أبو مازن : رئيساً للوزراء.../يونس الزريعي

بقلم: يونس الزريعي

لقد ارتقت حركة حماس هذا الصباح قِمَّةَ المجدِ والعطاء الوطني على أرض الدوحة ، بعد أن منحت الثقة للقائد الفلسطيني التاريخي البارز دون منازع "أبي مازن" لأن يكون رئيساً لحكومة التوافق الوطني ، التي يقع على عاتقها إنجاز أكبر مهمة وطنية معاصرة واجهتها القضية الفلسطينية ممثلة في : إنجاز مهام ملف المصالحة الوطنية المُتفَق عليها سابقاً في القاهرة ، وتشييع حقبة الانقسام الفلسطيني المرير ، وقيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان في حلكة الظلام السياسي ، وانعدام الرؤيا ، وتَبَدُّل الأولويات في المنطقة والإقليم...


 


بالأمس غادرنا بان كي مون يجرجر خيبته وفشله في إقناع حكومة الاحتلال لتقديم استحقاق بيان الرباعية في رؤيتها للامن والحدود ، وبذلك يكون قد أضاف سطراً جديداً مكرراً في سفر المفاوضات الذي بدأ في مدريد منذ عقدين من الزمن ، وانتهى باستكشاف المكشوف في عمان قبل أيام ومفاده : إن إسرائيل لا تؤمن بدولة فلسطينية مجاورة لها... ومن بعد، يذبحنا الأمين العام للأمم المتحدة عندما يقول : إن الدولة الفلسطينية لن تكون بغير المفاوضات... لقد استحى المخمورُ أن ينطق بما نطق به عريق الدبلوماسية الكوري الجنوبي...


 


ما أردت الإشارة اليه من تقديمي للحدثين السابقين هو : تحديد الوجهة السياسية لحكومة الوفاق العتيدة حتى وإن كانت من الكفاءات،، لأنه لا كفائة لشخصٍ كَبُرَ شأنَه أو صَغُر ، لا يحمل في وجدانه رؤية سياسية وطنية ، ترتقي بل وتعلو رؤيته المهنية... أو بعنى أوضح ،، "إلى أين" بعد أن فشل رأس الرباعية في أن يدين إسرائيل ، وتجرأ بوضوح أن يدين "الصين وروسيا" معا،، لموقفهما الرافض للمشروع العربي بشأن سوريا !!!


 


إلى أين ؟؟ أعيد السؤال للقائد الأعلى بعد ان طرحه علينا جميعاً قبل شهور...ما العمل بعد أن أغلقت إسرائيل كل الأبواب المتاحة للولوج لعملية سياسية ذات مغزى ؟؟؟ ماهي ادوات الحرب الاسرائيلية ضد حكومة الوحدة الوطنية؟؟؟ هل سيكون أبو مازن المسؤول الأول عن حركة حماس أمام العالم وإسرائيل؟؟؟ كيف ستجهز إسرائيل تهمة الإرهاب لأبي مازن؟؟؟ ماذا لو منعت إسرائيل الرئيس من حرية الحركة (من وإلى) الأراضي الفلسطينية؟؟؟


 


إلى أين ؟؟ لو تم محاصرة السلطة مالياً ؟؟؟ ما العمل لو استمر الجمود في العملية السياسية وتمادت أسرائيل في الاستيطان وتهويد القدس؟؟ أين نحن من المقاومة الشعبية؟؟؟ أين نحن من جاهزية غزة للدفاع عن نفسها في حال أن نفذت إسرائيل تهديداتها؟؟؟ ما هو البديل لفشل خيار حل الدولتين لشعبين؟؟ ما هي تبعات اعتماد غزة على المعابر المصرية للأفراد والبضائع؟؟؟


 


هل لدينا ما يؤذي العدو غير الشكوى والصراخ؟؟؟ كيف يمكن تحويل العلاقة بين الفصائل من التنافس والتناحر إلى التكامل والتعاون؟؟؟ كيف يمكن تجسيد مناعة الجبهة الداخلية من التدخلات الخارجية؟؟؟ كيف يمكن تطوير أدوات التعاون مع دول الثورات العربية الغارقة في همومها بما يخدم قضيتنا؟؟؟ كيف يتم تحويل طاقة الفصائل الوطنية والقوى السياسية من السعي للسلطة إلى الاشتباك الدائم مع العدو في كافة المواقع؟؟؟ كيف يمكن تعزيز صمود المواطن الفلسطيني ،، وكيف لنا ضمان وصول الدعم والخدمات له في كل الظروف...هل من أدوات نضالية جديدة يمكن إضافتها لما هو متعارف عليه من ووسائل من شأنها تعزيز قوة الذات والتقريب من الهدف؟؟؟


 


هل من أهداف معلنه وأخرى خفية ،،، وما مدى شرعية الوسائل المستعملة في تحقيقها ،، وما جدوى الجهد المبذول للسعي صوب أهداف لا تمت للاستراتيجية الوطنية بصلة...هل من استراتيجية وطنية توحد الأداء الوطني نحو الهدف ؟؟؟


 


أليست تلكم الأسئلة برسم الإجابة عليها من حكومتنا العتيدة؟؟؟ أليست الإجابة عليها هي سياسية بامتياز؟؟؟ من سيقف مع الرئيس؟؟؟ ومن سيقف في خندق العدو ليحاربه؟؟؟ هل بقي في جعبة خصوم الرئيس من الداخل الفلسطيني ما يكفي من سهام لإضعافه والنيل منه؟؟؟ المرحلة الآن تعدَّت كلمة عيب وتستوجب بديل...


 


أعرف أن لكل فصيل وحزب ميثاق،، وأعرف أيضاً بأن ميثاقهم قد يكون أحياناً أقدس من الكتب السماوية،،، وأن بعض القادة قد نسوا أي رابط يربطهم بالنظام الداخلي لأحزابهم وبات همَّهم ملاحقة الأحداث السياسية للتعبير عن الشجب والاستنكار وثبور الحال ليثبت بأنه وتنظيمه ما زال على قيد الحياة...


 


أبو ما زن عليه ما عليه ،،، وله ما له ... أما ما عليه : فهو "أنعم" من غاندي ، في صراعه ومقاومته للمستعمر.. وهو أقل جرأة من نيلسون مانديلا في مقارعته للميز العنصري والعزل القومي،، وهو لا يؤمن بأسلوب سلفه الراحل أبو عمار في الكفاح المسلح وسيلة للتحرير،،، ويرفض العنف حتى لو كان بحجر،،، وينادي بالمقاومة الشعبية الخالية من كل أنواع العنف ،،، ويؤمن بالعمل السياسي والدبلوماسي المثابر طويل النفس،،، وهو لم يحمل السلاح قط ، ولم يكن يوماً عسكرياً ، وبات بجدارة رجل السلام الأوحد الذي يؤمن به كل خصومه، ولكنهم لا يبادلونه مد اليد،،، وتلكم شهادات قد تُحسب عليه...


 


لأبي مازن أنه رجلٌ السلام ، وأنه أجرى اول انتخابات نزيهة على الأرض الفلسطينية رغم معرفته "بهزال حزبه" واحترم نتائجها ،، كما أنه منع حرباً أهلية كادت أن تكون في غزة ، وأنه حافظ على جسم السلطة الوطنية حياً ولم يتخلى عنه وعن غزة طوال مدة الانقسام المرير ... أبقى على راية فلسطين مرفوعة في كل المحافل الدولية وعزز من مكانتها... أبرم اتفاق المصالحة مع خصومه السياسيين... جدد الدماء وأعاد الحياة لحركته "حركة فتح" بصفتها راعية المشروع الوطني في مؤتمرها السادس بعد انقطاع طويل... أخيراً وثِق فيه ألدُّ الخصوم السياسين "حماس" ليكون الرئيس ذي الصفة السياسية ، ورئيس الوزراء بصفته التنفيذية ...


 


أبو مازن ، حقاً لقد أكرمك أهلك بعد ان كنت دوماً كريماً معهم،،، فاستحققت بذلك لقب القائد العظيم لشعبك ، وزعيمهم أمام العالم ،، وبلغت المجد إن وفَّيْت ما أوكلت به أو مِتَّ دونه..أما أنا فأيقنت اليوم بأن المصالحة حقيقة ، والانتخابات واقعة لا محالة ،، وبأن الأمانة في مكانها،، وبأن نصراً فلسطينياً اليوم قد حدث ،، وغداً سيعلم الجميعُ ما علمت...


ودمتم ودامت فلسطين...


 


 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت