حكاية الحاجة ( أم نبيل مرتجى ) هي واحدة من الحكايات التي تعتصر لها القلوب ألماً وحزناً ، ولربما تكون هي الأقسى والأكثر ألماً من بين عشرات الحكايات والقصص المشابهة لأمهات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
أم نبيل التي وافتها المنية ، اليوم الأحد، في منزلها الواقع في حي عسقولة شرق مدينة غزة انتظرت بفارغ الصبر سنوات طويلة تجاوزت الـ 18 عاماً دون أن تتمكن من رؤية وجه نجلها الأول الأسير سمير حسين غانم مرتجى ( 42 عاماً )، و9 سنوات حرمت خلالها من رؤية نجلها الثاني الأسير فادي ( 36 عاماً).
ويقول الأسير السابق، الباحث المختص بقضايا الأسرى عبد الناصر فروانة إن الحاجة أم نبيل:"رحمها الله تمنت عودة نجليها إليها ورؤيتهما واحتضانهما دون قضبان وقيود قبل أن تفارق الحياة ، لكنها رحلت دون أن تتحقق أمنيتها ... رحلت ورحل من قبلها زوجها فيما ( لا ) يزال نجليها في سجون الاحتلال الإسرائيلي بانتظار رحيل السجان .
وأشار فروانة إلى أن نجلها الأول الأسير سمير هو واحد من " الأسرى القدامى " ، وكان قد اعتقل للمرة الأولى بتاريخ 18-2-1990 ، وأطلق سراح في تموز 1991 بعد أن أمضى فترة ( 17 شهراً ) في معتقل النقب الصحراوي .
وبتاريخ 29-9-1993 تزوج ، لكنه لم يمكث مع زوجته سوى لشهر واحد فقط ، حيث اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي للمرة الثانية بتاريخ 29-10-1993 بتهمة الانتماء لحركة " حماس " ومقاومة الاحتلال وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة ( 20 عاماً ) أمضى منها أكثر من 18 عاماً ، ولا تزال زوجته الصابرة تنتظر عودته بفارغ الصبر ، والتي حُرمت من زيارته منذ بدء انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000.
فيما نجلها الثاني فادي أصغر أبنائها اعتقلته سلطات الاحتلال بتاريخ 7-2-2003 من مدينة بيت لحم ، حيث كان يعمل هناك ضمن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية ، وهو متزوج وله طفلين ، وقد صدر بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة ( 16 عاماً ) أمضى منها قرابة ( 9 سنوات ) لم يرَ خلالها والديه واشقائه باستثناء شقيقه الأسير " سمير " ..
وذكر فروانة بأن الأسير سمير لم يرً أشقائه الخمسة أيضاً منذ اعتقاله قبل أكثر من 18 عاماً بسبب ما يُسمى " المنع الأمني " ، ومن ثم المنع الجماعي لعموم أهالي أسرى غزة ، لكن القيد وغرف السجن قد جمعته مع أصغر أشقائه " فادي " داخل الأسر قبل بضع سنوات في سجن نفحة الصحراوي ، ويمكثا الآن في أقسام معتقل النقب الصحراوي .
وهذا وتقدم فروانة بأحر التعازي من الأسيرين سمير وفادي مرتجى وأشقائهما نبيل ومحمد وناصر وهاني وعموم عائلة مرتجى بوفاة والدتهم سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته وأن يسكنها فسيح جناته ، وأن يلهم أبنائها وذويها الصبر والسلوان.