لم يجد المواطن رمضان اشتيوي وقتاً أفضل من الوقت الراهن للشروع في بناء منزله الذي ادخر له تحويشة العمر, فبعد السنوات التي مر بها القطاع من حصار واعتداءات وحرب شنها عليه الاحتلال استنزفت ودمرت بنيته التحتية, وجمدت عمليات البناء والاعمار لان الاحتلال قد منع دخول مواد البناء للقطاع مما جعله يعاني من ركود كبير في اقتصاده وفي مجال البناء والعقارات.
أما الآن فقد تنفس القطاع ولو قليلاً من خلال ما يتم تمريره عبر الأنفاق بين قطاع غزة ومصر, من مواد ومستلزمات بناء تساعد في سد احتياجاته وإعادة ترميم مبانيه وبناه التحتية المدمرة.
توافر المواد شجعني
وأشار اشتيوي إلى محاولته بناء منزله منذ زمن ولكن غلاء أسعار مواد البناء وعدم توافرها جعلته يؤجل البناء حتى تتحسن الأسعار.
وأوضح أن توافر المواد في الوقت الحالي شجعه على بناء منزله واستغلال الفرصة كون سوق مواد البناء في القطاع متقلب في معظم الأحيان.
ويعزي مقاولين البناء في غزة الحركة الكبيرة للعمران وبناء المنازل من قبل سكان القطاع إلى توافر مواد البناء التي يتم إدخالها من الجانب المصري من "حديد واسمنت وحصمه ", مستخدمة في البناء ومناسبة أسعارها لدى المواطنين, إضافة لحاجة القطاع إلى العديد من المنازل والوحدات السكنية نظراً لتوقف حركة البناء في القطاع منذ سنوات.
ويصل سعر طن الحديد المدخل عبر الأنفاق من مصر إلى القطاع بعد عمليات نقلة وصولاً إلى الشاري لاستخدامه في البناء حوالي 3400شيقل وطن الاسمنت حوالي 520 شيقل.
وكان سكان القطاع قد لجاءوا بسبب الحصار بعدما ضاقت بهم السبل في الحصول على مواد البناء إلى إعادة استخدام الحديد من المنازل التي هدمت في الحرب وإعادة تكسير الحصمه واستخدامها مرة أخرى.
عدة عوامل
وارجع الوكيل المساعد لوزارة الأشغال العامة والإسكان للشؤون الفنية في غزة المهندس ياسر الشنطي في حديثة لمراسل وكالة قدس نت للأنباء أسباب اندفاع سكان القطاع نحو البناء والتعمير إلى عدة عوامل منها "الحاجة الكبيرة للقطاع للوحدات السكنية التي توقف إنشاءها بسبب سنوات الحصار كذلك النمو الديمغرافي للسكان, وتوافر مواد البناء بعدما منع الاحتلال دخولها للقطاع".
وأوضح أن ما يتم بناءه سيسد ولو ثغرة من حاجة القطاع الملحة للوحدات السكنية, مشيراً إلى أن هذه الحاجة دفعت بعض المواطنين للبناء في ظل أسعار خيالية وصل فيها سعر طن الاسمنت لـ2000 شيقل.
وبين أن القطاع يحتاج في كل عام إلى حوالي 13ألف وحدة سكنية في الوضع الطبيعي للزيادة السكانية, ولكن مع تراكم هذه الحاجة في ظل سنوات الحصار القائمة حتى الآن انفتحت شهية القطاع على البناء والتعمير.
وأوضح أن وزارته كانت قد وضعت العديد من الخطط والمشاريع التي تم تنفيذها في العام السابق شملت بناء حوالي 25ألف وحدة سكنية, وان فتح خط تجاري مع مصر لاستيراد مواد البناء رسمياً سيساعد كثراً القطاع في سد عجزة.
وأوضح أن "سعر الحديد في القطاع متقارب مع الأسعار العالمية كذلك الاسمنت سعره اقل من سعر المدخل من الجانب الإسرائيلي, إلا أن سعر الحصمة حتى الآن مرتفع وذلك لصعوبة إدخالها عبر الأنفاق, إلا أن الأسعار قد تتفاوت في القطاع نظراً للوضع الراهن".
وبالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض أكد الشنطي أن وزارته تسعى دائماً للحصول على تمويل لمشاريع إنشاء وحدات سكنية لهم من خلال التقسيط في أسعار المنازل في بعض الحالات.
نتيجة عجز كبير
المحلل الاقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة معين رجب أكد في حديثة لمراسل وكالة قدس نت للأنباء أن ما يشهده القطاع من حركة عمران في بناء المساكن يأتي نتيجة العجز الكبير المتراكم الذي يعاني منه, والمتمثل بالحاجة لـ100إلى120 ألف وحدة سكنية, نتيجة نمو السكان وتضاعف عددهم.
وبين أن سكان القطاع في هذه الأثناء رأو في توافر مواد البناء وإمكانية شرائها فرصة للبناء واستثمار الأموال في العقارات والشقق السكنية, موضحاً أن المستثمرين أيضاً رأو في الاستثمار بالبناء والعقارات تجارة أكثر أمناً وربحاً.
ومن الأسباب التي ذكرها رجب والتي دفعت لنمو وتزايد العمران ما خلفته الحرب على غزة من دمار واسع في البنى التحتية والمباني السكنية التي تحتاج لإعادة بناء وترميم لإيواء العائلات التي كانت تسكنها وهذا لا يتم إلا بنهضة عمرانية.
وأوضح أن الهدف الأساسي من عمليات البناء هو إشباع حاجة المجتمع والمؤسسات التي تحتاج إلى بنى عمرانية لسكنها أو مزاولة أعمالها بها, واصفاً الحركة العمرانية بالايجابية التي تصب في مصلحة الاقتصاد الفلسطيني.
ورغم حركة البناء التي كادت توصف بالطفرة في القطاع, إلا أن القطاع حسب محللون اقتصاديون يحتاج لأكثر من خمس سنوات من الاعمار حتى يسد العجز.