شبكة شباب فلسطين تنظم حلقة نقاش حول فيلم "جسد"

 


نظمت شبكة شباب فلسطين الثقافية حلقة نقاش حول فيلم "جسد" للمخرجة الفلسطينية ريتا اسحق، في قاعة المركز القومي للدراسات والتوثيق بغزة بحضور جمهور غفير من الشباب والشابات والكتاب والمثقفين والمخرجين والمهتمين بالسينما والمسرح.


 


وتحدث في اللقاء الكاتب والناقد الأدبي ناهض زقوت منسق عام شبكة شباب فلسطين الثقافية، والمخرج صلاح طافش، والإعلامي محمود روقة مدير دائرة السينما بوزارة الثقافة.


 


وبعد أن تم عرض الفيلم على جمهور الحضور، افتتح حلقة النقاش الكاتب ناهض زقوت قائلا: فيلم "جسد" من إنتاج الاتحاد العام للمراكز الثقافية وبتمويل من القنصلية البريطانية بالقدس عام 2011. وهو من الأفلام التي أثارت جدلا في المشهد الثقافي ـ الفني الفلسطيني، من حيث أن مساحة الرمز فيه أوسع من مساحة المباشرة، ويتميز بالتعبير الصامت من خلال لوحات بصرية ـ تشكلية شكلت مشاهد الفيلم.


 


وأضاف أن مخرجة الفيلم هي الشابة الفلسطينية ريتا اسحق حاصلة على بكالوريوس إعلام, تخصص إذاعة وتلفزيون, من جامعة الأقصى بغزة، وعلى العديد من الدورات في الكتابة الصحفية، وفي إنتاج الأفلام الوثائقية والتلفزيونية، وتعمل مراسلة لقناة الآن الفضائية. ونالت على العديد من شهادات التقدير والتكريم والجوائز على أعمالها الفنية.


 


وأشار زقوت أن فيلم جسد يطرح قضية اجتماعية وهي الزواج المبكر، وسلب المرأة إرادتها في اختيار حياتها ومستقبلها، ويرسم مشاهد معاناة المرأة في ظل الرجل الشرقي. وأضاف بكل الصمت التي تعبر عنه المرأة الفلسطينية أو العربية تجاه حقوقها المسلوبة اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، يقدم "فيلم جسد" في 15 دقيقة ملامحا من آليات قهر المرأة وإلغاء كينونتها كإنسانة في المجتمعات العربية. 


 


وأكد زقوت أن الفيلم مشبع بالدلالات الرمزية والإيحائية المعبرة عن اضطهاد المرأة، وتعرية ذكورية المجتمع تجاه المرأة، حيث أن السينما الصامتة تعتمد على الصورة والإيحاءات الرمزية، مع بعض الموسيقى المتدرجة حسب طبيعة المشاهد، دون الإغراق في الإبهام والغموض. 


 


وحول البناء الفني للفيلم قال زقوت: يقوم البناء الفني للفيلم على مستويين: الأول، المنولوج الداخلي أو الفلاش باك، حيث الفتاة تستعيد مسيرة حياة أمها مع أبيها. والثاني، على التداخل بين صورتين/ أو مشهدين، صورة الواقع بما يمثله من قسوة تجاه المرأة، وصورة الصحراء بما تمثله من صورة متخيلة محملة بدلالات الجفاف وانعدام الحياة والخوف، وعدم الشعور بالأمان، والجمع بين هاتين الصورتين يكتمل المشهد المعبر بإيحاءاته ودلالاته ورمزيته.


 


ويرتكز الفيلم كما أشار زقوت على ثلاث أيقونات تبقى مسيطرة على مشاهد الفيلم حتى نهايته، وهذه الأيقونات الثلاث بما تحمله من دلالات وإيحاءات رمزية، هي الكتاب ويمثل ثقافة المجتمع، وحقيبة المدرسة وتمثل الزواج المبكر، وفستان الزفاف والذي يمثل الحياة الزوجية. 


 


وفي رؤية أخرى تحدث المخرج صلاح طافش بعد أن حيا المخرجة على هذه المغامرة الفنية، وقدم تقديره للعمل والمخرجة، قال: يحسب لهذا الفيلم اللوحات الجميلة التي أبدعها التصوير وخاصة في الفضاء الصحراوي


الرملي الذي اختير ليعبر عن القهر والضياع والتوهان دون رمزية معقدة. وعن موسيقى الفيلم أضاف طافش، كان اختيار الموسيقى معبرا عن استاتيكية الأحداث، ومعبرا عن الجو النفسي العام المشحون بالتوتر والقلق، كما أنها كسرت حدة الملل وعوضت غياب عنصر التشويق.


 


وأشار طافش إلى أن ترابط السيناريو وتسلسل المشاهد جعلته يشعر بالارتباك خلال عملية الانتقال من مشهد إلى آخر. وانتقد طافش أداء الممثلين  من حيث أن للتمثيل الصامت أدواته، إلا أن أداء الممثلين افتقر إلى كم كبير من هذه الأدوات، وهذا يعود في رأيه إلى عدم توجيه الممثلين التوجيه الكافي في أدائه وحركته وإيماءاته وانفعالاته، فنجده يبالغ في احد المشاهد في حين يفتقر إلى إيماءة هنا أو شحنة انفعالية هناك تخدم التعبير والمعنى. 


 


ورغم هذا اعتبر المخرج طافش أن الفيلم تمكن من توصيل رسالته سواء على مستوى المضمون أو على مستوى الهدف إلى حد بعيد، وهذا في رأيه أهم ايجابيات فيلم جسد.


 


ومن جانب آخر تحدث الإعلامي محمود روقة منوها أن الفيلم ركز على الصورة وتفاصيلها بشكل أساسي، واستطاعت المخرجة أن تجسد فكرتها ورؤيتها من خلال مشاهد الفيلم، وأضاف بان المخرجة كان لديها القدرة على تجسيد عنوان الفيلم من خلال تعابير الجسد والحركة.


 


ورغم قوة مضمون الفيلم إلا أن بعض المشاهد لم تخلو من الضعف، وهذا كما يقول روقة يعود إلى حداثة التجربة، ويشير إلى بعض هذه المشاهد فيقول: ثمة علامة استفهام على الصحراء، حيث أننا لم نلاحظ وجود للصحراء بقدر ما هي إلا تلة رملية. وأضاف بان المرأة المقهورة وهي ذاهبة باتجاه الضياع ومن خلال وجودها في الصحراء، يبين المشهد أن هناك آثار أقدام، فهل هي أثار أقدام الناس أم المحيط الكائن ما بعد الصحراء، وهل المرأة ذاهبة إلى ما بعد الصحراء أم إلى الصحراء، هناك علامة استفهام لم يتمكن الفيلم من تفسيرها.


 


وأشار روقة إلى بعض المشاهد الجيدة في الفيلم التي استطاعت بها المخرجة التعبير عن رؤيتها، إلا انه انتقد الأداء التمثيلي من حيث أن الفتاة التي قامت بدور البطولة لم تكن على مستوى الأداء، كما أن ثمة ضعف في عملية تقطيع المشاهد. 


 


وأكد الإعلامي روقة بأنه ورغم بعض سلبيات الفيلم إلا أن المخرجة اقتحمت منطقة صعبة في العمل السينمائي وهي منطقة إخراج الفيلم الصامت، وهو من الموضوعات الصعبة في العمل السينمائي، وهذه خطوة تحسب لها فهي شابة وتغامر من بداية عملها في المجال الصعب، فتعد مغامرة جريئة لها. 


 


وبعدها فتح باب النقاش، فقدم العديد من المثقفين والمهتمين بالسينما والمخرجين مداخلات اثنت على الفيلم وأداء المخرجة وانتقدوا بعض سلبيات الفيلم. و قامت المخرجة بالرد على كل الانتقادات وقدمت الشكر للمتحدثين والذين قدموا مداخلات.


 


وفي ختام حلقة النقاش قدم فريق شبكة شباب فلسطين الثقافية درع تقدير وشكر للمخرجة الشابة ريتا إسحق لجهودها في خدمة المجتمع الفلسطيني على المستوى الثقافي والإعلامي والفني.