لم يترك المواطن علي أبورزق (50عامًا) من سكان مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة، باب مؤسسة خيرية أو أهل خير إلا وطرقه، على أمل أن يجد فرصة عمل أو مُساعدة تنتشله من واقعه المؤلم، ليتمكن من الاستمرار بالعيش كأي رب أسرة يستطيع أن يوفر قوت عيشه اليومي بأمان.
المواطن أبورزق انقطعت به السُبل كـ آلاف العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الخط الأخضر، إبان اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ولكنه لم يستّسلم للواقع ويجلس كغيره ببيته ينتظر أن تُمطر السماءّ عليه ذهبًا ونقود، بل اتجه لفتح محل بيع مواد البناء ليقتات منه هو أسرته.
لم ينجح
المشروع الذي افتتحه بما توفر لديه من مال، جناه بعرق جبينه طوال سنوات عمله، فضلاً عن بيع صيغة زوجته ليُكمل بها مشروعه، قدر الله عز وجل دون أن يوفق به، ليضطر لإغلاقه وخسارة جميع الأموال التي وضعها بالمشروع وتُقدر بحوالي "7 آلاف دولار" عدا الذهب، ليقع فيما بعد فريسة أصحاب الأموال التي تراكمت عليه من جانب ، والفقر المدقع الذي غزى بيته المتواضع.
واجه أبورزق الحياة بحُلوها ومرها كما يقول لمراسل وكالة قدس نت للأنباء الذي زاره بمنزله، فبدأت الحياة ترمي به على باب مؤسسة خيرية يبحث عن عمل أو مساعدة مالية أو عينية بسيطة، كي يتمكن من توفير لقمة العيش لأكثر من 8 أفراد يعيشون في منزل لا يتعدى الـ 40 مترًا، أو باب أحد أهل الخير لنفس الغاية.
وأمام هذا الواقع المؤلم وجد نفسه أمام ناريين ، إمام توفير المال لأربعة من أبنائه الذين يدرسون بالجامعات والحافظين لكتاب الله عز وجل كاملاً، وعدد يُعاني من انحراف أو قصر بالنظر وبحاجة لعلاج وعمليات ونظارات طبية من جانب..!، وتوفير لقمة العيش اليومية أو الملابس كغيرهم من الجيران والأقارب من جانب أخر.
بيع طقم النوم!
ولم ييأس أبورزق من هذا الحال، فواصل شق طريقة تجاه البحث عن لقمة العيش بشتى الوسائل، ولكن النتيجة كما هي، سوى مساعدة عينية غير دائمة من مؤسسة خيرية، أو مساعدة مالية عينية من أهل الخير أو من قبل لجنة زكاة معسكر خان يونس، والتي بدورها وفرت له عمل بـ 500 شيقل شهريًا_كما يوضح لمراسلنا_.
ويُشير إلى أن المبلغ المذكور لا يّفي لسد احتياجات البيت من البقالة، مما دفعه لبيع طقم نومه بمبلغٍ زهيد كي يتمكن من توفير مصاريف لبيته، وبناء غرفة فوق سقف المنزل المُتآكل والآيل للسقوط بأي لحظة!، ليفصل البنات عن الشباب داخل البيت.
ويتكون منزل أبورزق من، ممر صغير أشبه بأحد شوارع المخيم الضيقة، وغرفة ينام هو وزوجته وطفلته فيها على الأرض، ويستقبل بها الضيوف أيضًا..!، ومطبخ مقابل للغرفة لا يتسع لأكثر من شخصين أن يقفوا بداخله..!، وبداخله أواني هالكة وقديمة وشحيحة بنفس الوقت، وفوق سطح المنزل غرفتين صغيرتين واحدة للبنات وأخرى للشباب، لا تتوفر بهما أدنى مقومات الحياة، وفراشهما من ثياب قديمة وتالفة!!
كما صمم درج خشبي آيل للسقوط ولا يحمل أشياء كبيرة يؤدي للغرفتين فوق السطح، وعلاوة على ذلك أثناء جلوسك بداخل ممر البيت تكاد تراه بالكامل لضيقه، وفوق كل هذا لا يتوفر غاز صالح للاستخدام، وهناك ثلاجة قديمة طالها الفقر هي ونظيرتها الغسالة التي تنتظر فرج الله لكي يُصلح خرابها، كما أن البيت يغرق بمياه الشتاء، ولا تستطيع الجلوس به بالصيف لشدة الحرارة.
ويضطر أبورزق كما يوضح لـ "قدس نت"، لشراء ملابس مستخدمة لأطفاله وأبنائه الذين يدرسون بالجامعة، في حين تقوم بعض صديقات بناته بتوفير بعض الملابس الجديدة لهن بعدما علّمن بحالتهن!، لافتًا إلى أن إبنته الصغيرة التي لا تتعدّ الـ (4سنوات) تبكي أحيانًا بعدما يصدها عندما تطلب شيقل غير متوفر بجيبه..!
وينوه إلى أن لجنة الزكاة تبرعت له بحجارة وسيراميك ليبني له غرفة صالحة، ولكن غير متوفر لديه مال لكي يجلب عامل بناء يبني الغرفة!، كما يتراكم عليه مبلغ حوالي 3 آلاف دولار من بقايا محل البناء الذي خسر به.
مطالب متواضعة
وعلى الرغم من الواقع الصعب الذي يعيشه أبو رزق وعائلته، إلا أنه لا يطمح سوى لشيء يسير يستر به نفسه وعائلته، سواء بطالة دائمة أو فرصة عمل تدُر دخلاً يوفر العلاج لأبنائه ومصاريف الدراسة وإصلاح منزله أو بناء غيره، وإما مشروع صغير داخل مخزن صغير فارغ يقع بمنزله.
وتقول زوجة أبورزق التي لا يختلف لسان حالها كثيرًا عن زوجها: " بيتنا غير مُريح ولا يتوفر به أدنى مقومات الحياة، وبارد جدًا بالشتاء ويغرق بالماء، وحار جدًا بالصيف لقلة النوافذ به وضيقه، وسقفه آيل للسقوط، ولا يتوفر به أثاث كباقي المنازل، كما لا تتوفر ملابس صالحة لأبنائي، ومصاريف أخرى لأزمة للبيت كـ العلاج".
وتضيف "لا نريد سوى بيت صالح يجمعنا، ومصدر دخل دائم لزوجي، لنعمر منزلنا أو نبني غيره، ونوفر أموال لعلاج أبنائي أو إجراء عمليات لهم"، مناشدة كافة الجهات المختصة للاستجابة لندائهم وانتشالهم من الحالة التي يعيشون بها.