السادس والعشرين من يناير الحالي, هو الموعد النهائي للمهلة التي حددتها الرباعية الدولية "90 يوماً" لمحاولة إحياء المفاوضات بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل, في ظل لقاءات "استكشافية" تجري بين الطرفين في العاصمة الأردنية عمان ولم تحرز أي تقدم يذكر, وكالة قدس نت للأنباء حاورت المحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة حول ما بعد الـ "السادس والعشرين من الشهر الحالي".
ويرى أبو سعدة أن الجميع ينتظر موعد السادس والعشرين من يناير كموعد نهائي لإجتماع الرباعية الدولية لتتخذ موقف أكثر حسماً تجاه مماطلة وتسويف إسرائيل على طاولة المفاوضات, لأن الجانب الفلسطيني قام بما هو مطلوب منه من تقديم مقترحات جدية، فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي خاصةً مسألتي الحدود والأمن.
ويوضح " في موضوع الحدود الجانب الفلسطيني قدم إقتراحاً بدولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس على أساس تبادل للأراضي بنسبة 2%, وفي نفس الوقت قدم مقترحات فيما يتعلق بالأمن، تنص على أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة من الأسلحة الثقيلة بإستثناء الأسلحة والذخيرة المستخدمة للأمن الداخلي, وأن القيادة الفلسطينية لا مانع لديها من وجود قوات دولية ترابط على حدود الضفة الغربية مع الأردن كي تسحب المبررات الإسرائيلية من الأخطار الخارجية التي يمكن أن تهدد الأمن الإسرائيلي في المستقبل.
ويشير المحلل أبو سعدة إلى أنه "حتى هذه اللحظة نتنياهو لم يقم إلا بعرض مجموعة من النقاط التي عرضت في اللقاء الأخير بين الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي, الأردن وهو راعي اللقاءات الإستكشافية مستاء من الموقف الإسرائيلي, وحتى الملك عبدالله الثاني ملك الأردن قال إن التقدم الذي حدث هو تقدم متواضع جداً في ملف المفاوضات, فيما اعتبر الفلسطينيين النقاط الإسرائيلية نسف لقضايا الوضع النهائي, والحقوق والثوابت الفلسطينية مثل حق العودة والقدس وإنهاء المستوطنات.
وحول المطلوب من الرباعية الدولية في ظل الوضع الراهن قال أبو سعدة "المطلوب هو أن تقدم (الرباعية شيئاً إيجابياً للشعب الفلسطيني, من خلال الضغط على إسرائيل وإلزام إسرائيل بتنفيذ ما جاء في خطة خارطة الطريق من وقف وتجميد للإستيطان وإزالة للبؤر الإستيطانية غير الشرعية".
ويلفت إلى أن الوضع الدولي منشغل بقضاياه الدولية, والولايات المتحدة منشغلة بإنتخاباتها الرئاسية هذا العام, الإتحاد الأوروبي منشغل تماماً بأزمته المالية والإقتصادية, حتى الحكومات والدول العربية منشغلة بالثورات وبالربيع العربي, وهناك حكومات تتخوف من وصول هذه الثورات إلى بلدانها, وهذا أثر بشكل سلبي على القضية الفلسطينية ولذلك تدخل الأردن ورعايته لهذه المفاوضات "الإستكشافية" جاء من باب سد الفراغ الذي حدث على المستوى الدولي والإقليمي.
ويوضح أبو سعدة بانه لا يمكن لهذه المفاوضات أن تستمر لأنها أصبحت مفاوضات من أجل المفاوضات, ما لم تلتزم إسرائيل بوقف الإستيطان والقبول بمرجعية الدولية على أساس حل الدولتين والأرض مقابل السلام, وقال " لا يمكن لهذه اللقاءات أن تستمر, وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه إسرائيل وتجاه حقوق شعبنا الفلسطيني وثوابته".
ويقول أبو سعدة "يبدو أن هذه المفاوضات سوف تستمر أكثر من المتوقع كي يتم إستكشاف الموقف الإسرائيلي ونية إسرائيل بشكل جدي تجاه المفاوضات", مضيفا "ولكن ما لم يكن هناك إلتزام إسرائيلي بإيقاف الاستيطان, ستكون هذه اللقاءات والمفاوضات مضيعة للوقت لأن إسرائيل تستغلها من أجل تكريس حقائق جديدة على أرض الواقع تجعل من قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة أمر غير ممكن مع هذه النشاطات الإستيطانية وإجراءات تهويد القدس والجدار العازل وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية".
وحول الموقف المتوقع من اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب نهاية الشهر الحالي لبحث ملف المفاوضات مع إسرائيل بعد 26/يناير, يعتقد المحلل الفلسطيني بأن العرب سيوافقون على ما توافق عليه القيادة الفلسطينية, وقال "إذا ارتأت القيادة الفلسطينية أن هذه اللقاءات الإستكشافية يمكن أن تستمر لبعض الوقت, سيقوم العرب بدعم هذا الموقف الفلسطيني, وإذا ارتأى الرئيس عباس والقيادة أن هذه اللقاءات عبثية ومضيعة للوقت وليس لها أي مضمون إيجابي للقضية الفلسطينية, سيقوم العرب بدعم هذا الموقف الفلسطيني".
ويضيف " لو شاهدنا المواقف العربية على مستوى لجنة المتابعة العربية وعلى مستوى وزراء الخارجية العرب, لرأينا أن هناك إلتزام عربي بالمواقف السياسية الفلسطينية, وفي نهاية الأمر فهذه قضية الشعب الفلسطيني, ولا أعتقد ان القيادة العربية ستأتي بما هو مخالف لآراء القيادة الفلسطينية".
ويرى بأن القيادة الفلسطينية تدرك تماماً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ليس جدياً بالمفاوضات مع الفلسطينيين وهو فقط يريد أن يخرج من عزلته الإقليمية بعد طرد السفراء الإسرائيليين من تركيا والقاهرة, وعدم تعيين سفير إسرائيلي جديد في الأردن, بهذا فإن إسرائيل تريد أن تخرج من هذه العزلة الإقليمية والدولية من خلال اللقاءات والمفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
ويوضح بأنه يتوجب على القيادة الفلسطينية أن تقرر الآن إذا ما كانت هذه اللقاءات جدية أم لا, معتبرا بانه يتوجب الآن محاصرة إسرائيل إقليمياً ودولياً والذهاب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لإدانة إسرائيل على إجراءاتها العدوانية, ومحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب التي اقترفتها بحق الشعب الفلسطيني, والاستيطان بحد ذاته هو جريمة حرب تتناقض مع إتفاقية جنيف الرابعة.