حركة فتح: مستقبل غامض/ مصطفى إبراهيم

بقلم: مصطفى إبراهيم

 


في ظل الحديث عن الانتخابات والحماس الذي يبديه الرئيس محمود عباس لإجرائها في موعدها في شهر أيار القادم لا يخفي كثيرين من أعضاء حركة فتح في قطاع غزة قلقهم وخوفهم الشديدين من المستقبل الغامض للحركة ومن الحال التي وصلت إليه، وعدم وجود بصيص أمل في لملمة الحركة لجراحها، واستعادة قوتها، وهم غير مطمئنين للقيادة ويتهمونها بأنها السبب الرئيس فيما وصلت إليه الحركة من ضعف ووهن.


ويشككون في قدرة الحركة على خوض الانتخابات في قائمة واحدة يجمع عليها الكل الفتحاوي، في ظل غياب الديمقراطية في ظل القيادة المتنفذة للحركة، ويتحدث هؤلاء بمرارة شديدة عن ما يدور من صراع داخلي وغياب الوحدة التنظيمية الداخلية وإهمال القيادة لهم ولمشكلاتهم، ولا ينكر هؤلاء حال الاشتباك والاستقطاب و حال الشرذمة، وتغييب للعديد من القيادات التي لا يراد لها أن تشارك في إعادة بناء حركة فتح.


أزمة حركة فتح أزمة كبيرة وحقيقية وتاريخية وقد جاءت السلطة لتعمقها، والتي ساهمت في إفسادها. والأسباب الحقيقة للأزمة ذات ابعاد داخلية وأخرى إقليمية ودولية، فمن الأسباب الداخلية أن حركة فتح من دون تنظيم وهو في حال من الانهيار بالرغم من انعقاد المؤتمر السادس للحركة منذ عامين وانتخاب قيادة جديدة إلا ان ذلك لم يغير من الأمور شيئ، بل أن الأمور ازدادت تعقيدا وعمق من حال ضعف الحركة وترهلها.


كما أن أوسلو كان اكبر مفسدة لحركة فتح التي تحولت من حركة تقود الشعب الفلسطيني تمتلك القدرة على تمويل ذاتها عبر مؤسساتها المالية إلى مجرد جهاز في السلطة تتلقى مصروفاتها من السلطة مثلها مثل أي جهاز امني في السلطة، وفقدت قوتها وتأثيرها في الجماهير الفلسطينية، ولم تستطع المبادرة إلى فعل نضالي حقيقي في ظل اشتراطات اوسلو ورهانات كثيرين عليها وباتت أسيرة للسلطة والحفاظ عليها.


فحركة فتح ما زالت أسيرة تجربتها في السلطة، ولم تستفد من تجربة حكمها وسيطرتها على مقاليد الحكم خلال سنوات التسعين من القرن الماضي، وهذا ما يجري الآن في الضفة الغربية، وهي لا تزال تفتقد إلى الرؤية في ما يتعلق ببرنامجها، هل تستمر في النهج الذي يقوده الرئيس محمود عباس؟ أما تعود الحركة إلى الجذور ومبادئها التي من اجلها انطلقت من أجل تحرير فلسطين بكافة أشكال النضال.


وبالإضافة إلى العامل التاريخي وان الحركة هرمت، وفي ظل غياب الرمز النضالي عجل من أسباب تعميق الأزمة، فهؤلاء يحملون الرئيس محمود عباس المسؤولية، وانه لا يمثل الرمز لحركة فتح والشعب الفلسطيني، وانه لا يمتلك صفات القائد الرمز، بالإضافة إلى انه يتحمل المسؤولية عن أزمة الحركة، ففي عهده أصيبت حركة فتح بعدة انتكاسات بدءا من الفشل في الانتخابات المحلية مرورا بالانتخابات التشريعية إلى الانقسام السياسي والخروج من غزة.


وهو يساهم من خلال استمراره في نهج التسوية غير المجدي بالتعجيل في انهيار الحركة واستبعادها من المشاركة في قيادة الشعب الفلسطيني، ويتساءل هؤلاء هل أن الرئيس لا يدرك أن رأس حركة فتح مطلوب إسرائيلياً وأمريكياً؟ والهدف تفريغها من محتواها الوطني والاستمرار في انخراط حركة فتح في سلطة لا تمتلك من أمرها سوى توفير الغطاء لعدد من المستفيدين من السلطة والحفاظ على مصالحهم.


في ظل ذلك ستشهد الانتخابات إذا ما أجريت في موعدها أو حتى تم تأجيلها لعام آخر انتقاما شديدا من أبناء الحركة ضد الحركة سيكون أقسى وأسوأ من الانتقام الذي جرى في الانتخابات التشريعية في العام 2006، عندما صوتت أعداد كبيرة جدا من المقربين لفتح لحركة حماس، وسيزيد ذلك من تشظي الحركة وتفتتها بشكل كبير جدا يصعب على أي قيادة لملمة ما تبقى منها.


وعليه يجب تغليب المصلحة الوطنية لدى قيادة حركة فتح وأعضاءها واستخلاص العبر، والتخلص من عقلية الثأر والانتقام، والمشاركة في بناء حركة فتح التي تعتبر ضرورة وطنية وهي العمود الفقري للحركة الوطنية وتعافي الحركة الوطنية مرتبط بتعافي حركة فتح.


 اذ تنبع أهمية حركة فتح وتعافيها لخدمة المشروع الوطني، وعلى حماس ان تدرك أيضاً ان إعادة بناء حركة فتح القوية على أسس كفاحية تؤسس لشراكة حقيقية لاستكمال المشروع الوطني الذي لا يمكن لفتح وحدها أو حماس وحدها ان تحققه، وأي شيئ غير ذلك هو وهم غذاه الانقسام ويدفع الشعب الفلسطيني وقضيته أثماناً باهظة جراؤه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت