المصالحة المجتمعية المال ليس حلاً /أ‌.عبد الجواد زيادة

نوقشت المصالحة المجتمعية‘ أثناء الحوار الوطني الفلسطيني‘ بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل‘ كضرورة وأولوية لتنفيذ اتفاق المصالحة الشاملة، وتم تشكيل لجان لوضع الحلول، والمباشرة في حصر وتصنيف الأضرار التي لحقت بالآلاف، وتعويض هؤلاء الضحايا الذين اكتووا بنار الانقسام، ودفعوا الثمن من دمائهم وأموالهم وحريتهم وكرامتهم، فالانقسام أنتج مأساة إنسانية وطنية، جسدت بالمئات من الشهداء والجرحى، مقطعي الأوصال والمهجرين قصريا، وعشرات البيوت المدمرة والمؤسسات المغلقة، والآلاف ممن عانوا الاستدعاء والاعتقال السياسي، مأساة تحتاج لمعالجة وطنية، قانونية ومعنوية ونفسية أكثر منها مادية.


 


المصالحة المجتمعية ستصطدم بالحقيقة، عند المباشرة الفعلية في عمل اللجان، مع الأطراف المتخاصمة علي الأرض، فقد يكون منطقيا التعويض المالي، لمن دمر بيته دون ضرر جسدي، وقد يسامح من تأذي بشكل غير مقصود، ومن الممكن الاتفاق علي عودة المهجرين وفتح المؤسسات، والاعتذار لكل من نال نصيبا من الأذى، اللفظي أو الاعتقال والاستدعاء التعسفي، لكن التعامل مع أهالي الضحايا، الذين فقدوا أبناءهم ليرتقوا شهداء، علي يد إخوانهم دون جرم اقترفوه، سوي أنهم لا يتبعون لفصيل الجاني، سيكون أكثر تعقيدا مما يعتقد البعض، وسيتطلب معالجات مختلفة، ترد الحقوق وتشكل صمام أمان مجتمعي، لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.


 


ملف المصالحة المجتمعية شائك، والحلول المطروحة بدفع الدية المحمدية، كما يروج البعض، لا تلبي الحد الأدنى، لمن ابتلي بفقدان عزيز، بل نري فيه استخفاف بدماء الضحايا، ومشاعر ذويهم ومحبيهم، فانا املك إدراك حسي ملموس لمشاعر هؤلاء، والغصة التي تجتاح قلوبهم، لما عانوه من آلام، فقد فقدت أخاً عزيزا في تلك المعركة القذرة، وببيتي ثلاث إصابات، لذا أعايش يوميا، بتجربتي الشخصية ومشاهدتي العينية، واعي أن الحل المطلوب، يجب أن يكون أكثر شمولا، وذو بعد وطني وقانوني، يضمن تشكيل رادع للقتلة ومرسليهم، بغض النظر عن الفصيل الذي ينتمون إليه، ويمنع تكرار استباحة الدم الفلسطيني، علي يد فلسطينية مستقبلاً.


 


علي لجان المصالحة، التي أتمني نجاح مهمتها، إدراك طبيعة المجتمع الفلسطيني عامة والغزي خاصة، الذي يفتقد إلي قيم التسامح، عندما يتعلق الأمر بالدم، دون مبرر وطني أو أخلاقي، لذا عليهم مناقشة كل ملف على حده، وتقديم الجناة ومن خلفهم إلي القضاء، ليكون الفيصل الذي يحتكم له المجتمع، فدماء أبنائنا اغلي من كنوز الأرض.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت