ما أعتب  عليهم وأقول لهم أنتم تضروا بالحركة جراء مداراتكم وتملقكم وعدم إظهار الحقائق


  بإختصار فتح  حركة رائدة قامت بما قامت به من خلال أبطال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .. وهناك من بدلوا تبديلاً كبيراً للأسف .


 


وعندما نكتب نحن لا نكتب بوازع الشماتة أو الإنتقام  , فكيف لي أنا مثلا ً أن أشمت وأنتقم من حركة ما زالت في وجداني ودمي وروحي وأنا أعيش على ذكراها وأفتخر أمام أبنائي بأني كنت من أوائل أبنائها ..! وعندما ننتقد ونشرح الوضع الذي وصلت إليه حركتنا الرائدة فنحن نتألم لا بل نبكي عليها كأم تنكر لها بعض أبنائها وتركوها تتعرض لكثير من الأذى


و كمثل أم ٍ ذهب عنها الأبناء في وقت هي بأمس الحاجة لمن يعينها ..!


ولهذا نكتب بموضوعية بعيدا ً عن العواطف التي ما عادت تؤتي أكلها


أعجبني مقال للكاتب الفتحاوي الأصيل د. محمد ناصر وهو أستاذ جامعي, يكتب من خلال تجربة تاريخية حيث واكب فتح منذ بداياتها وعاش في قواعدها وعانى مع الذين عانوا في السجون  ,كتب تحت عنوان ...


 


 


( لا تتركوا الأحداث تتدافع أيها الفتحاويون .)



وقد بدأ الأخ ناصر مقالته التي أتمنى أن يقرأها كل أبناء فتح  بهذه العبارة..وأقتبس منها الآتي ..
أول ما يصدم أعضاء حركة فتح ، عندما يتطرقون إلى أي موضوع سياسي أو تنظيمي أو فكري ، عند الحوار مع الآخر ، هو عدم قدرتهم على تحديد هويتهم بثقة واطمئنان . ويبقى السؤال الذي يلح على عضو حركة فتح دائما سؤلاً معذباً : ما هويتي ؟ ما هوية فتح ؟ وحول هذا السؤال يبدو أن هناك دائما ظلمات لا بد أن الحقيقة تعيش محجوبة مغطاة ، في مكان ما . وأول الأمور البديهية ألتي تفرض نفسها على الذهن هي أن على فتح وأعضائها أن يرون أنفسهم أولاً قبل أن يعرفون ما إذا كانوا فلسطينيين مناضلين مقاومين أم موظفين دولة أم عرباً أم مجرد أعضاء في حركة فتح وأصحاب حق في سلطة حكم .  انتهى الإقتباس


 


الحقيقة أن الأخ الدكتور ناصر إختصر كل ما يدور في الرأس  من أفكار في هذه العبارة


والتي كنت أحاول أن أجد تفسيرا ً لها أو حلاً لما آلت إليه الأمور في هذه الحركة ,لأنه بالفعل نجد أن أبناء الحركة اليوم تائهين بين الشعار والتطبيق , والكل يكتشف أن الشعار في واد والتطبيق في واد ٍ آخر , لأن الممارسة التي يمارسها البعض  بعيدة كل البعد عن مفهوم القواعد الفتحاوية التي تربت على تاريخ فتح ومبادئها


ولهذا نصرخ بأعلى صوتنا  ( أنقذوا فتح ) وللأسف ما زال هناك من يتهمنا بأننا سلبيين وسوداويين , فقط لأننا ننبه ونحذر ونستصرخ , وهؤلاء تعجبهم حال فتح وما وصلت من تردي وتفكك لأنهم مستفيدون  من هذه الحالة مثلهم كمثل الأنظمة الفاسدة في العالم العربي


وحتى لا نطيل الشرح فنختصر ونقول  إن فتح بحاجة لكل يد نظيف وقلم مستنير وعمل مخلص لتطهيرها مما علق بها من أدران ومفاسد ,وهم عدد من المنتفعين والمستفيدين فمنهم من وصل الى الثوري أو المركزية من خلال شعار (حك لي تا أحك لك )  


فمع احتفالنا بذكرى الإنطلاقة لماذا لا يكون هناك تقييم كل عام وعلى جميع المستويات


ويكون ذلك من خلال لجنة مرافبة حركية تعقد ورشة عمل تقوم بعرض منجزاتها وما قدمت وما أخرت , ويكون عقاب وثواب بأن تخفض مرتبة المخطيء ويُرفع من مرتبه المبادر.!


لأن بقاء الوضع هكذا يجمد وضع الحركة


 


نتمنى أن نرى فتح أفضل مما هي عليه الان , وليس كما كانت بالضبط لأن هذا مستحيل , فالظروف التي انطلقت خلالها فتح ليست ظروف اليوم  , ونحن لا نطلب المستحيل"  بل نطلب قليلاً من الوفاء وبعضاً من نقاء , وكثيراً من الصدق والإنتماء


أيها الفتحاويون لا تُكبروا حجركم وإرحموا فتح واعملوا على إنقاذها


أيها الفلسطينييون إدعوا الله أن تعود فتح قوية عزيزة كما كانت فهي أم الولد


والله ولي التوفيق

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت