صور: جولة في القدس للإطلاع على مخطط مصادرة 740 دونما

 


نَظَم مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ورابطة الباحثين الميدانيين،اليوم الأربعاء، جولة ميدانية في قريتي العيسوية والطور في القدس المحتلة للإطلاع على المخطط الإسرائيلي المُسمى "الحديقة القومية 11092 أ" والذي يُصادر 740 دونما من أراضي المواطنين ويحرمهم من التوسع العمراني، وإضافة إلى تقييد حركتهم.


 


وانطلق المشاركون في الجولة، والتي ضمّت ممثلين عن هيئات دبلوماسيّة، ومؤسسات حقوقية دولية ومقدسية وقوى وطنية وباحثين ومهتمين بشؤون الاستيطان وصحفيين، من باب العامود إلى مَطلة بريّة القُدس (والتي باتت تعرف بمِطلّة الجامعة العبرية) وشجرة الخروبة المنوي اقتلاعها من أجل تنفيذ المخطط الإسرائيلي، ومن ثم إلى مشارف قرية العيسوية، وصولا إلى القرية والأراضي التي جُرفت يوم الثلاثاء كمقدمة لإقامة "الحديقة الوطنية" ، أما المحطة الأخيرة فكانت إلى خلة العين-الطور.


 


وقُدمت في المحطات التي تم زيارتها شُروحات مُفصلة عن مخطط "الحديقة القومية" وأثره على سكان الطور والعيسوية، وعن الواقع المعيشي والعمراني لأهالي القريتين، حيث المنازل المهددة بالهدم وأخرى التي هدمت وشُرد أهلها.


 


اعتراضات لعرقلة المصادرة..


ورحب في بداية الجولة رامي صالح، نائب مدير مركز القدس للمساعدة القانونيّة بالمشاركين، موضحا أنه تم تنظيم الجولة للإطلاع على خطورة وأبعاد مصادرة الأراضي من أجل إقامة ما يسمى"الحديقة القومية" على حياة الأهالي اليومية، مشددا على أهمية تقديم الاعتراضات فردية من قبل المقدسيين على مخطط الحديقة، لعرقلة المصادرة قدر الإمكان.


 


ربط جغرافي للقدس و"معالي أدوميم"..


بدوره تَحدث هاني العيساوي عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات العيسوية عن أثر المخطط على القرية، حيثُ أن مصادرة الأراضي واقامة "الحديقة القومية" يعني منع التواصل والتمدد العمراني بين القريتين، إضافة إلى مخطط استيطاني بعيد المدى وهو ربط المستوطنات الواقعة شرقي القدس"معالي أدوميم" وما حولها بالمدينة.


 


وأكد العيساوي على أن الدونمات التي ستصادر سواء في العيسوية (500 دونما) أو في الطور (250 دونما) لها أصحابها الذين يملكون كافة الأوراق والوثائق التي تثبت حقهم فيها، إلا أن ما يسمى "سلطة الطبيعة" تريد الحفاظ عليها فارغة للمحافظة على طبيعة وجمال الأراضي-كما تدعي-.


 


وقال العيساوي: تدعي السلطات الإسرائيلية أن "الحديقة القومية" ستكون مفتوحة أمام الجميع، لكن عملية التجريف واغلاق الأراضي بالأتربة التي تمت الثلاثاء تثبت وبشكل قطعي بانه سيتم اغلاق هذه الأراضي بوجه أصحابها الأصليين.


 


شجرة الخروبة..


وفي المحطة الثانية من الجولة "شجرة الخروبة" تحدث الباحث عبدالله حمدان عن الإرث الثقافي للشجرة والتي تُحاول إسرائيل اقتلاعها من أجل مخطط الحديقة، مُوضحا بان هذه الشجرة ارتبطت بسيدنا عيسى عليه السلام، ونُسبت لأنصاره العشرة، حيث كانوا يجلسون ويختبئون قربها، كما كان أهالي القرية يضيئون الخروبة بإستمرار ويضعون عليها الأقمشة من ثيابهم ويدعون الله.


 


 وقال حمدان:" تحاول إسرائيل اليوم اقتلاع هذا الإرث الثقافي والرمز المقدس من قرية العيسوية، ونحن نؤكد أهمية الحفاظ عليه ومنع المساس به."


 


معاناة متواصلة..


وعلى مشارف قرية العيسوية تحدث أحمد صب لبن عضو رابطة الباحثين الميدانيين عن معاناة سكان العيسوية من الاستيطان على مدار أعوام الاحتلال الماضية سواء بإقامة مستوطنة "التلة الفرنسية" على أراضيها أو شق شارع رقم واحد وشارع الأنفاق منها، إضافة إلى بناء مستشفى "هداسا" والجامعة العبرية وموقف للسيارات، وقال:" بالتالي لم يتبقى للأهالي سوى الجهة الجنوبية للبناء والتوسع وبعد الإعلان عن "مخطط الحديقة القومية" فإن ذلك سيحول دون التوسع العمراني، رغم وعودات البلدية من أجل التوسع الطبيعي في مساحات الأراضي هذه المهددة اليوم بالمصادرة".


 


وأضاف صب لبن أن "قرية الطور تعاني كذلك من الجدار في جنوبها، ومن شارع رقم واحد شرقها والحدائق العامة غربها."


 


وأوضح صب لبن بان عدد سكان قريتي العيسوية والطور يبلغ حوالي 45 ألف نسمة، وهم بحاجة لإقامة 2000 وحدة سكنية لاستيعاب الضائقة السكنية التي يعيشون بها.


 


وبين صب لبن بان هذا المخطط  يتناقض مع التخطيط الهيكلي الذي أجرته البلدية عبر مخطط 2020 والذي أشار إلى أن مناطق واسعة من هذه الأراضي  التي يراد مصادرتها حاليا من اجل أنشاء الحديقة كانت معدة من اجل التوسع العمراني الطبيعي لكل من قريتي العيسوية والطور اللتان تعانيان أصلا من ضائقة كبيرة في السكن.


 


وقال صب لبن إن مصادرة الأراضي ستعمل على ربط مستوطنات "معاليه أدوميم" بالقدس، عبر إضافة 3900 وحدة جديدة بين "معالي ادوميم" والقدس في مخطط E1، إضافة إلى ربط مستوطنات شمال الضفة "عناتوت"،"جيفع بن يمين ادم"،"بزاغوت"،"كوخاف يعقوب" وغيرها بشكل مباشر في القدس ضمن مخطط يراد من خلاله الحفاظ على هذه الكتل الاستيطانية تحت السيطرة الإسرائيلية والتمهيد لذلك عبر إنشاء شبكة طرق آمنة للمستوطنين وحدهم، وأخرى للفلسطينيين.


 


جزيرة معزولة بالاستيطان..


وفي قرية العيسوية تحدث درويش درويش عن الواقع المعيشي والعمراني في القرية، واهمال البلدية لاحتياجات السكان الضرورية منذ عام 1968 حتى اليوم.


 


وأوضح درويش في بداية حديثه عن مصادرة الشارع الرئيسي للقرية عام 1987 لإقامة موقف سيارات خاص لمستشفى "هداسا" و"للتلة الفرنسية" وبالتالي قامت البلدية بافتتاح شارع بديل للأهالي يفتقد الخدمات الأساسية، ولذلك اضطر الأهالي لعمل مشروع مشترك مع البلدية هو "شق مجاري" في القرية بعد إصابة العديد من السكان بأمراض مختلفة.


 


أما التعليم في القرية فأوضح درويش حاجة السكان لبناء 25 غرفة صفية، إضافة إلى بناء مدرسة ثانونية للبنين وثانية للبنات، مضيفا أن الطلبة يعانون من الاكتظاظ الشديد في الصفوف ويواجهون مشكلة عدم استيعاب المقررات الدراسية.


 


ووصف درويش قرية العيسوية بالجزيرة المحاصرة بالمستوطنات والمخططات الإسرائيلية من كافة الجهات.


 


الزواحف أحق من الإنسان..


وأوضح مفيد أبو غنام أثر مخطط "الحديقة الوطنية"على قرية الطور، حيث قال إن "قرارات مصادرة أراضي الطور هي قضية قديمة جديدة، بدأت عام 1974، حيث تسعى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مصادرة أراضي القرية، مشيرا إلى أن المجلس الاستيطاني في "معالي أدوميم" أوصى بعدم وجود أي مواطن فلسطيني على هذه الأرض لربط المستوطنات الإسرائيلية بأحياء القدس وبالبلدة القديمة.


 


ولفت إلى أن منطقة خلة العين- المنوي مصادرتها- هي المتنفس الوحيد المتبقي لأهالي الطور للبناء والتوسع العمراني، وقال إن "إسرائيل تدعي بأنها ستقيم"حديقة قومية" في المنطقة وذلك ما أعلن عنه لدى مصادرة الأراضي المبني عليها اليوم مستوطنة "جبل أبو غنيم، وبسغات زئيف".


 


وتسأل أبو غنام :" هل الزواحف أحق من الإنسان بالعيش على هذه الأرض."كما تحدث عدد من أهالي قرية الطور الذين هدمت منازلهم وأصبحوا اليوم دون مأوى على أراضيهم عن معاناتهم.


 


مناشدات ومطالبات..


وفي ختام الجولة أكد مركز القدس ورابطة الباحثين الميدانيين على أن مصادرة الأراضي هو شكل آخر لسياسات الاحتلال في عمليّة التطهير العرقي في المدينة المحتلة، حيث أن هذه الخطوة سوف تساهم بشكل غير مباشر إلى ترحيل الفلسطينيين من القدس، والحد من التوسع العمراني للأحياء الفلسطينيّة في المدينة.


 


وشددا على أهميّة إقامة خيمة اعتصام في المنطقة المراد مصادرتها، وضرورة التواجد الدائم فيها من قبل الأهالي والمؤسسات الدولية رفضاً لسياسة التطهير العرقي، إضافة إلى أهميّة أن تقدّم الاعتراضات الفرديّة من قبل الأهالي في الحيين، وأهالي القدس عامةً.


 


ودعا المركز والرابطة كافة الدول العربية والإسلامية لتحمّل مسؤوليتها تجاه حماية الشعب الفلسطيني وتحديداً في مدينة القدس وتقديم كافة أشكال الدعم له من أجل تعزيز الصمود، وحماية ما تبقى من مناطق مهددة بالتهويد.


 


وناشدا المجتمع الدولي بضرورة وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، والضغط على الحكومة الإسرائيلية كي توقف مشاريعها الاستيطانيّة في المناطق المٌحتلة عامة، والقدس خاصة.


 


كما ناشدا المركز والرابطة مؤسسات المجتمع المدني والأشخاص ذوي الضمائر الحيّة والحرّة في العالم للمساعدة في فرض مقاطعة شاملة على إسرائيل، كتلك التي طُبّقت على حكومة جنوب إفريقيا خلال فترة الفصل العنصري.


 


لمحة عن المخطط الاستيطاني..


في تاريخ 18 تشرين ثاني 2011، أعلنت سلطات الاحتلال متمثلة في البلديّة عن إيداع مخطط لإنشاء "حديقة قوميّة" على أراضي العيسويّة والطور، والمصادقة عليه يعني مُصادرة740 دونممن أراضي القريتي ، وهما  واجهتا موجات مختلفة من المصادرات منذ 1967 لما يزيد عن 12 ألف دونم، بما في ذلك أجزاء من مستوطنة "معاليه أدوميم"، والجامعة العبرية ومستشفى "هداسا"، وأراضي كل من المعسكرين في جبل المشارف وغربي العيسوية، ومساحات من الأراضي من الجهة الشرقيّة التي فصلت عن القدس بسبب جدار الفصل العنصري.


 


علما أن المشروع تم تقديمه في تموز 2009، باسم البلدية و"سلطة الطبيعة" و"سلطة تطوير القدس"، وفي كانون أول عام 2009 تم الحصول على المصادقة لاستيفاء الشروط الأولية، وفي كانون الثاني 2010 قررت اللجنة المحلية توسيع المشروع إلى الشمال والشمال الغربي بحجة ضم منطقة فيها مقابر، وفي نيسان 2010،  قامت اللجنة اللوائيّة للتنظيم والبناء بالمصادقة على إيداع المشروع للاعتراضات بمساحة740 دونم.